* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

السبت، 31 ديسمبر 2011

مسائل الإجماع في " كتاب الصيام " من كتاب المغني وغيره .

من المعلوم أن صيام رمضان ورد وجوبه في الشرع في الكتاب والسنة والإجماع وقد أجمع المسلمون على وجوبه وهو من أركان الإسلام التي وردت في حديث ابن عمر رضي الله عنه المتفق عليه ودليله من الكتاب قوله تعالى : (( ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) سورة البقرة آية 183 وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بني الإسلام على خمس شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان )) .
ومن مسائل الإجماع المتفق عليها أو التي أجمع عليها أكثر أهل العلم في هذا الباب مايلي :
1/ الصيام لدى جمهور أهل العلم هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس وبهذا قال جمع من الصحابة فهو محفوظ عن عمر وابن عباس وعطاء وغيرهم .
2/ إن رأى الناس الهلال في مساء يوم تسع وعشرين وجب عليهم الصيام اجماعاً فينبغي الحرص الشديد على اثبات الفريضة قال صلى الله عليه وسلم كما رواه الترمذي من حديث أبي هريرة : ( أحصوا هلال شعبان لرمضان ) وبالعكس إذا لم يروه فإنه لايجب عليهم الصوم إلا من كان يصوم صوماً فليصمه .
3/ السحور يكون قبل الفجر اجماعاً , قال ابن عبدالبر تعليقاً على قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) : " دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح وأن السحور لايكون إلا قبل الفجر وهذا اجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش فشذ ولم يُعرّج أحد على قوله , والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس "  .
4/ صيام يوم الشك كرهه أهل العلم واستقبال رمضان بصيان يوم أو يومين , وذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه .
5/ إن حال دون مشاهدته ــ أي الهلال ــ غيم أو قتر لايجب صيامه على الصحيح  واختيار أكثر أهل العلم وهذا قول أحمد في رواية وقول أبو حنيفة ومالك والشافعي ومن تبعهم لما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) وروي عن أحمد روايتين أخريين هما : وجوب الصيام وهي عبارة " المغني " , وكذلك أن الناس تبع للإمام إن صام صاموا وإن أفطر أفطروا .
6/ النية شرط في صيام الفرض بغير خلاف لأنها عبادة محضة فافتقرت إلى النية كالصلاة .
7/ لو فعل مايُفطر به فإن الصيام لايجزئه بغير خلاف .
8/ أجمع المسلمون بإباحة الفطر للمسافر في الجملة وللمسافر أن يفطر في رمضان بدليل الكتاب والسنة والإجماع  .
9/ الذي يباح فيه الفطر هو السفر الطويل التي تُقصر فيه الصلاة .
10/ لو دخل على مسافر شهر رمضان في السفر فهذا يباح له الفطر ولا خلاف فيه بين أهل العلم في ذلك فيما يُعلم .
11/ لو سافر في أثناء شهر رمضان ليلاً فله الفطر في صبيحة هذه الليلة وهذا قول عامة أهل العلم .
12/ لايصح لشخص أن يصوم في رمضان عن غير رمضان كنذرعليه مثلاً أو قضاء ولو صام لم يصح عن رمضان ولا غيره وهذا قول عامة أهل العلم وهو الصحيح من مذهب الحنابلة ورجحه ابن قدامة في " المغني " , وقد عُلل لذلك بأن الفطر إنما هو رخصة وتخفيف وإن لم يُرد ذلك لزم أن يأتي بالأصل وهو صيام هذا الشهر .
13/ أجمع أهل العلم على أن الفطر بما لايتغذى به أنه يحصل به الفطر لو تناوله كالبرد مثلاً حيث يعتقد بعضهم بأنه ليس بطعام ولاشراب كالحسن بن صالح الذي قال عن الذي لايتغذى به من الطعام والشراب : " لايُفطر ــ أي في الصوم ــ بما ليس بطعام ولا شراب بل حُكي عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه أنه يأكل البرد في الصوم ويقول : " ليس بطعام ولا شراب " وهو يحتجون بالبقاء على الإباحة حيث أن المحرّم هو الأكل والشرب وأما ماعدا ذلك فلا .
ولكن دل الكتاب والسنة على تحريم جميع المفطرات والأكل والشرب على العموم , وأما مانقل عن طلحة فلم يثبت كما ذكر ابن قدامة في " المغني " تحت كتاب الصيام .
14/ تجوز الحجامه أثناء الصوم على قول أكثر العلماء إلا أحمد رحمه الله واختارها صاحب " المغني " ولايفطر بالحجامة المحجوم والحاجم لما روى ابن عباس رضي الله عنهما : " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بالقاحة(1) بقرن وناب وهو محرم صائم " , وما رواه الحكم قال : " احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كرهت الحجامة للصائم " ولو قيل بالتحريم لقلنا أن الحديث رواه عبدالرحمن بن أبي ليلى يوضح المسألة وهو روايته عن رجل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين قال :" نهى رسول الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم وعن المواصلة ولم يحرمهمها ابقاء على أصحابه " وهذا الحديث صحيح على شرط مسلم والبخاري رحمهما الله تعالى كما ذكر ذلك النووي في " المجموع شرح المهذب " , وأما حديث أبي موسى الأسعري : " أفطر الحاجم والمحجوم " فهذا الحديث الصحيح أنه موقوف على أبي موسى رضي الله عنه .
15/ اذا اغتاب الصائم غيره فإنه لايفسد صومه اجماعاً وأما ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم رأى حاجماً ومحتجماً مرة يغتابان فقال " أفطر الحاجم والمحجوم " فهذه الرواية لم تثبت صحتها كما أشار إلى ذلك ابن قدامه في سِفره العظيم " المغني " .
16/ لابأس بالسواك في أول النهار في قول أكثر أهل العلم , وقد استحب بعضهم ترك السواك آخر النهار ومن هؤلاء أحمد واسحاق لقوله صلى الله عليه وسلم : " استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي " .
17/ لو كان في فيه بقية طعام فابتلعه فلا يخلو من حالتين قال بهما أكثر أهل العلم :
* أن يكون قليلاً لايتمكن من لفظه فلا يفطر به فأشبه الريق وقال في ذلك ابن المنذر : " أجمع على ذلك أهل العلم " .
* أن يكون كثيراً يمكنه لفظه فإن ابتلعه وازدرده عامداً فسد صومه وهذا قول الأكثر .
18/ لو قبّل زوجته فأمنى فإن لم ينزل فلا شيء عليه بلا خلاف وإن قبّل فأمنى فإن عليه القضاء ويفسد صومه بغير خلاف يُعلم .
19/ لابد من فساد الصوم وجود القصد والنيّة فإذا قصد الشيء فإنه يفسد صومه بالقصد ولو أنه مثلاً حصل منه أن دخل في جوفه الغبار أو تمضمض فدخل في جوفه من الماء أو صبّ في أنفه فدخل إلى حلقه كُرهاً أو قبلته امرأة بغير اختياره كُرها فأمنى فلا يُفطر بذلك كله ولا يفسد صومه بالإتفاق .
20/ متى أفطر بشيء بغير اكراه فعليه القضاء ولا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم ولأن الصوم فرضٌ وواجب عليه الأصل فلا تبرأ ذمته إلا بأدائه وذمته مشغولة به حتى يؤديه . 
21/ الذي يستقيء عمداً فهذا عليه القضاء اليوم الذي استقاء فيه ومن غصبه وذرعه القيء فلا شيء عليه وهذا قول عامة أهل العلم من السلف والخلف , قال الخطابي في ذلك : " لاأعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً " وقال ابن المنذر ايضاً : " أجمع أهل العلم على ابطال صوم من استقاء عامداً " .
22/ من ارتد عن الدين أثناء الصوم فإنه يبطل صومه ويقضي هذا اليوم الذي نطق فيه بالردة سواءً أسلم أم لم يسلم في ذلك اليوم ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم في ذلك ويدخل في هذا من نطق بالكفراستهزاء وسخرية , ومن كفر باعتقاده أو بشكه في الثوابت . 
23/ من جامع في الفرج سواء أنزل أو لم ينزل أنه يفسد صومه إذا وُجد القصد والعمد بلا خلاف . 
24/ من جامع بما دون الفرج فأنزل يفسد صومه بلا خلاف نعلمه .
25/ كل من أفسد صوماً واجباً ممن كان من المكلفين سواء كان الإفساد في رمضان أو في غيره فإن عليه القضاء وهذا قول أكثر الفقهاء سواء كفّر أو لم يكفّر , ولم يخالف في ذلك إلا الشافعي رحمه الله فإنه قال : من كفّر أو من لزمته الكفارة  لايلزمه القضاء .
26/ من كان عليه القضاء من رمضان وقضاه في غير رمضان فلا تجب الكفارة عليه لو وطئ زوجته صائماً مثلاً وهو قول جمهور أهل العلم والفقهاء ولم يقل بوجوب الكفارة عليه إذا وطئ في قضاء رمضان إلا قتادة رحمه الله تعالى فقط  .
27/ قول جمهور العلماء وفي مقدمتهم امام أهل السنة أحمد بن عبدالله بن حنبل أن كفارة الوطء في نهار رمضان ككفارة الظهار في الترتيب وهي : # عتق رقبة  # صوم شهرين متتابعين # اطعام ستين مسكيناً , فعند العجز عن واحدة ينتقل للتي بعدها  .
28/ لاخلاف في كون الشهرين متتابعين وأن الصوم داخل في الكفارة وكذلك الإطعام في الجملة .
29/ من جامع مرة أخرى قبل التكفير الأول في نفس اليوم الذي جامع فيه فإن عليه كفارة واحدة بلا خلاف .
30/ لو جامع مرة أخرى قبل التكفير الأول في يوم آخر غير اليوم الذي جامع فيه أول مرة فهذا محل خلاف : فمنهم من قال تكفيه كفارة واحدة , ومنهم من قال لاتكفيه , بل يلزمه كفارتان وهو الأقرب لشناعة جرمه إلا إذا كان يجهل الحكم ولم يُخبر به والله تعالى أعلم .
31/ لو أصبح مفطراً في أول يوم من رمضان ظناً منه في شعبان فعلم أو قامت البينة على أنه من رمضان لزمه أن يمسك بقية اليوم وهو قول عموم الفقهاء إلا ماروي عن عطاء في كونه لايمسك , قال ابن عبدالبر في ذلك : " لانعلم أحداً قال به إلا عطاء " . 
32/ الذي أفطر ولزمه أن يصوم والذي أفطر يظن عدم بزوغ الفجر وقد بزغ أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب لزم الجميع الإمساك لاُيعلم خلاف بين في هذه المسألة . 
33/ لابد أن يقضي في قول عموم أهل العلم من أكل يظن أن الفجر لم يظهر وقد ظهر , أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب . 
إلا ماروي عن عروة بن الزبير ومجاهد والحسن واسحاق أنهم قالوا : لاقضاء عليه  .
34/ للجنب تأخير الغُسل حتى يصبح ويغتسل ويتم صومه وهذا قول الفقهاء وأهل العلم جميعاً وممن قال بذلك من الصحابة : علي , وابن مسعود , وزيد بن ثابت , وأبي الدرداء ولم يُذكر أحد خالف في ذلك .
35/ الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فلهما الفطر وعليهما القضاء فقط ولا يُعلم خلاف في هذه المسألة بين أهل العلم ولأنهما بمنزلة المريض الخائف .
36/ الحائض والنفساء يفطران ويقضيان ولا يصح منهما الصوم بلا خلاف مطلقاً وأجمع على ذلك أهل العلم  .
27/ المتوفى إذا توفي وعليه صيام من رمضان فله حالتين :
ـــ  الأولى : أن يموت قبل أن يتمكن من الصيام إما لضيق الوقت وإما لعذر شرعي كالمرض والسفر أو عجز فهذا لاشيء عليه في قول أكثر أهل العلم ولم يخالف فيما ذُكر إلا قتادة وطاووس رحمهم الله فقالوا عليه الإطعام عن كل يوم مد بر أو نصف صاع من غيره والقول ماقاله أكثر أهل العلم .
ـــ الثانيه : أن يتمكن من الصيام وتُوفّى قبل القضاء فهذا عليه الإطعام عن كل يوم مسكين وهذا لاخلاف فيه وهو قول جماهير أهل العلم .
28/ يباح للمريض الفطر اجماعاً في الجمله .
29/ يباح للمسافر الفطر اجماعاً وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع ولو صام أجزأه ولكن يكره له الصيام .
30/ يجب الصوم على الغلام حين البلوغ وعلى الجارية إذا حاضت وهذا كالإجماع بين  أهل العلم  .
31/ الشهادة في دخول شوال لابد من شاهدين عدلين وهو قول جماهير أهل العلم إلا أباثور فأجاز قبول شاهد واحد والعبرة بقول الجمهور .
32/ الفطر يكون مع الإمام وتحرم مخالفته , تقول عائشة رضي الله عنها : " إنما يُفطر يوم الفطر الإمام وجماعة المسلمين " وهذا لم يُعرف لهم فيه مخالف فكان كالإجماع .
33/ يحرم صيام يوم العيد أياً كان صومه تطوعاً أو كفارة أو نذراً مطلقاً أو قضاء وأما إذا عينه بنذر ففي هذا خلاف والصحيح تحريمه ويصوم يوماً مكانه .
34/ صيام أيام التشريق تطوعاً لايصح وهو منهي عنه وهو قول جماهير أهل العلم .
35/ لاخلاف في استحباب السحور بين العلماء .
36/ أكثر أهل العلم على استحباب تعجيل الفطر لحث النبي صلى الله عليه وسلم .
37/ يكره الوصال وهو : عدم الفطر ليومين من صوم نواه وقد يدخل فيه أكثر من ذلك والكراهية قول أكثر أهل العلم .
38/ استحباب صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان وهو قول أكثر أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " ولم يخالف في ذلك من علماء المذاهب إلا ماكان من مالك ولا يُعد خلافاً لأنه قال عن صيامها بأنه يكره لئلا يختلط برمضان , وإن كان قال رحمه الله : " مارأيت أحداً من أهل الفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف وأن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ماليس منه " وقول مالك هذا أنه لم يرى أحداً من أهل العلم يصومها هذا فيه نظر لأن أهل العلم والفقه لايخبرون بصيامها وغالباً أن الصوم يكون سرا خفياً لاجلياً ظاهراً وأما كراهية أهل العلم لذلك فهذا لايُوافق عليه بل الحق بخلافه أكثر أهل العلم يستحبون صيامها ومن شاء أن يرجع إلى قول كتب أئمة المذاهب في ذلك .
39/ يستحب الفطر للحاج في يوم عرفة وهو قول أكثر أهل العلم .
40/ يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ولا خلاف في ذلك بين العلماء فيما نعلم , قال صلى الله عليه وسلم : " من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كمن صام الدهر " .
41/ ليلة القدر في رمضان بالإتفاق بين العلماء ولم يخالف في ذلك أحد وقد ورد في كتاب الله مايبين أنها في رمضان وفي السنة كذلك مايبين أنها في رمضان بل حددت بالعشر الأواخر من رمضان بل أتى تحديدها في السبع الأواخر في بعض الأخبار , وقد يطرأ على هذا قول ابن مسعود عندما سئل عن ليلة القدر فقال : " من يقم الحول يصبها " ولكن قد ورد في السنة والكتاب مايكفي في أنها في رمضان , , ,  وبالله التوفيق .


