* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

مسائل الإجماع في صلاة الإستسقاء في كتاب المغني وغيره

من مسائل الإجماع في صلاة الإستسقاء وهي قليلة جداً مايلي :

1ــ لاخلاف بين الفقهاء في أن صلاة الإستسقاء ركعتان وهذا معلوم يعرفه العامة والخاصة .
2ــ لايسن لها أذان ولا إقامة ولا خلاف في ذلك أيضاً .
3ــ صلاة الإستسقاء لاتفعل في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها بغير خلاف .
4ــ تحويل الرداء سنة ومستحب في قول أكثر أهل العلم ولم يخالف إلا في هذا إلا أباحنيفة رحمه الله وغفر له فإنه لايسن عنده لأنه دعاء فلا يستحب تحويل الرداء فيه كسائر الأدعية .
 ولكن هذه السنة واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلابد من الإتباع وترك قول الغير لسنته صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (( لقد كان في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )) سورة الأحزاب آية 21 . وبالله التوفيق , , ,    .

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

مسائل أجمع عليها العلماء في " باب صلاة الخوف " في كتاب المغني وغيره .

من الأمر المعتبرة في هذا الباب هو مشروعية صلاة الخوف وأن حكمها باقٍ بعد النبوة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الخوف وهذا تشريع له ولأمته من بعده . وقد ذُكر عن أبي يوسف  صاحب أبي حنيفة رحمه الله وتلميذه أنه قال : " إنما كانت تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : (( وإذا كنت فيهم )) " أي في صلاة الخوف , ولكن الإجماع وعمل أهل العلم على خلاف ذلك فإن التشريع للنبي صلى الله عليه وسلم هو تشريع لأمته من بعده مالم يقم دليل على اختصاصه به وإلا ألغيت كثير من الشرائع بسبب ذلك وهذا معلوم .

فمن المسائل التي اتفق عليها أكثر أهل العلم أو أجمعوا مايلي :
** لاخلاف بين أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم أنه يُقرأ فيه بالفاتحة وسورة من سور القرآن أو بما تيسر منه .
** لايجب حمل السلاح بل يسحب في قول أكثر أهل العلم وهذا قول أبي حنيفة وأكثر أهل العلم وأحد قولي الشافعي , فيحمل مايقدر على حمله وما يدفع به عن نفسه كالسيف والجوشن والسكين وغير ذلك لقوله تعالى : (( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم . . . )) سورة النساء آية 102 . ولأن الله بين سبب حمل السلاح وهو قوله تعالى : (( ودّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة . . . )) ولكن ينبغي له أن يتجنب إن استطاع مايمنع من السجود كالمغفر وغيره .
وبالنسبة لحمل النجاسة فلا يصح شرعاً وكذلك مايخل بأداء ركن من أركان الصلاة إلا لضرورة لايستطاع دفع الشر إلا بها .
** الخوف لاتأثير له على عدد الركعات وهذا كالإجماع فقد قال به أكثر أهل العلم وهو قول ابن عمر والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وسائر أهل العلم لم يجيزوا أن يصلي المحارب ركعة وأما الذي قال ذلك فإنه حال الإحتدام وشدة القتال .
** أكثر أهل العلم على أنه إذا اشتد القتال والضرب يصلون على أية حال ويجعلون الركوع أخفض من السجود رجالاً أو ركباناً على قدر طاقتهم ولايؤخرون الصلاة عن وقتها هذا المعروف لدى الأكثرية من أهل العلم وصلاتهم صلاة لايستطيعون معها هو من باب إلقاء النفس بالتهلكة كما قال تعالى : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . . . )) سورة البقرة آية 195  فتبين صحة مذهب الجمهور الذي تسانده الأدلة  .
وروي عن أبي حنيفة لايوجب الصلاة مع ضرب السيوف والإلتحام لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلّ يوم الخندق وأخر الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم  : " أشغلونا عن الصلاة الوسطى ,  ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً " .  والله ولي التوفيق , , ,   .

الخميس، 24 نوفمبر 2011

مسائل أجمع عليها العلماء في "باب صلاة العيدين " في كتاب المغني وغيره .

بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على نبيه الكريم :
اعلم وفقك الله أن الأصل في مشروعية صلاة العيدين الكتاب والسنة والإجماع وهناك مسائل أجمع عليها العلماء في ذلك أو أكثر أهل العلم ومنها :
ـــ أكل التمرات قبل الصلاة هو مستحب في عيد الفطر وليس مستحب في عيد الأضحى وهذا الذي قال به أكثر أهل العلم ومن الصحابة علي وابن عباس وقال به من الأئمة مالك والشافعي .
ـــ ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني أن الصلاة في المصلى هو اجماع المسلمين وبذلك أمر علي رضي الله عنه وهو قول الأوزاعي وأصحاب الرأي وهو قول ابن المنذر وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى وترك مسجده وكذلك الخلفاء من بعده ولا يمكن أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع بعده ولايشرع لأمته ترك الفضائل ونحن مأمورون بالإقتداء به , بل لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد في مسجده إلا من عذر .
وحكي عن الشافعي أنه يصلي في المسجد أو الجامع إذا كان المسجد أو الجامع في البلد واسعاً , فالصلاة عنده أولى في مسجد البلد لأنه خير البقاع وأطهرها , ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام , وهذا خلاف المعمول به في الأقطار الإسلامية .
ـــ صلاة العيد ركعتان لاخلاف بين أهل العلم في ذلك وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد ركعتان وفعله الأئمة من بعده إلى عصرنا
هذا فلا يوجد أحد خالف في ذلك .
ـــ لاتصح الصلاة قبل ارتفاع الشمس بالإجماع واختلفوا فيما بعد ذلك ودليل عدم صحة الصلاة حديث عقبة بن عامر قال : " ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع . . . . "  الحديث , ولأن  النبي صلى الله عليه وسلم ممن بعده لم يصلوا حتى ارتفعت الشمس .
ـــ صلاة العيدين تُقام بلا أذان ولا اقامة ولا خلاف في ذلك بين أكثر أهل العلم وروي عن ابن الزبير أنه أذن وأقام وأن ابن زياد أذن وأقام وهذا يدل على أن هناك اجماع منعقد قبل ذلك .
ـــ الجهر في القراءة ومشروعية الفاتحة وقراءة سورة في كل ركعة من الصلاة ليس فيه خلاف بين أهل العلم في العموم  , قال ابن المنذر : " أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة " وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه كان عندما يقرأ في العيدين يسمع من يليه ولا يجهر في القراءة . ولكن المعمول به في كل الأقطار الإسلامية الجهر في القراءة .
ـــ بالنسبة للتكبيرات في الصلاة ( صلاة العيدين ) والذكر بينها سنة وليس بواجب ولا تبطل الصلاة بترك ذلك عمداً ولا سهواً وهذا اجماع لايُعلم خلافه .
ـــ خطبتي العيدين بعد الصلاة وهذا اجماع من أكثر أهل العلم بل بين المسلمين قاطبة إلا مانُقل عن بني أمية وعملهم مسبوق بالإجماع فلاعبرة بفعلهم وقد روي عن عثمان بن عفان وعبدالله بن الزبير أنهما قدما الخطبتين ولكن لم يصح ذلك عنهما وكل ذلك مخالف للسنة النبوية الصحيحة التي تقدم الصلاة على الخطبتين .
ـــ التكبير لاخلاف فيه أنه مشروع في عيد النحر ولكن الخلاف في مدته .
ـــ مدة التكبير تنتهي إلى العصر ( أي بعد صلاة العصر) من آخر أيام التشريق بدليل حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة وأقبل علينا فقال  : " الله أكبر الله أكبر " ومدّ التكبير إلى العصر من أيام التشريق أخرجه الدارقطني من عدة طرق وفي بعضها في صفة التكبير : " الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وهذا اجماع من الصحابة .
ـــ أجمع أكثر أهل العلم أن التكبير عقب الفرائض في الجماعات فقط وهذا المشهور عند الحنابلة فإذا صلى وحده لايكبر وبذلك قال الثوري وأبو حنيفة رحمهما الله وأما مالك فقال : لايكبر عقب النوافل ويكبر عقب الفرائض وأما الشافعي فقال : يكبر عقب الكل الفريضة والنافلة منفرداً أو في جماعة لأنها في رأيه صلاة مفعولة فيكبر عقبها كالفرض في جماعة ولكن القول ماقال الجمهور وهو أنه لايكبر إلا عقب الفرائض تكبيراً مقيداً بالفرائض مع جواز التكبير في كل وقت ولكن لايكبر عقب النوافل تقييداً وهذا يدل عليه قول ابن مسعود : " إنما التكبير على من صلى في جماعة "  وفعل ابن عمر أنه كان لايكبر إذا صلى وحده وقد سأل أبو بكر الأثرم الإمام أحمد عن فعل ابن عمر أيفعل مثله قال له أحمد : " نعم " .
ـــ المسبوق ببعض الصلاة يكبر بعد الفراغ من قضاء مافاته وهذا قول الأكثر من أهل العلم ولم يعرف مخالف في ذلك إلا الحسن رحمه الله فقال : يكبر ثم يقضي . ولكن المعتبر والمعروف والمعمول به قول الجمهور . والله ولي التوفيق , , ,  .