********************************************************************************************
(1) القاحة : مدينة جنوب المدينة على ثلاث مراحل من المدينه وهي بين الجحفة وقديد .

الخميس، 22 ديسمبر 2011

مسائل الإجماع في " باب صدقة الفطر " من كتاب المغني وغيره

بعد حمد الله وشكره والصلاة على نبيه الكريم نقول :
لابد أن تعلم أن أكثر فقهاء المذاهب والعلماء قديماً وحديثاً قالوا بفرضية صدقة الفطر عموماً وأنها واجبة أما من خالف في ذلك فلايؤخذ بقوله أبداً في هذه المسألة لصراحة الدليل وهو حديث ابن عمر المتفق عليه قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " , وقيل أن بعض أصحاب مالك وداوود الظاهري أنهم قالوا بسنيّة صدقة الفطر ونقل ذلك عنهم ابن عبدالبر رحمه الله ولكن قول الجماهير من أهل العلم من الأولين والآخرين على فرضيتها , ومن أجل ذلك قال اسحاق بن راهويه : " هو الإجماع من أهل اللعلم " أي في هذه المسألة .
ــ وهناك مسائل أجمع عليها العلماء في هذا الباب هي :

* الصدقة تجب في مال اليتيم ويُخرج عنه وليه في قول أكثر أهل العلم ولم يروى أحد خالف في ذلك إلا محمد بن الحسن فقط ولا عبرة بخلاف الواحد .
* قو ل أكثر أهل العلم في العبد المسلم إذا كان تحت سيد كافر فلا يجب على الكافرإخراج الزكاة عنه وهذا ورد عن ابن عقيل من الحنابلة , وأيد ذلك ابن المنذر فإنه قال : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لاصدقة على الذمي في عبده المسلم  . وقال بعضهم يجب عليه اخراجها وهو خلاف الأشهر .
* وتجب صدقة الفطر على أهل البادية وهو قول أكثر أهل العلم وقد روي عن جمع من الصحابة والتابعين منهم عبدالله بن الزبير وسعيد بن المسيب والحسن ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر , وقال بعضهم لاصدقة عليهم ومن هؤلاء الزهري وعطاء وربيعة وهو خلاف المشتهر بين أهل العلم .
* زكاة الفطر تؤدى قبل صلاة العيد وقبل الفطر بيوم أو يومين , ونقل ابن قدامة الإجماع في المغني على ذلك فقال : " وهذا اشارة إلى جميعهم فيكون اجماعاً "  .
* على السيد الذي لديه عبد آبق أو عبد مغصوب أومملوك غير مكاتب أوعبيد للتجارة دفع صدقة الفطر عنهم وهذا إذا علم أنه حي , قال ابن المنذر : " أجمع عوام أهل العلم على أن على المرء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر غير المكاتب والمغصوب والآبق وعبيد التجارة , فأما الغائب فلديه فطرته إذا علم أنه حي سواء رُجي رجعته أو أيس منها وسواء كان مُطلقاً أو محبوساً كالأسير وغيره " . وقال أيضاً : " أكثر أهل العلم يرون أن تؤدى زكاة الفطر عن الرقيق غائبهم وحاضرهم لأنه مالك لهم فوجبت فطرتهم عليه كالحاضرين " .
* إن تبرع بمؤونة انسان طيلة شهر رمضان فلا يجب عليه دفع صدقة الفطر عنه في قول أكثر أهل العلم وهو الحق وممن اختار هذا القول من الحنابلة أو أبوالخطاب , وقال بعضهم يجب عليه فطرته وهو قول كثير من الحنابلة ونص على ذلك أحمد مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم : (( أدوا صدقة الفطر عمن تمونون ))  ولكن الحق والصحيح هو الأول ولأن الأصل عدم الوجوب عليه ولا تلزمه المؤونة لأنه في حكم المتبرع فلا يجب اخراج صدقة الفطر تبعاً لذلك .
* لايجوز دفع صدقة الفطر إلى غير المسلمين لأنها زكاة فهي كزكاة المال وهو اختيار ابن قدامة ولم يخالف أحد في أن زكاة المال تدفع للمسلمين , قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن لايجزئ أن يُعطى من زكاة المال أحد من أهل الذمة " وهذا قول مالك والليث والشافعي وأبوثور , وخالف في ذلك أبوحنيفة وتبعه عمر بن ميمون وعمرو بن شرحبيل ومرّة الهمذاني فقالوا بالجواز وهو خلاف المعمول به .
* يجوز أن تعُطى في صدقة الفطر الجماعة مايكفي الواحد ولا خلاف في ذلك لأنه صرف صدقته إلى مستحقها فبرئ منها كما لو دفعها إلى واحد , ولكن الخلاف في اعطاء الواحد مايكفي الجماعه فجائز وقد ذُكر للشافعي ومن تبعه قول غريب وهو : أنهم أوجبوا تفرقة صدقة الجماعة على ستة أصناف ودفع هذه الحصة إلى ثلاثة من هؤلاء الأصناف الستة وهو قول غير معمول به وفيه مشقة كبيرة والقول المشهور والمعمول به هو الجواز وبالله التوفيق .
* لايجب اخراج صدقة الفطر عن الجنين وهو قول الأكثرية من أهل العلم ولهذا أشار ابن المنذر فقال : " كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار لايوجبون على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه " .
وذُكر رواية لأحمد رحمه الله أخرى أنها تجب لأن هذا الجنين تصح الوصية له وهذا القول ضعيف مع الأول المشتهر المعروف . والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد   ,   ,    ,      .

مسائل الإجماع في " زكاة التجارة " من كتاب المغني وغيره

من مسائل الإجماع التي ذكرها الفقهاء في هذا الباب :

* الزكاة في عروض التجارة واجبة في قول أكثر الفقهاء ونقل الإجماع ابن المنذر في ذلك فقال : " أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يُراد بها التجارة الزكاة إذا حال الحول "  والدليل على ذلك مارواه أبوداوود بإسناده عن سمرة بن جندب قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعدّه للبيع " , وأيضاً حديث أبي ذر عند الدار قطني قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( في الإبل صدقتها , وفي الغنم صدقتها , وفي البزّ صدقته ) .
ومن المعلوم أنها لاتجب في عين العروض بل في قيمتها وهذا معلوم , ومن الأدلة على هذا حديث أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال : " أمرني عمر فقال : أدّ زكاة مالك , فقلت : " مالي مال إلا جُعاب وأدم " فقال : " قوّمها ثم أد زكاتها " وقد روى هذا الإمام أحمد وأبي عبيد القاسم بن سلاّم , وهذا معلوم وهذه القصة مشتهرة بين أهل العلم ولم يُعرف لهم في ذلك مخالف .
* اعتبار الحول في الزكاة مما أجمع عليه أهل العلم ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لازكاة في مال حتى يحول عليه الحول ) .
* لو كان لديه مال معدٌّ للتجارة ولكنه لم يبلغ النصاب فزاد هذا المال حتى بلغ النصاب فإن فيه الزكاة في قول الأكثرية من الفقهاء والعلماء بل والمحدثون فيما نعلم .  والله ولي التوفيق , ,   .

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

مسائل الإجماع في " زكاة الذهب والفضة " من كتاب المغني وغيره .

بعد حمد الله وشكره والصلاة على نبيه الكريم نقول :
لابد أن تعلم أن زكاة الذهب والفضة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع .
قال الله تعالى : (( والذين يكنزون الفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ماكنتم تكنزون ))  .
ومن السنة حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة من أهل اليمن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت لها في يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال صلى الله عليه وسلم : " أتؤدين زكاة هذا " قالت  : لا قال : " أيسرك أن يسورك الله عز وجل بهما يوم القيامة سوارين من نار"  قال فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : هما لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
هذا الحديث أخرجه أبو داود  والنسائي والبيهقي كلهم من طريق خالد بن الحارث عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب به .

وقد أجمع العلماء على وجوب الزكاة فيهما بشكل عام , ومن المسائل المجمع عليها في ذلك :
* أجمع الفقهاء على أن في عشرين مثقالاً من الذهب الزكاة وفي مائتي درهم من الفضة الزكاة إلا ماذكر الخلاف فيه عن الحسن ولاعبرة إلا بالغالب الشائع المعمول به , وقال في ذلك ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الذهب إذا كان عشرين مثقالاً قيمتها مائتي درهم أن الزكاة تجب فيها إلا ماحكي عن الحسن أنه قال : لازكاة فيها حتى تبلغ أربعين وأجمعوا على أنه إذا كان أقل من عشرين مثقالاً ولا يبلغ مائتي درهم فلا زكاة فيه " وهذا قول عطاء وطاووس والزهري وسليمان بن حرب وأيوب السختياني .  
مسألة مهمة : قول عامة الفقهاء نصاب الذهب عشرون مثقالاً من غير اعتبار قيمتها  . 
* في خمس أواق من الفضة الزكاة وبالنسبة للأوقية فهي أربعون درهماً بلا خلاف .
* الذهب والفضة يُكمل به عروض التجارة النصاب لو أنه نقص عن الحد الواجب للزكاة بلا خلاف يُعلم .
* إذا تم النصاب ففيه ربع العشر ولا خلاف بين الفقهاء وأهل العلم في أن زكاة الذهب والفضة ربع العشر فقط .
* في مائتي درهم من الفضة خمس دراهم وهذا إجماع من العلماء حسب الحساب والدليل على ذلك مارواه الأثرم والدارقطني من حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( هاتوا ربع العشر من كل أربعين درهماً وليس عليكم شيء حتى يتم مائتين , فإن كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد بحساب ذلك ) .
وروى هذا الحديث أبو داوود بالإسناد من حديث عاصم بن ضمُرة والحارث عن علي 
وروي ذلك عن علي وابن عمر موقوفاً عليهم . 
* الزكاة في الركاز ــ وهو المال المدفون في الجاهلية ــ الخمس وهذا مجمع عليه بين العلماء ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( العجماء جُبار وفي الركاز الخمس ) متفق عليه . وقد خالف في هذا الحسن ففرّق بين ماوُجد في أرض العرب وأرض الحرب فأوجب في ماوجد في أرض الحرب الخمس وفيما وجد في أرض العرب الزكاة , وقد ذكر ابن المنذر ذلك , ولا عبرة بخلاف الواحد . 
* لو وجد الركاز في أرض موات ــ أي الأرض التي ليست ملكاً لأحد في عرض الصحراء والأماكن الخاليه ــ ففيه الخمس وكذلك فيما لايُعلم له مالك كالأبنية القديمة والتلال وجدران البيوت المهدمة من آثار الجاهلية وقبورهم ففيه الخمس كما أسلفنا بغير خلاف إلا ماذكر .
* لو وجد هذا المال ( الركاز) مكاتباً فهو ملك له بخلاف العبد أو الغلام فإنه لسيده ولو وجده مجنون أو صغير وذمي أوأي مسلم حر فهو له وقالوا في الصغير والمجنون : ( أنه يخرج عنهما وإليهما ) يعني في حال لايحسنون التصرف وهذا قول أكثر أهل العلم في كل ماسبق أن عليهم فيه الخمس , قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على الذمي في الركاز يجده الخمس " وهذا القول قال به الثوري ومالك والشافعي والأوزاعي وأهل العراق وأصحاب الرأي وغيرهم إلا أن الشافعي قيّد ذلك فيمن تجب فيه عليه الزكاة وعلّل لذلك بأن الركاز زكاة فلا تجب إلا على من تجب عليه بالشروط . 
* السمك ليس فيه زكاة وهذا مما أجمع عليه أهل العلم ولاعبرة بخلاف الواحد والإثنين والعبرة فقد روي عن عمر بن عبدالعزيز أنه ذُكر عنه الزكاة في السمك وروى ذلك أبوعبيد ــ القاسم بن سلاّم ــ رحمه الله عنه وقال تعليقاً على ذلك : " ليس الناس على هذا ولانعلم أحداً يعمل به " وروي عن أحمد في رواية عنه ولكن العبرة بقول الجمهور لأنه صيد فأشبه صيد البر ولا يوجد دليل من كتاب أو سنة ولا اجماع على ذلك ولا يصح قياسه على مايوجد فيه زكاة فالقول قول الجمهور في ذلك . وبالله التوفيق  , ,   .