مسائل أجمع عليها العلماء في " باب صلاة الجمعة " في كتاب المغني وغيره .

أولاً : يجب أن يُعلم أن الأصل في فرض صلاة الجمعة الكتاب والسنة والإجماع والأدلة في ذلك معروفة وواضحة وأجمع أهل الإسلام على أنها ركعتين . 
ثانياً : من المسائل المتفق عليها في هذا الباب مايلي :
-1- قد أجمع المسلمون على وجوب صلاة الجمعة .
-2- اتفق علماء الأمة على أن مابعد زوال الشمس هو وقتٌ للجمعة ولكن الخلاف في ماقبل الزوال .
-3- من الأحكام فقط : استحباب إقامة الجمعة بعد الزوال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ولو أقيمت قبل ذلك لصح فلهذا ورد عن ابن باز رحمه الله تعالى أنه قال في جوابه على أحد السائلين : " لأن الجمعة يجوز أن تصلي قبل الزوال في الساعة السادسة على الصحيح من قولي العلماء ، ولكن الأفضل والأحوط أن تصلي بعد الزوال كما هو قول جمهور العلماء ، أما الظهر فلا يجوز أن تصلي إلا بعد الزوال بإجماع المسلمين " .  
-4- اتفقوا على مشروعية الأذان عَقِب صعود الإمام .
-5- على مذهب أحمد لو أقام صلاة الجمعة مبتدعاً أو فاسقاً فإن الصلاة تجب ويسعى إليها وقد نص على ذلك أحمد رحمه الله , وقد روى ابن عبدالعظيم أنه سأل أبا عبدالله عن الصلاة خلف المعتزلة يوم الجمعة فقال : " أما الجمعة فينبغي شهودها فإن كان الذي يصلي منهم أعاد وإن كان لايدري أنه منهم فلا يعيد " قلت : فإن كان يُقال أنه قد قال بقولهم قال : " حتى يستيقن " ولا يُعلم خلاف بين أهل العلم في ذلك .
-6- الخطبة شرط في الجمعة لاتصح بدونها كذلك قال قتادة وعطاء والنخعي والثوري والشافعي واسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم أحداً خالف في ذلك إلا الحسن رحمه الله فقال : " تجزئهم جميعهم خَطَب الإمام أو لم يخطب لأنها صلاة عيد فلم تشترط لها الخطبة كصلاة الأضحى " .
-7- من الأحكام : يستحب أن يستقبل الناس الخطيب إذا خطب كما فعل النبي صى الله عليه وسلم ولا خلاف في ذلك .
-8- لو حوّل المأموم وجهه للإمام فإن ذلك جائز وقد فعل ذلك الصحابة منهم ابن عمر وأنس وهو قول شريح وعطاء ومالك والثوري والأوزاعي وسعيد بن عبدالعزيز وابن جابر ويزيد بن أبي مريم والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي قال ابن المنذر : " هذا كالإجماع " إلا الحسن فإنه استقبل القبلة ولم ينحرف إلى الإمام وهو اجتهاد منه .
وروي عن الأثرم تلميذ الإمام أحمد أنه قال : " قلت لأبي عبدالله يكون الإمام متباعداً فإذا أردت أن أنحرف إليه حولت وجهي عن القبلة  " فقال : " نعم تنحرف إليه " .
-9- استحباب الجلوس بين الخطبتين وهو قول أكثر أهل العلم على أن تكون جلسة خفيفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك كما روينا في حديث ابن عمر وجابر بن سمرة وليست واجبة ولم يوجبها إلا الشافعي رحمه الله .
-10- أكثر الفقهاء يرون أن من أدرك ركعة من الجمعة مع الإمام فقد أدرك الجمعة ويضيف لهذه الركعة أخرى وتجزئه .
-11- اذا اشتد الزحام ولم يجد المصلي مايسجد عليه فإن المصلي يسجد على ظهر من أمامه , وقد ورد في ذلك أثر عن عمر رضي الله عنه قال : " إذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه " رواه سعيد في سننه وقد قال ذلك بمحضر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة ولم يظهر مخالف ٌ له في ذلك فصار اجماعاً .
-12- الإحتباء أثناء الخطبة فعله الصحابة رضوان الله عليهم ولم يُختلف في جوازها فقد روى يعلى بن شداد قال : شهدت مع معاوية بيت المقدس فجمّع بنا فنظرت فإذا جل من في المسجد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين والإمام يخطب . وقد فعل ذلك ابن عمر وأنس .
-13- تجب الجمعة بسبعة شروط :
* أن تكون في قرية * أن يكونوا أربعين * الذكورية * البلوغ * العقل * الإسلام * الإستيطان . وهذا قال به أكثر أهل العلم .