الأحد، 18 ديسمبر 2011

قواعد فقهية وأصولية ذات أهمية في الإستدلال والتعليل .

بعد حمد الله وشكره والصلاة على نبيه الكريم نقول :
إن علم القواعد الفقهية ذو أهمية كبيرة في عصرنا هذا لعدة أمور منها :
* أن علم القواعد الفقهية يجمع الفروع والجزئيات الفقهية المتناثرة تحت قاعدة معينة وأصل واحد .
* أن تعلّم القواعد الفقهية يكون الملكة الفقهية لدى طالب العلم والمفتي وغيرهما .
* أن تعلّم هذا الفن يجعلك تلمّ بالمقاصد الشرعية .
* أن هذا الفن يفيد غير المختصين بالحصول على مطلوبهم بطريق مختصر .
* أن فهم القواعد الفقهية والإلمام بها يفيد في طلب الحق بين متبعي المذاهب الفقهية وحتى سلوك أئمة المذاهب الفقهية لطريق الحق عن طريق هذه القواعد التي يبنون عليها مذاهبهم وحتى طلاب العلم على المذهب الراجح . 
* أن في تعلّم هذا الفن كسر للجمود الذي يدعيه أعداء الشريعة في أن هذه الشريعة غير شاملة وعلى كونها غير صالحة لكل زمان ومكان كما يدعون (1) .
ومن أجل ذلك نريد ان نعدد حوالي ( 100قاعدة فقهية )  مابين كلية وفرعية ذكرها الفقهاء والأصوليون في كتبهم وهي كالتالي :
1ـ قاعدة : الأمور بمقاصدها .
2ـ قاعدة : اليقين لايزول بالشك .
3ـ قاعدة : المشقة تجلب التيسير .
4ـ قاعدة : الضرر يُزال .
5ـ قاعدة : العادة محكّمة .
وهذه هي القواعد الكلية الخمس وماعداها ففرعية وسنسردها سرداً حسب الترتيب الحرفي الألفبائي :
6ـ الإجتهاد لاينقض بمثله
7ـ الأجر والضمان لايجتمعان
8ـ إذا اجتمع المباشر والمتسبب يُضاف الحكم إلى المباشر
9ـ إذا بطل الأصل يُصار إلى البدل
10ـ إذا بطل الشيء بطل مافي ضمنه
11ـ إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع
12ـ إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما
13ـ إذا تعذّر اعمال الكلام يُهمل
14ـ إذا تعذرت الحقيقة يُصار إلى المجاز
15ـ إذا زال المانع عاد الممنوع
16ـ إذا سقط الأصل سقط الفرع
17ـ استعمال الناس حجة يجب العمل بها
18ـ الإشارات المعهودة للأخرس كالبيان باللسان
19ـ الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته
20ـ الأصل براءة الذمة
21ـ الأصل بقاء ماكان على ماكان

22ـ الأصل في الأمور العارضة العدم
23ـ الأصل في الكلام الحقيقة
24ـ الإضطرار لايبطل حق الغير
25ـ إعمال الكلام أولى من اهماله
26ـ الأمر إذا ضاق اتسع
27ـ الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل
28ـ إنما تعتبر العادة إذا اطّردت أو غلبت
29ـ البقاء أسهل من الإبتداء
30ـ البيّنة حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة
31ـ البيّنة لاثبات خلاف الظاهر واليمين لإبقاء الأصل
32ـ البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر .  وهذا أصله حديثٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم .
33ـ التابع تابع
34ـ التابع لايُفرد بالحكم
35ـ تبدّل سبب المُلك كتبدّل الذات
37ـ التصرف على الرعيّة منوط بالمصلحة
38ـ التعيين بالعُرف كالتعيين بالنص
39ـ الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان
40ـ الجواز الشرعي يُنافي بالضمان
41ـ جناية العجماء جُبار
42ـ الحاجة تُنزّل منزلة الضرورة عامّة كانت أم خاصّة
43ـ الحقيقة تُترك بدلالة العادة
44ـ الخراج بالضمان
45ـ درء المفاسد أولى من جلب المصالح
46ـ دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه
47ـ ذكر بعض مالايتجزّأ كذكر كله
48ـ الساقط لايعود كما أن المعدوم لايعود
49ـ السؤال مُعادٌ في الجواب
50ـ الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف
51ـ الضرر لايُزال بمثله
52ـ الضرر لايكون قديماً
53ـ الضرر يُدفع بقدر الإمكان
54ـ الضرورات تبيح المحضورات
55ـ الضرورات تُقدر بقدرها
56ـ العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني
57ـ العبرة للغالب الشائع لاللنادر
58ـ الغُرم بالغُنم
59ـ قد يثبت الفرع دون الأصل
60ـ القديم يترك على قدمه
61ـ الكتاب كالخطاب
62ـ لاحجة مع الإحتمال الناشئ عن دليل
63ـ لاحجة مع التناقض لكن لايختلّ معه حكم الحاكم
64ـ لاضر ولا ضِرار
65ـ لاعبرة بالظن البيّن خطؤه
66ـ لاعبرة بالتوهم
67ـ لاعبرة للدلالة في مقابلة التصريح
68ـ لامساغ للإجتهاد في مورد النص
69ـ لايتم التبرع إلا بالقبض
70ـ لايجوز لأحد أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي
71ـ لايجوز لأحد أن يتصرّف في ملك الغير بلا إذنه
72ـ لاينسب إلى ساكت قول لكن السكوت في معرض الحاجة بيان
73ـ لايُنكر تغير الأحكام بتغّير الأزمان
74ـ ماثبت بزمان يُحكم ببقائه مالم يُوجد دليل على خلافه
75ـ ماثبت على خلاف القياس فغيره لايقاس عليه
76ـ ماجاز لعذر بطل بزواله
77ـ ماحرُم أخذه حرُم اعطاؤه
78ـ ماحرُم فعله حرُم طلبه
79ـ المباشر ضامن وإن لم يتعمّد
80ـ المتسبب لايضمن إلا بالتعمّد
81ـ المرء مؤاخذ باقراره
82ـ المُطلَق يجري على اطلاقه إذا لم يقم دليل التقييد نصّاً أو دلالة
83ـ المعروف عُرفاً كالمشروط شرطاً
84ـ المعروف بين التجّار كالمشروط بينهم
85ـ المعلّق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط
86ـ الممتنع عاة كالممتنع حقيقة
87ـ من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه
88ـ من سعى في نقض ماتمّل من جهته فسعيه مردود عليه
89ـ من ملك شيئاً ملك ماهو من ضرورياته
90ـالمواعيد بصور التعليق تكون لازمة
91ـ النعمة بقدر النقمة والنقمة بقدر النعة
92ـ الوصف في الحاضر لغو وفي الغائب معتبر
93ـ الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة
94ـ يُتَحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام
95ـ يُختار أهو الشرّين
96ـ يُضاف الفعل للفاعل لاالآمر مالم يكن مُجبرا
97ـ يُغتفر في البقاء مالم يُغتفر في الإبتداء
98ـ يُغتفر في التوابع مالم يُغتفر في غيرها
99ـ يُقبل قول المترجم مطلقاً
100ـ يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان  .
وهذه مائة قاعدة ثابتة فقهياً وأصولياً فبعضها فقهي المعنى والدلالة وبعضها أصولي المعنى والدلالة وبعضها أصولي الدلالة فقي المعنى أو العكس .
ثم إن بعضها يدخل تحت قاعدة من القواعد الفقهية الكبرى وبعضها متفرّع من بعض بعض فمثال مايدخل تحت قاعدة من القواعد الفقهية :
قاعدة : لاضرر ولا ضرار  , وقاعدة الضرر يُدفع بقدر الإمكان , فإن هاتين القاعدتين تدخل تحت القاعدة الكبرى : "  الضرر يُزال " .
ومن القواعد التي تفرّع بعضها من بعض  قاعدة : " المعروف بين التجار كالمشروط بينهم " فإنها متفرعة من قاعدة : " المعروف عُرفاً كالمشروط شرطاً " . 

******************************
(1) من أراد الإستزادة فعليه بمراجعة كتاب ( الممتع في القواعد الفقهية ) للدكتور مسلم الدوسري وكتاب ( شرح القواعد الفقهية ) للشيخ أحمد الزرقاء .

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

مسائل الإجماع في باب " زكاة الزروع والثمار " في كتاب المغني وغيره .

من المسائل المجمع عليها في هذا الباب مايلي :

* من الثمار التي تجب فيها الزكاة : التمر , والحنطة , والشعير , والزبيب وهذا مما أجمع عليه أهل العلم , وقد ذكر ذلك ابن المنذر وابن عبدالبر .
* الذي يُسقى بمؤونة وكُلفة كالنواضح ومايُسمى بالدوالي فإن فيه نصف العُشر فقط ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم .
* الذي يُسقى بغير مؤونة كالذي يُسقى من المطر أو يقوم على ماء الأنهار ونحو ذلك ففيه العُشر ومثله مايشرب بعروقه أو ماكانت عروقه تصل إلى نهر أو ساقية فكذلك فيه العشر فقط وهذا معلوم عند الفقهاء .
* ماكان من الزروع والثمار منصّفاً أي ــ نصف السنة بمؤونة وكلفة ونصفها بلا مؤونة ــ ففيه ثلاثة ارباع العشر وهو قول الجمهور من أهل العلم مالك والشافعي وأصحاب الرأي ولايُعلم في ذلك خلاف فكان القول قولهم .
* " الوَسَق " : ستون صاعاً ولم يخالف في ذلك أحد , قال ابن المنذر : " وهو قول كل من يُحفظ عنه من أهل العلم " .
* مدُّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكر بعض أهل العلم فيه اجماعاً على أنه رطل وثلث قمحاً كوزناً من أوسط القمح والله أعلم بذلك .
* إذا أصابت الزرع جائحة وكان قبل الجذاذ لم يطالبوا بخرصه ولم يُطالبوا به ولكن ينبغي لهم حفظه , وقد ذكر ذلك أحمد رحمه الله , وقد قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الخارص إذا خرص الثمرة ثم أصابته جائحة  فلا شيء عليه إذا كان قبل الجذاذ " .
* يؤخذ في الزكاة الجيد والرديء من الزروع والثمار إذا كان نوعاً واحداً ولا يُعلم في هذا خلاف بين أهل العلم لأن ذلك حقٌّ للفقراء يجب على طريق المواساة , وأما إن كان أنواعاً أُخذ من كل نوع مايخصّه وهذا قول الأكثرية من أهل الفقه والعلم .
* الفرق : ثلاثة آصع ــ جمع صاع ــ  وقال بذلك أبوعبيد قال : " لاخلاف بين الناس أعلمه في أن الفرق ـ بفتح الفاء والراءـ  ثلاثة آصع " (1)  .
* يجب العشر في الأرض التي فتحت وكان قد أسلم أهلها قبل فتحها وهذا في الخارج من الأرض فيها , قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن كل أرض اسلم أهلها عليها قبل قهرهم عليها أنها لهم وأن أحكامها أحكام المسلمين وأن عليهم فيما زرعوا فيها الزكاة " .
* بالنسبة إلى غير الحبوب والثمار فإنه لايضم جنس إلى آخر في تكميل النصاب فيما عداها من الأنواع كالنقدين وعروض التجارة وهذا لاخلاف فيه  .
* بالنسبة إلى أنواع الأجناس لاالأجناس نفسها فإنه يضم بعضها إلى بعض كأنواع البر إلى بعضه وأنواع الشعير إلى بعضه فلا خلاف في ذلك بين أهل العلم .