-14- الإسلام والعقل والذكورية فلا خلاف في اشتراطها لوجوب الجمعة وانعقادها وأما البلوغ فهو شرط على الصحيح من المذهب ( مذهب أحمد ) وهو قول الأكثرية من أهل العلم . 
-15- الإستيطان شرط في قول أكثر أهل العلم . 
-16- اختُلف في إذن الإمام هل هو شرط أم لا فإذا كان شرط فإنهم إذا لم يأذن في اقامة الجمعة فتصلى ظهراً ويبطل إذنه بموته , ولكن المسألة هنا : لو مات الإمام وكان قبل ذلك لم يأذن في إقامة الجمعة وقد أقامها المسلمون قبل ذلك موته فهل تجزئهم صلاتهم على روايتين والصحيح أنها تجزئهم صلاتهم ولا يُعلم أحد أنكر ذلك فكان كالإجماع .
-17- يصح على الصحيح اقامة الجمعة في أكثر من موضع في المدينة إذا دعت الحاجة لذلك ولم يُنكر فكان اجماعاً . فأما كون النبي صلى الله عليه وسلم ترك جمعتين متعاقبتين فأغناهم عن احداهما وعوضهم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله وهو شارع للأحكام وكان الصحابة يحرصون على سماع خطبته وشهود الجمعة معه .
-18- لاجمعة على النساء بلا خلاف , ولهذا قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لاجمعة على النساء , ولأن المرأة ليست من أهل
الحضور في مجامع الرجال ولذلك لاتجب عليها جماعة " .
-19- المسافر لاجمعة عليه في قول عامة الفقهاء وهو قول مالك والشافعي والثوري واسحاق وأبو ثور وروي عن عطاء وعمر بن عبدالعزيز والحسن والشعبي وخالف في ذلك الزهري والنخعي رحمهم الله فقالوا : أنها تجب وعللوا لذلك لكون الجماعة تجب عليه فكانت الجمعة من باب أولى . 
-20- إذا حضر النساء وصلين الجمعة فيجزئهن ذلك وهو اجماع قال ابن المنذر : " وأجمعوا على أنهن إذا حضرن فصلين الجمعة أن ذلك يجزي عنهن لأن اسقاط الجمعة للتخفيف عنهن " .
-21- لاخلاف أن من صلى الجمعة تسقط عنه الظهر لأنه لايمكن أن يخاطب بصلاتين , وقد دل على ذلك النص والإجماع , ولاخلاف في أنه يأثم بترك الجمعة والسعي إليها .
-22- من لاتجب عليه الجمعة كالمسافر والعبد والمرأة والمريض وسائر المعذورين كالخائف والمحاصر والمحتجز وغيرهم فله أن يصلي الظهر قبل صلاة الإمام  وهذا قول أكثر الفقهاء لم يخالف أحد في ذلك إلا أبو بكر عبدالعزيز(غلام الخلاّل)(1)  فيما نعلم , فإنه قال : لاتصح قبل الإمام لأنه لايتيقن بقاء العذر فلم تصح صلاته كغير المعذور .
-23- استحباب الغسل ولبس نظيف الثياب والطيب عند الذهاب للجمعة فلا خلاف في استحباب ذلك وفي ذلك أحاديث وآثار كثيرة منها مارواه البخاري من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لايغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر مااستطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ماكتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غُفر له مابينه وبين الجمعة الأخرى " .
-24- الغسل في الجمعة ليس بواجب وهذا اجماع من المسلمين إلا رواية عن أحمد أوجب فيه الغسل كما نقل ذلك ابن عبدالبر فقال : " أجمع علماء المسلمين قديماً وحديثاً على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب وحكي عن أحمد رواية أخرى أنه واجب " .
قال الترمذي " العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم " وهذا قول الثوري والأوزاعي والشافعي ومالك وابن المنذر وأصحاب الرأي .
-25- إذا اغتسل للجمعة والجنابة بنية واحدة أجزأه ذلك ولا يُعلم في ذلك خلاف والغسل مفتقر للنية فلا يصح بدونها على الأرجح .
-26- صلاة الجمعة أول النهار لاتصح على الصحيح وقد ذكر ذلك أكثر أهل العلم .
-27- إن سافر قبل وقت الجمعة ففي ذلك ثلاث روايات :
الأولى : المنع لحديث ابن عمر .
الثانية : أن السفر مباح للجهاد دون غيره .
الثالثة : الجواز وهو قول أكثر أهل العلم لأن الجمعة لم تجب فلم يحرم السفر كالليل وهو قول الحسن وابن سيرين . والله أعلم , , ,  .