*****************************************************************************************************
(1)  الفَرَق والفَرْق بالسكون ــ لغتان ــ فالفرق بفتح الفاء والراء وفتح الراء وسكون الراء هو ستة عشر رطلاً عراقياً كما أخبر الفقهاء أي : ثلاثة آصع جمع صاع .

السبت، 3 ديسمبر 2011

مسائل الإجماع في " زكاة الغنم " من كتاب المغني وغيره .

بعد حمد الله وشكره والصلاة على نبيه الكريم نقول :
مما ينبغي أن يُعلم أن زكاة الغنم واجبة ووجوب ذلك ثابت بالسنة والإجماع فقد أجمع العلماء على وجوب الزكاة فيها , وهناك مسائل مهمة ينبغي أن تعلمها في هذا الباب وهي مسائل أجمع عليها العلماء فمن ذلك :
* إذا بلغ نصاب الغنم أربعين رأساً وكانت سائمة أكثر العام ــ اي ترعى في البراري أكثر العام ــ أي غير معلوفة ففيها شاة واحدة , وهذا إلى عشرين ومائة من الغنم .
فإذا زادت على هذا العدد ولو واحدة ففيها شاتان إلى مائتين , فإذا زادت على المائتين ففيها ثلاث شياه وهذا مجمع عليه بين الفقهاء , وقد نقل ذلك الإجماع وبينه ابن قدامة في السفر العظيم " المغني " .
* قول أكثر الفقهاء وهي رواية عن أحمد رحمه الله أن الفرض لايتغير بعد المائتين وواحدة إلى ثلاثمائة وتسع وتسعون , فإذا بلغ أربعمائة ففيها أربع شياه فقط .
* عرف الفقهاء المشهور أن في كل مائة شاة كما ورد في الحديث .
* بالنسبة للسخال ــ صغار الغنم ــ تعدّ في الزكاة ولكنها لاتؤخذ من صاحب المال فيحسب المال جميعاً وتحسب معه هذه السخال والتيوس الصغيرة وماشابهها وهذا قول أكثر اهل العلم وقد ورد عن عمر أنه قال لساعيه : " اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم " وذهب لذلك علي رضي الله عنه أيضاً ولا يعرف لهم مخالف في فكان اجماعاً , وأما ماذهب إليه الحسن والنخعي أنهما لم يريا الزكاة في السخال حتى يحول عليها الحول فيُقال هذا في المال العام لا الزائد اليسير منه , وفعل الصحابة واجماعهم أولى فلابد من الأخذ به .

مسألة عارضة : لو كان النصاب كله صغاراً فإنه يؤخذ منه السخال وصغار الغنم وهذا على الصحيح من مذهب أحمد رحمه الله تعالى .

* ومن المسائل التي أجمع عليها العلماء : ضم الأجناس بعضها إلى بعض في الزكاة كالضأن والمعز يضمّان بعضهما إلى بعض في الزكاة , قال ابن
المنذر : " أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم على ضم الضأن إلى المعز " .
* فإن كانت سائحة الغنم في بلدان شتّى وبينهما مسافة لاتقصر فيها الصلاة أو كانت مجتمعة ضُّم بعضها إلى بعض وكانت زكاتها كالمختلطة بلا خلاف نعلمه .
أما إذا كان بين البلدين مسافة القصر فعن أحمد بن حنبل فيه روايتان : إحداهما أن لكل مال حكم نفسه يعتبر على حدته إن كان نصاباً ففيه الزكاة وإلا فلا ولا يُضم إلى المال الذي في البلد الآخر نص عليه , قال ابن المنذر لاأعلم هذا القول عن غير أحمد .
* إذا اختلطوا في غير الشائمة كالذهب والفضة وعروض التجارة والزروع والثمار لم تؤثر خلطتهم شيئاً وكان حكمهم حكم المنفردين وهذا قول الأكثرية من أهل العلم وعن أحمد رواية أخرى أن شركة الأعيان من أنواع الشركة تؤثر في غير الماشية فيضم النصيبين جميعاً حسب قول أحمد ويُخرج منهما الزكاة .
* ليس هناك زكاة في غير بهيمة الأنعام وهذا قول جماهير أهل العلم إلا أبو حنيفة رحمه الله فإنه خالف في هذا فقال بالزكاة في الخيل إذا كانت ذكوراً وإناثاً , ولكن القول ماقال جماهير أهل العلم .
* الزكاة لاتجب إلا على الحر من المسلمين وهذا قول أكثر أهل العلم ولا يُعلم في ذلك خلاف إلا ماذكر عن عطاء وأبي ثور أنهما قالا : على العبد زكاة ماله ولا عبرة بقولهم مع الجماهير من أهل العلم .
* الكافر لازكاة عليه ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم .
* لاتجب الزكاة على المكاتب والزكاة الواجبة في مال سيده .
قال ابن قدامة في المغني : " لاأعل خلافاً بين أهل العلم في أنه لازكاة على المكاتب ولا على سيده في ماله إلا قول أبي ثور " وقد ذكر ابن المنذر مثل هذا ويكفينا حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( لازكاة في مال المكاتب ) وقد روى هذا الحديث الفقهاء في كتبهم ولأن الزكاة تجب على طريق المواساة فلم تجب في مال المُكاتب كنفقة الأقارب .
ثم إنه متى عجز المكاتب ورُدّ في الرق صار ماكان في يده ملكاً للسيد لاله فإن كان نصاباً أو يبلغ بضمه إلى مافي يده نصاباً استأنف له حولاً من ملكه وزكاه ولا يُعلم خلاف في ذلك .
وإن أدى المكاتب نجوم كتابته ــ وهو المال الذي جزأه له سيده ــ لكي يسدده على أقساط ميسرة وبقي في يده نصاب فقد صار حرّاً كامل الملك فيستأنف الحول من حين عتقه ويزكيه إذا تم الحول والله أعلم .
* لازكاة في مال حتى يأتي عليه حولاً كاملاً فالحول شرط في وجوب زكاتها لايُعلم فيه خلاف وسيأتي آنفاً . 
* المال المستفاد مما يعتبر له الحول ولم يكن عنده مال سواه أو كان له مال من جنسه لايبلغ نصاباً فبلغ بهذا المال المستفاد نصاباً فإن الحول ينعقد من حينئذٍ فإذا تم حولاً فيخرج منه الزكاة وهذا معلوم بين الفقهاء .
* إذا كان عند المزكي مالاً يبلغ به الزكاة وكان له مال مستفاد آخر ففي هذا المال ثلاثة أحوال :
ــ أحدها : أن يكون هذا المال المستفاد من نمائه كأرباح التجارة وماتنتج البهائم السائمة فهذا لابد من ضمّه وجوباً إلى الأصل فيكون حولهما حولاً واحداً لايُعلم في ذلك خلاف لأن هذا نماءاً متصلاً  . 
ــ الثاني : أن يكون هذا المال المستفاد من غير جنس المال الذي له فهذا له حكم نفسه لايُضم إلى ماعنده في حول ولا نصاب فلا يضم في النصاب ولا يتبع في الحول بلا يسـتأنف به حولاً كاملاً ونصاباً جديداً إذا كان قد بلغ النصاب وهذا  القول عليه أكثر العلماء .  
وهناك قول آخر وهو أنه يزكيه حينما يستفيده وبهذا بعض الصحابة منهم عبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس ومعاوية ولهذا قال أحمد : " عن غير واحد يزكيه حين يستفيده " . ومن التابعين الأوزاعي رحمه الله فإنه ذُكر عنه أنه أوجب تزكية الثمن حينما يقع في يد من باع داره أو فرسه أو غلامه .
ولكن لابد أن يُعلم أن جمهور العلماء على خلاف هذا القول من الصحابة وغيرهم كالخلفاء الراشدين وكثير من التابعين ولهذا قال ابن عبدالبر : " على هذا جمهور العلماء والخلاف في ذلك شذوذ ولم يُعرّج عليه أحدٌ من العلماء ولا قال به أحدٌ من أئمة الفتوى " وهذا القول صحيح في أوله وليس صحيح في آخره والذي جعل ابن عبدالبر يقول ذلك من قوة هذا القول عنده ولربما لم يبلغه قول الأوزاعي هذا وقول ابن مسعود وغيرهم ولكن وهم من أئمة الفتوى ولكن القول ماقال جمهور العلماء .
* يحرم تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب بلا خلاف يُعلم .
* النية شرطٌ في أداء الزكاة لم يخالف في هذا إلا الأوزاعي عفا الله عنه فإنه قال : لاتجب النية لأنها دين ــ أي الزكاة ــ فلا تجب لها النية كسائر الديون ولكن القول هو القول الأول وهو قول جماهير العلماء .
* لايصح تعجيل زكاته قبل وجود النصاب وكماله , قال صاحب المغني : " ولايجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده كمال نصابه بغير خلاف " .
* لو اغتصب الخوارج والبُغاة الزكاة فإنها تجزئ عن صاحبها قال بذلك أحمد والشافعي وأبي ثور وحكى ذلك ابن المنذر عنهم وكذلك تجزئ إذا دفعها إلى السلطان سواء ظلم فيها أو عدل أو أخذها قهراً وغصباً لا اختياراً وهذا قول أكثر أهل العلم والصحابة فقد سأل أبو صالح السمان أبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابر بن عبدالله وأبي سعيد الخدري فقال : " هذا السلطان يصنع ماترون أفأدفع إليهم زكاتي " فقالو كلهم : " نعم "  . إلا أن أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه خالف في ذلك فقد قال في الخوارج يأخذون الزكاة على من أخذوا منه : " الإعادة لأنهم ليسوا بأئمة فأشبهوا قطاع الطرق " . 
ولكن القول ماقال جماهير العلم في ذلك ولا عبرة بخلاف الواحد بل بقول الأكثر .
* لايجوز دفع الزكاة إلى الوالدين في حال إجبار الولد على دفع الزكاة لهما , قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الزكاة لايجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يُجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم " .
* يُعطى من الزكاة كل الأقارب إلا الولد والأبوين في قول أكثر أهل العلم .
* لايجوز دفع الزكاة إلى الزوجة إجماعاً , ولهذا قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الرجل لايُعطي زوجته من الزكاة "  .
* لايجوز دفع الزكاة لكافر ولا مملوك إلا المؤلفة قلوبهم من الكفار وهذا في زكاة الأموال , قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لايُعطى من زكاة الأموال شيئاً " .
* لايوجد خلاف في أن بني هاشم لاتحل لهم الزكاة المفروضة ولا الصدقة غير المفروضه بلا نزاع .
أما موالي بني هاشم فقد قيل أنها لاتحل لهم إلحاقاً ببني هاشم في عدم جواز دفع الزكاة لهم وقول أكثر أهل العلم على جواز ذلك لأنهم ليسوا من بني هاشم في أصل النسب ولأنهم ليسوا بقرابة للنبي صلى الله عليه وسلم كسائر الناس .
* العفو عن الهاشمي وإباحة المعروف لهم وإنظار المعسرلا منهم لاخلاف بين أهل العلم في جوازه .
* سهم الفقراء والمساكين لايجوز أن يُعطى منه غني ولا خلاف في هذا بين أهل العلم .
* قول أهل العلم على استحباب عدم نقل الزكاة والصدقة من البلد التي هي به إلى بلد تُقصر في مسافة مثله الصلاة , ولكن لو خالف ونقلها أجزأته وهذا قول عامة الفقهاء . وبالله التوفيق , , ,  .  

مسائل اجمع عليها العلماء في " زكاة البقر " في كتاب المغني وغيره .

أولاً : لابد أن نعلم في هذا الباب أن صدقة البقر واجبة بالسنة النبوية وبإجماع العلماء في ذلك فقد قال أبوعبيد (1) رحمه الله : " لأعلم الناس يختلفون فيه اليوم " . أي في صدقة البقر .
ثانياً : من المسائل المجمع عليها أو التي قال بها الأكثر من العلماء :
* إن في السائمة من البقر الزكاة كما في الإبل ليس المعلوفة ولا النواضح أو المعدة للزرع , فالذي قال بالسائمة الزكاة عمّم ذلك في بهيمة الإنعام فصار هذا كالمجمع عليه
* يجب أن يُعلم أن السائمة لاتجب فيها الزكاة حتى يسومها أكثر السنة أما عدا ذلك فلا يجب الزكاة فيها كالذي يسومها بعض السنة كالشهر والشهرين ويعلفها أكثر السنة فهذا لاتجب في بهيمته الزكاة . 
* النصاب الواجب في البقر الذي قال به أكثر أهل العلم هو : أن تبلغ ثلاثين إلى تسع وثلاثين ففي هذا " تبيع أو تبيعة " وهما الذان لهما سنة , فإذا بلغت أربعين ففيها مسنّة إلى تسع وخمسين ــ والمسنّة هي مالها سنتان ــ فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى تسع وستين , فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة , وإذا زادت ففي كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنّة ــ وهذا من قول الخِرقي ــ وقوله هذا كما أسلفنا قال به أكثر أهل العلم فمنهم : الثوري والشعبي والنخعي ومالك والحسن والليث وابن الماجشون والشافعي واسحاق وأبوعبيد وأبويوسف ومحمد بن الحسن وأبوثور . إلا أبوحنيفة رحمه الله في بعض الروايات عنه أنه ذكر فيما زاد على الأربعين أنه بحسابه في كل بقرة ( ربع عشر مسنّة ) فراراً من جعل الوقص تسعة عشر , ولكن ابن قدامة قال في هذا الشأن : " وهو مخالف لجميع أوقاصها فإن جميع أوقاصها عشرة عشرة " .
* أجمع أهل العلم على أن الجواميس كالبقر في الزكاة ولا خلاف في هذا , وقد قرر ذلك ابن المنذر فقال : " أجمع كل من يُحفظ عنه من أهل العلم على هذا " وحيث أن الجواميس من جنس البقر فأدخلت فيه لأنها من جنسها كما أن البخاتي من جنس الإبل .
* أكثر أهل العلم على عدم ادخال بقر الوحش في الزكاة وهي رواية عن أحمد , وروي عن أبي بكر بن الأثرم أدخلها في الزكاة لأنه يرى أنها داخلة في اسم البقر , والحق مع الجمهور فالخطاب يتناول البقر الأهلي دون غيره . وبالله التوفيق , ,  .

*******************************************************************
(1) الذي يظهر أنه القاسم بن سلام المحدث والفقيه المعروف المولود سنة 157هـ ومدحه العلماء حتى قال اسحاق بن راهويه : " أبوعبيد أعلم مني ومن أحمد والشافعي رحمهم الله" من كتبه وتصانيفه الكثيرة كتاب ( الأموال ) توفي سنة 224هــ بمكة ــ قال ذلك البخاري ــ .  

الجمعة، 2 ديسمبر 2011

مسائل الإجماع في " زكاة الإبل " من كتاب المغني وغيره .

من المسائل التي ينبغي التنبيه لها في هذا الكتاب قبل الدخول إلى التفصيل هو :
أن تعلم أن وجوب الزكاة وإخراجها فريضة وورد ذلك في كتاب الله وسنة رسوله وإجماع أمة الإسلام كافة .
ومما ورد من المسائل المجمع عليها في زكاة الإبل أو قال بها أكثر أهل العلم مايلي : 
  
* أعظم بهائم الأنعام " الإبل " لأنها أكثر قيمة وأضخم أجساماً وهي أنفس الأموال من البهائم ووجوب زكاة الإبل مجمع عليه بين فقهاء الإسلام .
* نصاب الإبل إلى أن يبلغ عشرين ومائة مجمع عليه بين أهل العلم وهو الوارد في حديث انس عند البخاري بسنده قال :
" حدثنا محمد بن عبدالله بن المثنى الأنصاري قال : حدثني أبي قال : حدثنا ثمامة بن عبدالله بن أنس قال : أن أنساً ــ أي ابن مالك ــ حدثه : أن أبابكر الصديق رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين :
(( بسم الله الرحمن الرحيم , , ,  هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها ورسوله صلى الله عليه وسلم , فمن سألها على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعط , في أربع وعشرين فما دونها من الإبل في كل خمس شاة , فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى , فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقّة طرقة الجمل , فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة , فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون , فإذا بلغت احدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل , فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقّة , ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاري بها , فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة . . . )) الحديث وروى ذلك أبوداوود أيضاً في سننه وزاد : " وإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض إلى أن تبلغ خمساً وثلاثين فإن لم يكن هناك ابنة مخاض , ففيها ابن لبون ذكر " . هذا الزكاة في الإبل كلها متفق عليها وأما ماذكر فيها غير ذلك كالذي ذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن في خمس ٍ وعشرين من الإبل خمس شياة فلا يصح وقد بيّن ذلك ابن المنذر رحمه الله تعالى .
* من المسائل المجمع عليها أن مادون خمس من الإبل لازكاة فيه وهذا الأمر أجمع عليه المسلمون .
* الزكاة في الإبل السائمة فقط دون البهائم التي تُعلف ودون البهائم التي خصّصت للعمل هذا قول أكثر أهل العلم , ولم يخالف إلا مالك رحمه الله فإنه أوجب الزكاة في البهائم المعلوفة والبهائم النواضح ــ وهي التي تجلب الماء من الآبار ــ ولكن الدليل يخالف مالك رحمه الله .
* الخمس من الإبل السائمة فيها شاة واحدة والعشر شاتان والخمسة عشر ثلاث شياه والعشرون أربع شياه وهذا معلوم من الإجماع بالضرورة وذلك أنهم لما أجمعوا العلماء على الصدقة التي في حديث أنس علم اجماعهم على هذا تبعاً لذلك .
* ذكر ابن قدامة أن زيادة أبي داوود تلك السابقة التي ذكرت آنفاً أنها مجمع عليها أيضاً وهي : أن في الخمس والعشرين من الإبل إلى الخمس والثلاثين بنت مخاض , فإن لم يوجد بنت مخاض أُخذ ابن لبون ذكر .
* إن أخرج عن مايجب عليه سناً أعلى مثل أن يخرج بنت لبون عن بنت مخاض وحقّةٌ مثلاً عن بنت لبون فهذا لاخلاف في جوازه , وكذلك اخراج الجيد عن الرديء بشكل عام فهذا جائز وهو من باب التنافس في الخير ومن باب فعل الأفضل فلا يُعلم به بأس , , ,  وبالله التوفيق   .

مسائل الإجماع في " كتاب الجنائز " في كتاب المغني وغيره

المسائل التي أجمع عليها العلماء أو قال بها أكثر الفقهاء كثيرة وهي كالتالي :

1ــ لابد من ستر مابين السرة والركبة ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم لأن ذلك عورة وستر العورة واجب متحتم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب : " لاتنظر إلى فخذ حي ولا ميّت " ونهيه صلى الله عليه وسلم يدل على وجوب الستر للمكشوف وإلا لم ينهه صلى الله عليه وسلم عبثاً .
2ــ يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض ليس في هذه اللفائف قميص ولا عمامة ولا يزيد ولا ينقص عن الثلاث , وهذا مذهب أكثر الفقهاء , قال الترمذي رحمه الله تعالى : " والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم .
وقال بهذا القول أحمد رحمه الله والشافعي .
3ــ  بالنسبة للصبي فإنه يكفن في خرقة واحدة وإن كفن في ثلاثة أثواب فلا بأس ولا خلاف بين أهل العلم في أن ثوباً يجزئه وهذا مذهب أحمد والثوري وأصحاب الرأي ولأنه أشبه الرجل فلا بأس لو كفّن في ثلاث .
4ــ إذا خرج منه شيء بعد وضعه في أكفانه لم يجب إعادة تغسيله ولا يُعلم خلاف في ذلك .
5ــ  أكثر أهل العلم على أن المرأة تكفن في خمسة أثواب , قال ابن المنذر : "  أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب "  .
6ــ يجوز أن تكفن المرأة في شيء من الحرير , إلا أن بعض العلماء كره ذلك كراهية فقط منهم أحمد بن حنبل رحمه الله والحسن وابن المبارك واسحاق , وقد حكى ابن المنذر ذلك عنهم فقط فقال : " ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم " .
7ــ لاخلاف بين العلماء من أهل الفقه والحديث في استحباب الإسراع بالجنازة عموما .
8ــ  الأفضل للماشي أن يمشي أمام الجنازة لاخلفها في قول أكثر العلماء .
9ــ أحق الناس بالصلاة على الميت من وُصّي  بالصلاة عليه وهذا مذهب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وهو مجمع عليه بينهم وهذا مذهب أنس وزيد بن أرقم وأبي برزة وسعيد بن زيد وأم سلمة وابن سيرين , وكثير من الصحابة أوصوا آخرين أن يصلّوا عليهم فمنهم :
* أبوبكر أوصى أن يصلي عليه عمر رضي الله عنه
* عمر أوصى أن يصلي عليه صهيب
* أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد
* أبو بكرة أوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي
* عائسة رضي الله عنها أوصت أن يصلي عليها أبوهريرة
* ابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير بن العوام
* يونس بن جبير أوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك
* أبوسريحة أوصى ان يصلي عليه زيد بن أرقم , حتى أنه ورد أن عمرو بن حريث وقد كان أميراً للكوفة أراد أن يتقدم ليصلي على زيد رضي الله عنه فقال ابنٌ له : أيها الأمير إن أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم فقدم زيداً
وهذا القول هو المعمول به المشتهر والمنتشر في هذه الأمة فكان هذا اجماع .
وقد ورد قولٌ آخر في ذلك وهو : أن الولي هو أحق بالصلاة لأنها ولاية تترتب بترتب العصبات فيكون الولي فيها أولى مثل ولاية النكاح , وممن قال بهذا الثوري وأبوحنيفة ومالك والشافعي , ولكن لاعبرة في ذلك لأن قول وفعل الصحابة مقدم على غيره . 
10ــ تقديم الإمام للصلاة على الميت على غيره من الأقارب للميت يقول به أكثر أهل العلم .
11ــ لاخلاف في أنه يسر بالقراءة والدعاء في صلاة الجنازة بين أهل العلم والفقهاء .
12ــ بالنسبة لرفع اليدين في التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة لازم وهو اجماع من أهل العلم .
13ــ الذي عليه العمل وعليه عمل النبي والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هو تسليمة واحدة في الجنازة فقط وقد ورد عن ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم علي وابن عمر وابن عباس وجابر وأبي هريرة وأنس بن مالك وابن أبي أوفى وواثلة بن الأسقع .
وقال به جمع من التابعين منهم : سعيد بن جبير والحسن وابن سيرين وأبي أمامة بن سهل والقاسم بن محمد وابراهيم النخعي والثوري وابن عيينة وابن المبارك وعبدالرحمن بن مهدي واسحاق بن راهويه , بل روي عن ابن المبارك أنه قال : " من سلم على الجنازة تسليمتين فهو جاهل جاهل " .
وخالف في ذلك الشافعي وأصحاب الرأي فقالوا : المستحب تسليمتان وواحدة تجزيء واختار هذه القاضي ابن عقيل من الحنابلة وقاسوا ذلك سائر الصلوات , ولكن الحديث والسنة تخالفهم فقد روى عطاء بن السائب : " أن النبي صلى الله عليه وسلم سلمَ على الجنازة تسليمة " وقد روى ذلك الجوزجاني (1) وقال : " هذا عندنا لااختلاف فيه لأن الإختلاف إنما يكون بين الأقران والأشكال , أما إذا أجمع الناس واتفقت الرواية عن الصحابة والتابعين فشذ عنهم رجل لم يقُل لهذا اختلاف "  .
12ــ يستحب أثناء دفن المرأة تخمير قبرها بثوب ولا خلاف في استحباب هذا بين أهل العلم , ولاحظت مع الأسف أن هذه السنة مهجورة في كثير من البلدان الإسلامية .
13ــ لاخلاف بين الفقهاء أن أولى من يتولى ادخال المرأة قبرها هو محرمها زوجها أو أخوها والمحرم هو : من كان يحلّ له النظر إليها في حياتها ولها السفر معه . 
14ــ الوقت الذي اتفق عليه أكثر أهل العلم في مدة الصلاة على الجنازة هو شهر وهذا قول أكثر الصحابة وغيرهم من التابعين وتابعيهم وهذا لمن لم يصلي على الجنازة أو من فاتته الصلاة عليها .
15ــ أكثر أهل العلم على أن صلاة الجنازة لها أربع تكبيرات , قال صاحب المغني : " والأفضل أن لايزيد على أربع لأن فيه خروجاً من الخلاف " .
16ــ من خرج من بطن أمّه سقطاً ميتاً أو غير تام فإن خرج حياً واستهل فلا خلاف في الصلاة عليه , فقد قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل يصلى عليه " .
17ــ الذي يسقط من الأجنّة دون أربعة أشهر فإنه لايغسّل ولا يصلى عليه ويلف في خرقة ويدفن ولا هناك خلاف بين أهل العلم يُذكر , لكن اجتهد ابن سيرين فقال : " يصلى عليه إذا علم أنه نفخ فيه الروح " ولم يذكر جنين نُفخ فيه الروح دون أربعة أشهر "  .
18ــ يجوز للمرأة أن تغسّل زوجها بلا خلاف , فلهذا قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن المرأة تغسل زوجها إذا مات " .
ولكن الخلاف في الزوج هل يجوز له أن يغسّل زوجته  وهو مانحن بصدده .
19ــ المشهور بين الصحابة والمعمول به بين أهل العلم أن للرجل أن يغسّل زوجته وقد فعل ذلك علي رضي الله عنه وذلك عندما غسل فاطمة رضي الله عنها ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ويكفينا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة قال : " لو متّ قبلي لغسلتك وكفنتك " . وهذا القول قال به علقمة وعبدالرحمن بن يزيد بن الأسود وجابر بن زيد وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبدالرحمن وقتادة وحماد ومالك والأوزاعي والشافعي واسحاق .
وقد روي عن أحمد رحمه الله رواية ثانية قال بها أبو حنيفة والثوري أنه ليس للزوج غسلها وقالوا أن الموت فرقة تبيح أختها ــ اي أخت زوجته ــ وأبعاً سواها فحرم النظر
واللمس كالطلاق ولكن لايعمل بهذه الرواية مع وجود النص .
20ــ  ليس لغير من ذكرنا من الرجال غُسل أحد من النساء ولا للنساء غسل غير من ذكرنا من الرجال وإن كن ذوات رحم محرّم وهذا قول أكثر أهل العلم .
21ــ غُسل الطفل بالنسبة للنساء جائز لم يذكر خلاف فيه , قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة تغسل الصبي الصغير " .
22ــ  قول أكثر أهل العلم أن الشهيد إذا مات في موضعه لايغسّل ولا يصلى عليه يعني :  إذا مات في المعركة وهذا رواية في مذهب أحمد واحدة , ولم يخالف إلا بعض التابعين في ذلك منهم سعيد بن المسيب والحسن لأنهم يعتبرونه جُنباً ولا عبرة بقولهم مع فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يأمر بتغسيل من استشهد في أحد ومنهم عمه حمزة رضي الله عنه .
23ــ لاخلاف في مسألة دفن الشهيد بثيابه وهذا ثابت عن النبي حيث قال صلى الله عليه وسلم : (( ادفنوهم بثيابهم )) .
24ــ لو سقط من الميت شيء غسل مع الميّت وجُعل معه في أكفانه , فإذا بان منه شيء وهو موجود غسل وجعل معه في أكفانه وقد روى ابن سيرين : " ولا نعلم فيه خلافاً "  .
25ــ إن لم يوجد إلا بعض الميّت فإجماع الصحابة على الصلاة على البعض هو المشتهر وهذا مذهب الإمام أحمد , وقد صلى أبو أيوب الأنصاري على رِجل , وصلى عمر على عظام بالشام , وصلى أبو عبيدة على رؤوس بالشام  .
وقد روى ذلك عبدالله بن الإمام أحمد باسناده ذلك عن أبيه , ولكن روي عن أحمد أنه لايصلي على الجوارح وهو قول قديم لأحمد , وقد بين ذلك الخلّال وربما أن أحمد لم يبلغه فعل الصحابة في حينها فأفتى بخلاف ذلك , وقد روي عن أبي حنيفة ومالك أنهما قالا : إن وُجد الأكثر صلي عليه وإلا فلا وعللوا لذلك بأنه بعضٌ لايزيد على النصف فلا يصلّ عليه كالذي بان في حال حياة صاحبه فأشبه الظفر والشعر , ولكن الأولى الصلاة وفعل الصحابة مقدّم على القياس وعلى اجتهاد غيرهم .
26ــ هل يُختن الميت بعد موته إذا لم يُختن في حياته ؟
أكثر أهل العلم على أنه لايشرع فعل ذلك وذكر الإجماع ابن قدامة في " المغني " . 
27ــ تعزية الميّت مستحبة بإجماع أهل العلم , وأما مانقل عن الثوري في كونه لايستحب التعزية بعد الدفن فهو اجتهاد منه رحمه الله والحق خلافه .
28ــ يقدّم من الأموات في الصلاة عليه الرجل ثم الخنثى ثم المرأة لأن الخمثى يحتمل أن يكون رجلاً , ويقدّم الحرّ على العبد لشرفه ولأنه يقدّم عليه في الإمامة , ويقدّم الصغير على الكبير .
فلا خلاف في تقديم الخنثى على المرأة وبالنسبة لتقديم الرجل على المرأة فقد قال ابن قدامة في المغني : " لاخلاف في المذهب أنه اذا اجتمع مع الرجال غيرهم أنه يجعل الرجال مما يلي الامام وهو مذهب أكثر أهل العلم  " .
29ــ لاخلاف بين أهل العلم في جواز الصلاة على الجنائز دفعة واحدة .
30ــ أكثر أهل العلم يرون عدم الحرج في المشي بين القبور بالنعال , وقال بعضهم : " لابد من خلع النعال إذا دخل المقابر " وهذا غير مشتهر وقول الجمهور أظهر ومتعارف عليه بين المسلمين .
31ــ زيارة القبور للرجال لانعلم فيه خلاف بين أهل العلم  .
32ــ قراءة القرآن عند الميت واهداء ثوابه له أقرّه كثير من أهل العلم بل حكى الإجماع ابن قدامة رحمه الله في " المغني " قال : " ولنا ماذكرناه ــ أي جواز ذلك ــ وأنه اجماع المسلمين فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرؤون القرآن ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير "  , وقد قال بعضهم : أن الثواب يكون للقارئ لاللميت , والصحيح الأول ولأن ذلك تيسير على الناس وهو عبادة أشبهت العبادات التي تهدى للأموات كالصدقة والحج وفيه نفعٌ عظيم وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه )) والله أعلم وأحكم  وإليه الحكم المقال وعليه المعوّل والإتكال  , , ,  .  