******************************************************
(1) من أئمة المذهب الحنبلي درس على أبي بكر الخلاّل ولذلك سمي بغلام الخلال وتوفي سنة 363هـ رحمه الله

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

مسائل أجمع عليها العلماء في "باب صلاة المسافر " في كتاب المغني وغيره .

أولا : لابد أن نعلم أن قصر الصلاة للمسافر ورد في الكتاب والسنة وأجمع عليه العلماء جوازاً ورخصة للمسافر .
ثانياً : هناك مسائل أجمع العلماء عليها في هذا الباب فمنها مايأتي :

-1- من سافر سفراً تُقصر فيه الصلاة في حج أو عمرة أو جهاد فإن له أن يقصر الصلاة الرباعية فيصليها ركعتين وهذا اجماع من أهل العلم .
وقد ذكر ذلك ابن المنذر فقال : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للذي يريد السفر أن يقصر إذا خرج من بيوت القرية التي يخرج منها .
-2- الرخص التي أباحها الشرع هي في السفر الواجب والمندوب والمباح كسفر التجارة من القصر والجمع والفطر والمسح ثلاثاً والصلاة على الراحلة تطوعاً وهذا قول أكثر اهل العلم .
-3- القصر في الرباعية فقط دون المغرب والفجر وهذا اجماع قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن لايقصر في صلاة المغرب والصبح وأن القصر إنما هو في الرباعية .
-4- القصر أفضل من الإتمام في قول جمهور العلماء , بل قد كره جماعة الإتمام .
-5- المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين لزمه الإتمام في قول جمهور العلماء .
قال ابن عبدالبر : " وفي إجماع الجمهور من الفقهاء على أن المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين فأدرك منها ركعة أن يلزمه أربع دليل واضح على أن القصر رخصة , إذ لو كان فرضه ركعتين لم يلزمه أربع بحال . 
وقد روي عن ابن عباس أنه قيل له : مابال المسافر يصلي ركعتين في حال الإنفراد وأربعاً إذا ائتم بمقيم ؟ فقال : " تلك السنة " رواه أحمد في مسنده أي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا تنصرف كلمة السنة إلى غيرها .
-6- الجمع بين الصلاتين في وقت احداهما في السفر جائز في قول أكثر أهل العلم . 
-7- الجمع بين المغرب والعشاء خاصة جائز عند جمور أهل العلم وقد روي ذلك عن ابن عمر وفعله أبان بن عثمان في أهل المدينة وهو قول الفقهاء السبعة ومالك والأوزاعي والشافعي واسحاق وروي حتى عن مروان وعمر بن عبدالعزيز . 
والدليل هو : قول أبي سلمة بن عبدالرحمن قال : " إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء " رواه الأثرم وهو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف لكثير من الصحابة مخالف في ذلك فصار اجماعاً .
وقد خالف في ذلك أصحاب الرأي فلم يجوّزوا ذلك والله أعلم
-8- لو نسي صلاة حضَر فذكرها في أثناء السفرأو العكس صلى في الحالتين صلاة حضر وقد ذكر ذلك أحمد رحمه الله تعالى هاتين المسألتين في رواية أبي داوود والأثرم . 