*************************************************************************
(1) الإمام الجوزجاني هو : ابراهيم بن يعقوب السعدي المحدث العلامة وصاحب الجرح والتعديل روى عنه جمع من أهل العلم منهم الترمذي والنسائي وأبوداوود وقد نزل دمشق إلا أنه كان رحمه الله يميل مع معاوية رضي الله عنه على علي توفي رحمه الله سنة 259هـ وقد كان أحمد يجلّه .

الخميس، 1 ديسمبر 2011

مسائل مجمع عليها في " باب صلاة الكسوف والخسوف " في كتاب المغني وغيره .

من المسائل التي أجمع عليها العلماء أو قال بها أكثر أهل العلم في هذا الباب مايلي :

* صلاة الكسوف لاخلاف بين الفقهاء في مشروعيتها لأنها ثابته في سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
* بالنسبة لصلاة الخسوف أكثر أهل العلم على مشروعيتها وقد صلاها ابن عباس وبذلك قال الحسن والنخعي والشافعي واسحاق .
وأما مالك فقال : " ليس لخسوف القمر سنة " أي لم تثبت فيه سنة , وثبت عن أبي حنيفة أنه يذهب إلى أن الناس يصلون لخسوف القمر كلٌ وحده أي ليس جماعة ويصلون ركعتين ركعتين ومن قال بذلك علّل لذلك بأن خروجهم إليها فيه مشقة .
وقد حكى ابن عبدالبر عن مالك مثل ذلك .          والله من وراء القصد  ,  ,   ,    .

الإجماع فيمن ترك الصلاة في كتب الفقه من المغني وغيره .

بعد حمد الله وشكره والصلاة على النبي الكريم نقول : 

هناك عدة في هذا الباب تجدر الإشارة والتنبيه لها وهي :
* أجمع أكثر أهل العلم من الفقهاء والمحدثين أن تارك الصلاة يقتل حداً ولكنه لايحكم بكفره وهذا المجمع عليه في قول الأكثرية من العلماء وهو اختيار العالم الحبر أبي عبدالله بن بطة رحمه الله تعالى وهي رواية عن الإمام أحمد وقول أبي حنيفة ومالك والشافعي . 

* تارك الصلاة أجمع المسلمين على عدم ترك تغسيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ولا منع ورثته ميراثه ولا منعه للميراث وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : (( صلوا على من قال لاإله إلا الله ))  قال ابن قدامة رحمه الله في المغني : " فإننا لانعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة تُرك تغسيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ولا منْع ورثته ميراثه ولا مُنِع هو من ميراث مورّثه ولا فرّق بين زوجين لترك الصلاة مع أحدهما لكثرة تاركي الصلاة , ولو كان كافراً لثبتت هذه الأحكام كلها " . 
* تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها ولا خلاف بين أهل العلم بل بين المسلمين في ذلك ولو كان مرتداً أو كافراً بتركه , لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحداً ممن آمن به أن يقضي الصلوات التي فاتت قبل اسلامه   .
وبالله التوفيق , , ,  .

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

مسائل الإجماع في صلاة الإستسقاء في كتاب المغني وغيره

من مسائل الإجماع في صلاة الإستسقاء وهي قليلة جداً مايلي :

1ــ لاخلاف بين الفقهاء في أن صلاة الإستسقاء ركعتان وهذا معلوم يعرفه العامة والخاصة .
2ــ لايسن لها أذان ولا إقامة ولا خلاف في ذلك أيضاً .
3ــ صلاة الإستسقاء لاتفعل في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها بغير خلاف .
4ــ تحويل الرداء سنة ومستحب في قول أكثر أهل العلم ولم يخالف إلا في هذا إلا أباحنيفة رحمه الله وغفر له فإنه لايسن عنده لأنه دعاء فلا يستحب تحويل الرداء فيه كسائر الأدعية .
 ولكن هذه السنة واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلابد من الإتباع وترك قول الغير لسنته صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (( لقد كان في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )) سورة الأحزاب آية 21 . وبالله التوفيق , , ,    .

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

مسائل أجمع عليها العلماء في " باب صلاة الخوف " في كتاب المغني وغيره .

من الأمر المعتبرة في هذا الباب هو مشروعية صلاة الخوف وأن حكمها باقٍ بعد النبوة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الخوف وهذا تشريع له ولأمته من بعده . وقد ذُكر عن أبي يوسف  صاحب أبي حنيفة رحمه الله وتلميذه أنه قال : " إنما كانت تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : (( وإذا كنت فيهم )) " أي في صلاة الخوف , ولكن الإجماع وعمل أهل العلم على خلاف ذلك فإن التشريع للنبي صلى الله عليه وسلم هو تشريع لأمته من بعده مالم يقم دليل على اختصاصه به وإلا ألغيت كثير من الشرائع بسبب ذلك وهذا معلوم .

فمن المسائل التي اتفق عليها أكثر أهل العلم أو أجمعوا مايلي :
** لاخلاف بين أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم أنه يُقرأ فيه بالفاتحة وسورة من سور القرآن أو بما تيسر منه .
** لايجب حمل السلاح بل يسحب في قول أكثر أهل العلم وهذا قول أبي حنيفة وأكثر أهل العلم وأحد قولي الشافعي , فيحمل مايقدر على حمله وما يدفع به عن نفسه كالسيف والجوشن والسكين وغير ذلك لقوله تعالى : (( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم . . . )) سورة النساء آية 102 . ولأن الله بين سبب حمل السلاح وهو قوله تعالى : (( ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة . . . )) ولكن ينبغي له أن يتجنب إن استطاع مايمنع من السجود كالمغفر وغيره .
وبالنسبة لحمل النجاسة فلا يصح شرعاً وكذلك مايخل بأداء ركن من أركان الصلاة إلا لضرورة لايستطاع دفع الشر إلا بها .
** الخوف لاتأثير له على عدد الركعات وهذا كالإجماع فقد قال به أكثر أهل العلم وهو قول ابن عمر والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وسائر أهل العلم لم يجيزوا أن يصلي المحارب ركعة وأما الذي قال ذلك فإنه حال الإحتدام وشدة القتال .
** أكثر أهل العلم على أنه إذا اشتد القتال والضرب يصلون على أية حال ويجعلون الركوع أخفض من السجود رجالاً أو ركباناً على قدر طاقتهم ولايؤخرون الصلاة عن وقتها هذا المعروف لدى الأكثرية من أهل العلم وصلاتهم صلاة لايستطيعون معها هو من باب إلقاء النفس بالتهلكة كما قال تعالى : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . . . )) سورة البقرة آية 195  فتبين صحة مذهب الجمهور الذي تسانده الأدلة  .
وروي عن أبي حنيفة لايوجب الصلاة مع ضرب السيوف والإلتحام لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلّ يوم الخندق وأخر الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم  : " أشغلونا عن الصلاة الوسطى ,  ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً " .  والله ولي التوفيق , , ,   .

الخميس، 24 نوفمبر 2011

مسائل أجمع عليها العلماء في "باب صلاة العيدين " في كتاب المغني وغيره .

بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على نبيه الكريم :
اعلم وفقك الله أن الأصل في مشروعية صلاة العيدين الكتاب والسنة والإجماع وهناك مسائل أجمع عليها العلماء في ذلك أو أكثر أهل العلم ومنها :
ـــ أكل التمرات قبل الصلاة هو مستحب في عيد الفطر وليس مستحب في عيد الأضحى وهذا الذي قال به أكثر أهل العلم ومن الصحابة علي وابن عباس وقال به من الأئمة مالك والشافعي .
ـــ ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني أن الصلاة في المصلى هو اجماع المسلمين وبذلك أمر علي رضي الله عنه وهو قول الأوزاعي وأصحاب الرأي وهو قول ابن المنذر وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى وترك مسجده وكذلك الخلفاء من بعده ولا يمكن أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع بعده ولايشرع لأمته ترك الفضائل ونحن مأمورون بالإقتداء به , بل لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد في مسجده إلا من عذر .
وحكي عن الشافعي أنه يصلي في المسجد أو الجامع إذا كان المسجد أو الجامع في البلد واسعاً , فالصلاة عنده أولى في مسجد البلد لأنه خير البقاع وأطهرها , ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام , وهذا خلاف المعمول به في الأقطار الإسلامية .
ـــ صلاة العيد ركعتان لاخلاف بين أهل العلم في ذلك وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد ركعتان وفعله الأئمة من بعده إلى عصرنا
هذا فلا يوجد أحد خالف في ذلك .
ـــ لاتصح الصلاة قبل ارتفاع الشمس بالإجماع واختلفوا فيما بعد ذلك ودليل عدم صحة الصلاة حديث عقبة بن عامر قال : " ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع . . . . "  الحديث , ولأن  النبي صلى الله عليه وسلم ممن بعده لم يصلوا حتى ارتفعت الشمس .
ـــ صلاة العيدين تُقام بلا أذان ولا اقامة ولا خلاف في ذلك بين أكثر أهل العلم وروي عن ابن الزبير أنه أذن وأقام وأن ابن زياد أذن وأقام وهذا يدل على أن هناك اجماع منعقد قبل ذلك .
ـــ الجهر في القراءة ومشروعية الفاتحة وقراءة سورة في كل ركعة من الصلاة ليس فيه خلاف بين أهل العلم في العموم  , قال ابن المنذر : " أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة " وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه كان عندما يقرأ في العيدين يسمع من يليه ولا يجهر في القراءة . ولكن المعمول به في كل الأقطار الإسلامية الجهر في القراءة .
ـــ بالنسبة للتكبيرات في الصلاة ( صلاة العيدين ) والذكر بينها سنة وليس بواجب ولا تبطل الصلاة بترك ذلك عمداً ولا سهواً وهذا اجماع لايُعلم خلافه .
ـــ خطبتي العيدين بعد الصلاة وهذا اجماع من أكثر أهل العلم بل بين المسلمين قاطبة إلا مانُقل عن بني أمية وعملهم مسبوق بالإجماع فلاعبرة بفعلهم وقد روي عن عثمان بن عفان وعبدالله بن الزبير أنهما قدما الخطبتين ولكن لم يصح ذلك عنهما وكل ذلك مخالف للسنة النبوية الصحيحة التي تقدم الصلاة على الخطبتين .
ـــ التكبير لاخلاف فيه أنه مشروع في عيد النحر ولكن الخلاف في مدته .
ـــ مدة التكبير تنتهي إلى العصر ( أي بعد صلاة العصر) من آخر أيام التشريق بدليل حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة وأقبل علينا فقال  : " الله أكبر الله أكبر " ومدّ التكبير إلى العصر من أيام التشريق أخرجه الدارقطني من عدة طرق وفي بعضها في صفة التكبير : " الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وهذا اجماع من الصحابة .
ـــ أجمع أكثر أهل العلم أن التكبير عقب الفرائض في الجماعات فقط وهذا المشهور عند الحنابلة فإذا صلى وحده لايكبر وبذلك قال الثوري وأبو حنيفة رحمهما الله وأما مالك فقال : لايكبر عقب النوافل ويكبر عقب الفرائض وأما الشافعي فقال : يكبر عقب الكل الفريضة والنافلة منفرداً أو في جماعة لأنها في رأيه صلاة مفعولة فيكبر عقبها كالفرض في جماعة ولكن القول ماقال الجمهور وهو أنه لايكبر إلا عقب الفرائض تكبيراً مقيداً بالفرائض مع جواز التكبير في كل وقت ولكن لايكبر عقب النوافل تقييداً وهذا يدل عليه قول ابن مسعود : " إنما التكبير على من صلى في جماعة "  وفعل ابن عمر أنه كان لايكبر إذا صلى وحده وقد سأل أبو بكر الأثرم الإمام أحمد عن فعل ابن عمر أيفعل مثله قال له أحمد : " نعم " .
ـــ المسبوق ببعض الصلاة يكبر بعد الفراغ من قضاء مافاته وهذا قول الأكثر من أهل العلم ولم يعرف مخالف في ذلك إلا الحسن رحمه الله فقال : يكبر ثم يقضي . ولكن المعتبر والمعروف والمعمول به قول الجمهور . والله ولي التوفيق , , ,  .

مسائل أجمع عليها العلماء في " باب صلاة الجمعة " في كتاب المغني وغيره .

أولاً : يجب أن يُعلم أن الأصل في فرض صلاة الجمعة الكتاب والسنة والإجماع والأدلة في ذلك معروفة وواضحة وأجمع أهل الإسلام على أنها ركعتين . 
ثانياً : من المسائل المتفق عليها في هذا الباب مايلي :
-1- قد أجمع المسلمون على وجوب صلاة الجمعة .
-2- اتفق علماء الأمة على أن مابعد زوال الشمس هو وقتٌ للجمعة ولكن الخلاف في ماقبل الزوال .
-3- من الأحكام فقط : استحباب إقامة الجمعة بعد الزوال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ولو أقيمت قبل ذلك لصح فلهذا ورد عن ابن باز رحمه الله تعالى أنه قال في جوابه على أحد السائلين : " لأن الجمعة يجوز أن تصلي قبل الزوال في الساعة السادسة على الصحيح من قولي العلماء ، ولكن الأفضل والأحوط أن تصلي بعد الزوال كما هو قول جمهور العلماء ، أما الظهر فلا يجوز أن تصلي إلا بعد الزوال بإجماع المسلمين " .  
-4- اتفقوا على مشروعية الأذان عَقِب صعود الإمام .
-5- على مذهب أحمد لو أقام صلاة الجمعة مبتدعاً أو فاسقاً فإن الصلاة تجب ويسعى إليها وقد نص على ذلك أحمد رحمه الله , وقد روى ابن عبدالعظيم أنه سأل أبا عبدالله عن الصلاة خلف المعتزلة يوم الجمعة فقال : " أما الجمعة فينبغي شهودها فإن كان الذي يصلي منهم أعاد وإن كان لايدري أنه منهم فلا يعيد " قلت : فإن كان يُقال أنه قد قال بقولهم قال : " حتى يستيقن " ولا يُعلم خلاف بين أهل العلم في ذلك .
-6- الخطبة شرط في الجمعة لاتصح بدونها كذلك قال قتادة وعطاء والنخعي والثوري والشافعي واسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم أحداً خالف في ذلك إلا الحسن رحمه الله فقال : " تجزئهم جميعهم خَطَب الإمام أو لم يخطب لأنها صلاة عيد فلم تشترط لها الخطبة كصلاة الأضحى " .
-7- من الأحكام : يستحب أن يستقبل الناس الخطيب إذا خطب كما فعل النبي صى الله عليه وسلم ولا خلاف في ذلك .
-8- لو حوّل المأموم وجهه للإمام فإن ذلك جائز وقد فعل ذلك الصحابة منهم ابن عمر وأنس وهو قول شريح وعطاء ومالك والثوري والأوزاعي وسعيد بن عبدالعزيز وابن جابر ويزيد بن أبي مريم والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي قال ابن المنذر : " هذا كالإجماع " إلا الحسن فإنه استقبل القبلة ولم ينحرف إلى الإمام وهو اجتهاد منه .
وروي عن الأثرم تلميذ الإمام أحمد أنه قال : " قلت لأبي عبدالله يكون الإمام متباعداً فإذا أردت أن أنحرف إليه حولت وجهي عن القبلة  " فقال : " نعم تنحرف إليه " .
-9- استحباب الجلوس بين الخطبتين وهو قول أكثر أهل العلم على أن تكون جلسة خفيفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك كما روينا في حديث ابن عمر وجابر بن سمرة وليست واجبة ولم يوجبها إلا الشافعي رحمه الله .
-10- أكثر الفقهاء يرون أن من أدرك ركعة من الجمعة مع الإمام فقد أدرك الجمعة ويضيف لهذه الركعة أخرى وتجزئه .
-11- اذا اشتد الزحام ولم يجد المصلي مايسجد عليه فإن المصلي يسجد على ظهر من أمامه , وقد ورد في ذلك أثر عن عمر رضي الله عنه قال : " إذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه " رواه سعيد في سننه وقد قال ذلك بمحضر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة ولم يظهر مخالف ٌ له في ذلك فصار اجماعاً .
-12- الإحتباء أثناء الخطبة فعله الصحابة رضوان الله عليهم ولم يُختلف في جوازها فقد روى يعلى بن شداد قال : شهدت مع معاوية بيت المقدس فجمّع بنا فنظرت فإذا جل من في المسجد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين والإمام يخطب . وقد فعل ذلك ابن عمر وأنس .
-13- تجب الجمعة بسبعة شروط :
* أن تكون في قرية * أن يكونوا أربعين * الذكورية * البلوغ * العقل * الإسلام * الإستيطان . وهذا قال به أكثر أهل العلم .
-14- الإسلام والعقل والذكورية فلا خلاف في اشتراطها لوجوب الجمعة وانعقادها وأما البلوغ فهو شرط على الصحيح من المذهب ( مذهب أحمد ) وهو قول الأكثرية من أهل العلم . 
-15- الإستيطان شرط في قول أكثر أهل العلم . 
-16- اختُلف في إذن الإمام هل هو شرط أم لا فإذا كان شرط فإنهم إذا لم يأذن في اقامة الجمعة فتصلى ظهراً ويبطل إذنه بموته , ولكن المسألة هنا : لو مات الإمام وكان قبل ذلك لم يأذن في إقامة الجمعة وقد أقامها المسلمون قبل ذلك موته فهل تجزئهم صلاتهم على روايتين والصحيح أنها تجزئهم صلاتهم ولا يُعلم أحد أنكر ذلك فكان كالإجماع .
-17- يصح على الصحيح اقامة الجمعة في أكثر من موضع في المدينة إذا دعت الحاجة لذلك ولم يُنكر فكان اجماعاً . فأما كون النبي صلى الله عليه وسلم ترك جمعتين متعاقبتين فأغناهم عن احداهما وعوضهم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله وهو شارع للأحكام وكان الصحابة يحرصون على سماع خطبته وشهود الجمعة معه .
-18- لاجمعة على النساء بلا خلاف , ولهذا قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لاجمعة على النساء , ولأن المرأة ليست من أهل
الحضور في مجامع الرجال ولذلك لاتجب عليها جماعة " .
-19- المسافر لاجمعة عليه في قول عامة الفقهاء وهو قول مالك والشافعي والثوري واسحاق وأبو ثور وروي عن عطاء وعمر بن عبدالعزيز والحسن والشعبي وخالف في ذلك الزهري والنخعي رحمهم الله فقالوا : أنها تجب وعللوا لذلك لكون الجماعة تجب عليه فكانت الجمعة من باب أولى . 
-20- إذا حضر النساء وصلين الجمعة فيجزئهن ذلك وهو اجماع قال ابن المنذر : " وأجمعوا على أنهن إذا حضرن فصلين الجمعة أن ذلك يجزي عنهن لأن اسقاط الجمعة للتخفيف عنهن " .
-21- لاخلاف أن من صلى الجمعة تسقط عنه الظهر لأنه لايمكن أن يخاطب بصلاتين , وقد دل على ذلك النص والإجماع , ولاخلاف في أنه يأثم بترك الجمعة والسعي إليها .
-22- من لاتجب عليه الجمعة كالمسافر والعبد والمرأة والمريض وسائر المعذورين كالخائف والمحاصر والمحتجز وغيرهم فله أن يصلي الظهر قبل صلاة الإمام  وهذا قول أكثر الفقهاء لم يخالف أحد في ذلك إلا أبو بكر عبدالعزيز(غلام الخلاّل)(1)  فيما نعلم , فإنه قال : لاتصح قبل الإمام لأنه لايتيقن بقاء العذر فلم تصح صلاته كغير المعذور .
-23- استحباب الغسل ولبس نظيف الثياب والطيب عند الذهاب للجمعة فلا خلاف في استحباب ذلك وفي ذلك أحاديث وآثار كثيرة منها مارواه البخاري من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لايغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر مااستطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ماكتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غُفر له مابينه وبين الجمعة الأخرى " .
-24- الغسل في الجمعة ليس بواجب وهذا اجماع من المسلمين إلا رواية عن أحمد أوجب فيه الغسل كما نقل ذلك ابن عبدالبر فقال : " أجمع علماء المسلمين قديماً وحديثاً على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب وحكي عن أحمد رواية أخرى أنه واجب " .
قال الترمذي " العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم " وهذا قول الثوري والأوزاعي والشافعي ومالك وابن المنذر وأصحاب الرأي .
-25- إذا اغتسل للجمعة والجنابة بنية واحدة أجزأه ذلك ولا يُعلم في ذلك خلاف والغسل مفتقر للنية فلا يصح بدونها على الأرجح .
-26- صلاة الجمعة أول النهار لاتصح على الصحيح وقد ذكر ذلك أكثر أهل العلم .
-27- إن سافر قبل وقت الجمعة ففي ذلك ثلاث روايات :
الأولى : المنع لحديث ابن عمر .
الثانية : أن السفر مباح للجهاد دون غيره .
الثالثة : الجواز وهو قول أكثر أهل العلم لأن الجمعة لم تجب فلم يحرم السفر كالليل وهو قول الحسن وابن سيرين . والله أعلم , , ,  .

******************************************************
(1) من أئمة المذهب الحنبلي درس على أبي بكر الخلاّل ولذلك سمي بغلام الخلال وتوفي سنة 363هـ رحمه الله

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

مسائل أجمع عليها العلماء في "باب صلاة المسافر " في كتاب المغني وغيره .

أولا : لابد أن نعلم أن قصر الصلاة للمسافر ورد في الكتاب والسنة وأجمع عليه العلماء جوازاً ورخصة للمسافر .
ثانياً : هناك مسائل أجمع العلماء عليها في هذا الباب فمنها مايأتي :

-1- من سافر سفراً تُقصر فيه الصلاة في حج أو عمرة أو جهاد فإن له أن يقصر الصلاة الرباعية فيصليها ركعتين وهذا اجماع من أهل العلم .
وقد ذكر ذلك ابن المنذر فقال : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للذي يريد السفر أن يقصر إذا خرج من بيوت القرية التي يخرج منها .
-2- الرخص التي أباحها الشرع هي في السفر الواجب والمندوب والمباح كسفر التجارة من القصر والجمع والفطر والمسح ثلاثاً والصلاة على الراحلة تطوعاً وهذا قول أكثر اهل العلم .
-3- القصر في الرباعية فقط دون المغرب والفجر وهذا اجماع قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن لايقصر في صلاة المغرب والصبح وأن القصر إنما هو في الرباعية .
-4- القصر أفضل من الإتمام في قول جمهور العلماء , بل قد كره جماعة الإتمام .
-5- المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين لزمه الإتمام في قول جمهور العلماء .
قال ابن عبدالبر : " وفي إجماع الجمهور من الفقهاء على أن المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين فأدرك منها ركعة أن يلزمه أربع دليل واضح على أن القصر رخصة , إذ لو كان فرضه ركعتين لم يلزمه أربع بحال . 
وقد روي عن ابن عباس أنه قيل له : مابال المسافر يصلي ركعتين في حال الإنفراد وأربعاً إذا ائتم بمقيم ؟ فقال : " تلك السنة " رواه أحمد في مسنده أي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا تنصرف كلمة السنة إلى غيرها .
-6- الجمع بين الصلاتين في وقت احداهما في السفر جائز في قول أكثر أهل العلم . 
-7- الجمع بين المغرب والعشاء خاصة جائز عند جمور أهل العلم وقد روي ذلك عن ابن عمر وفعله أبان بن عثمان في أهل المدينة وهو قول الفقهاء السبعة ومالك والأوزاعي والشافعي واسحاق وروي حتى عن مروان وعمر بن عبدالعزيز . 
والدليل هو : قول أبي سلمة بن عبدالرحمن قال : " إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء " رواه الأثرم وهو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف لكثير من الصحابة مخالف في ذلك فصار اجماعاً .
وقد خالف في ذلك أصحاب الرأي فلم يجوّزوا ذلك والله أعلم
-8- لو نسي صلاة حضَر فذكرها في أثناء السفرأو العكس صلى في الحالتين صلاة حضر وقد ذكر ذلك أحمد رحمه الله تعالى هاتين المسألتين في رواية أبي داوود والأثرم . 
قال في رواية الأثرم : " أما المقيم إذا ذكرها في السفر فذاك بالإجماع صلي أربعاً , وإذا نسيها في السفر فذكرها في الحضر صلى أربعاً بالإحتياط " . 
-9- إذا سافر بعد دخول وقت الصلاة فقال ابن عقيل : " فيه روايتان : أحدهما قصرها , قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن له قصرها وهذا قول مالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي , لأنه سافر قبل خروج وقتها أشبه مالو سافر قبل وجوبها . 
والثانية : ليس له قصرها لأنه وجبت عليه في الحضر فلزمه اتمامها كما لو سافر بعد خروج وقتها , أو بعد احرامه بها " انتهى .
-10- المقيم إذا ائتم بمسافر فلابد أن يكمل المقيم صلاته بعد سلام المسافر من صلاته إذا كان المسافر قاصراً للرباعية وهذا معلوم ومعروف وقد أجمع عليه العلم .
-11- أخيراً المسافر له أن يقصر الصلاة مالم يُجْمع اقامة في البلد الذي سافر إليه وإن أتى عليه سنون , وقد حكى ابن المنذر الإجماع في ذلك فقال :
" أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر مالم يجمع إقامة وإن أتى عليه سنون " . وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد  , , ,   .

السبت، 19 نوفمبر 2011

الأحاديث الضعيفة في ثواب من حفظ أو لقن القرآن

من الأحاديث الضعيفة في من حفظ القرآن ماذكره ابن الجوزي في كتابه " العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " حيث ساق حديثين بسنديهما فقال :
* " أنبانأ قال : حدثنا أبوبكر بن ثابت قال : حدثنا أبوطالب عمر بن ابراهيم الفقيه قال : أخبرنا عيسى بن حامد بن بشر القاضي قال : حدثنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن الحسين السقطي قال : حدثنا يحي بن معين قال حدثنا عبدالرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تعلم القرآن وحفظه أدخله الله الجنة وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلٌ قد أوجب النار " .
قال الخطيب : " رجلب لسناده كلهم ثقات إلا السقطي والحديث غير ثابت " .
* وقال أيضاً : أنبأنا اسماعيل بن أحمد قال : أخبرنا ابن مسعدة قال : حدثنا حمزة بن يوسف قال : أخبرنا أبوأحمد ابن عدي قال : حدثنا علي بن الحسن بن هارون البلدي قال : حدثنا اسحاق بن يسار قال : أخبرنا أبوصالح كاتب الليث قال : حدثني رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جمع القرآن متّعه الله بعقله حتى يموت " .
قال ابن عدي : " لايرويه عن جرير غير رشدين " ,  وقال يحي بن معين : " رشدين ليس بشيء " , وقال النسائي : " متروك وكاتب الليث ليس بثقة " . انتهى كلام ابن الجوزي . 
وهناك حديث آخر ضعيف جداً في ثواب مالخاتم القرآن عند ختمه ينسب ليزيد الرقاشي وينسبه لأنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لصاحب القرآن عند كل ختْمه دعوة مستجابة وشجرة في الجنة لو أن غراباً طار من أصلها لم ينته إلى فروعها حتى يدركه الهرم " وهذا الحديث ضعيف لضعف يزيد الرقاشي هذا الذي قال عنه الإمام أحمد : " لايكتب عنه شيء " ويرويه أيضاً عن يزيد الرقاشي ( أبو عصمة ) وفي بعض النسخ التي روي ونقل عنها الحديث ( أبو عاصمة ) وقد أخبر عنه ابن حبان بأنه : " لايجوز الإحتجاج به " . 

             ---- وهناك حديث ضعيف في ثواب من لقن القرآن ----
وقد ذكره ابن الجوزي في ( العلل المتناهية ) فقال :
" أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال : حدثنا اسماعيل بن مسعدة قال : أخبرنا حمزة قال : حدثنا أبو أحمد ابن عدي قال : حدثنا أبوعقيل الخولاني قال : حدثنا عبدالله بن رزين قال : سمعت ابن عياش يقول : حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من علّم رجلاً آية من كتاب الله فهو مولاه لاينبغي له أن يخذله أو يتآمر عليه فإن فعل فصم عروة من عرى الإسلام " قال ابن الجوزي في تعليقه على الحديث : " هذا حديث لايصح , قال ابن حبان : اسماعيل بن عياش تغير في آخر عمره فكثُر الخطأ في حديثه وهو لايعلم فخرج عن حد الإحتجاج "  والله تعالى أعلم , , ,   .

في علم المنطق ومابني عليه , , , .

ذكر شيخ الإسلام في كتابه ( نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان ) قاعدة مهمة عن المنطق اليوناني وكيف بنى الفلاسفة والمنطقيين كلامهم وخصوصاً في الكلام على الحدّ والقياس ومن يقرأ في علم المنطق والكلام ــ هذا إن سميناه علما ــ فإنه لايخرج في النهاية بكثير فائدة ولا بغزير علم قيّم وإنما هو يصرف طاقته لأمورٍ لايحتاجها في حياته ولا ترتبط بسعادته في دنياه وآخرته وإنما تتلف عقله وتجهد ذهنه وفكره في أمر لايجني له ثمرة ولا يبقي له أثرة من علم أو خبر أو مفخرة أو قدر وإن أشير له بالبيان وكامل الحجة والبرهان حيناً من الأحيان  .
فإذا علمنا ذلك فلا نريد أن نشغل أنفسنا بالتبحر في ذلك ولكن لابد أن نعرف بعض الأمور لكي نردّ بها على الغير الخصيم والإمعة اللئيم وقاعدة شيخ الإسلام هذه هي نافعة لكي يعرف من يريد الحق . .  ماهو المصدر الذي يزعب منه المنطقيين والعقلانيين والملاحدة اليونانيين فيقول رحمه الله تعالى في كتاب المنطق من فتاويه :
" فإني كنت دائماً أعلم أن المنطق اليوناني لايحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد , ولكن كنت أحسب ان قضاياه صادقة لما رأينا من صدق كثير منها , ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه وكتبت في ذلك شيئاً , ولمّا كنت بالإسكندرية اجتمع بي من رأيته يعظّم المتفلسفة بالتهويل والتقليد , فذكرت له بعض مايستحقونه من التجهيل والتضليل , واقتضى ذلك أني كتبت في قعدةٍ بين الظهر والعصر من الكلام على المنطق ماعلّقته تلك الساعة , ولم يكن ذلك من همّتي , لأن همتي كانت فيما كتبته عليهم في " الإلهيات " .
وتبين لي أن كثيراً مما ذكروه في المنطق هو من أصول فساد قولهم في الإلهيات , مثل ماذكروه من تركيب الماهيات من الصفات التي سموها " ذاتيات " وماذكروه من حصر طرق العلم فيما ذكروه من الحدود والأقيسة البرهانيات , بل ماذكروه من الحدود التي بها يُعرف التصورات بل ماذكروه من صور القياس ومواده اليقينيات . فأراد بعض الناس أن يكتب ماعلّقته إذ ذاك من الكلام عليهم في المنطق فأذنت له في ذلك لأنه يفتح باب معرفة الحقّ , وإن كان مافتح من باب الرد عليهم يحتمل أضعاف ماعلّقته " انتهى كلامه . 

ثم شرع رحمه الله في بيان قاعدة هؤلاء المنطقيين فقال : 
" فاعلم أنهم بنوا ( المنطق ) على الكلام في الحدّ ونوعه , والقياس البرهاني ونوعه . قالوا لأن العلم : إما تصوّر , وإما تصديق , فالطريق الذي ينال به التصور هو الحدّ , والطريق الذي ينال به التصديق هو القياس " (1)
ثم أخذ في الرد عليهم فقال :
" الكلام في أربع مقامات :
* مقامين سالبين
* ومقامين موجبين .
فالأولان ــ أي المقامين السالبين ــ أحدهما في قولهم : ان التصور المطلوب لاينال إلا بالحد . والثاني : أن التصديق المطلوب لاينال إلا بالقياس .
والآخران ــ أي المقامين الموجبين ــ في أن الحدّ يفيد العلم بالتصورات , وأن القياس أو البرهان الموصوف يفيد العلم بالتصديقات " . انتهى