قال في رواية الأثرم : " أما المقيم إذا ذكرها في السفر فذاك بالإجماع صلي أربعاً , وإذا نسيها في السفر فذكرها في الحضر صلى أربعاً بالإحتياط " . 
-9- إذا سافر بعد دخول وقت الصلاة فقال ابن عقيل : " فيه روايتان : أحدهما قصرها , قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن له قصرها وهذا قول مالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي , لأنه سافر قبل خروج وقتها أشبه مالو سافر قبل وجوبها . 
والثانية : ليس له قصرها لأنه وجبت عليه في الحضر فلزمه اتمامها كما لو سافر بعد خروج وقتها , أو بعد احرامه بها " انتهى .
-10- المقيم إذا ائتم بمسافر فلابد أن يكمل المقيم صلاته بعد سلام المسافر من صلاته إذا كان المسافر قاصراً للرباعية وهذا معلوم ومعروف وقد أجمع عليه العلم .
-11- أخيراً المسافر له أن يقصر الصلاة مالم يُجْمع اقامة في البلد الذي سافر إليه وإن أتى عليه سنون , وقد حكى ابن المنذر الإجماع في ذلك فقال :
" أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر مالم يجمع إقامة وإن أتى عليه سنون " . وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد  , , ,   .

السبت، 19 نوفمبر 2011

الأحاديث الضعيفة في ثواب من حفظ أو لقن القرآن

من الأحاديث الضعيفة في من حفظ القرآن ماذكره ابن الجوزي في كتابه " العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " حيث ساق حديثين بسنديهما فقال :
* " أنبانأ قال : حدثنا أبوبكر بن ثابت قال : حدثنا أبوطالب عمر بن ابراهيم الفقيه قال : أخبرنا عيسى بن حامد بن بشر القاضي قال : حدثنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن الحسين السقطي قال : حدثنا يحي بن معين قال حدثنا عبدالرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تعلم القرآن وحفظه أدخله الله الجنة وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلٌ قد أوجب النار " .
قال الخطيب : " رجلب لسناده كلهم ثقات إلا السقطي والحديث غير ثابت " .
* وقال أيضاً : أنبأنا اسماعيل بن أحمد قال : أخبرنا ابن مسعدة قال : حدثنا حمزة بن يوسف قال : أخبرنا أبوأحمد ابن عدي قال : حدثنا علي بن الحسن بن هارون البلدي قال : حدثنا اسحاق بن يسار قال : أخبرنا أبوصالح كاتب الليث قال : حدثني رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جمع القرآن متّعه الله بعقله حتى يموت " .
قال ابن عدي : " لايرويه عن جرير غير رشدين " ,  وقال يحي بن معين : " رشدين ليس بشيء " , وقال النسائي : " متروك وكاتب الليث ليس بثقة " . انتهى كلام ابن الجوزي . 
وهناك حديث آخر ضعيف جداً في ثواب مالخاتم القرآن عند ختمه ينسب ليزيد الرقاشي وينسبه لأنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لصاحب القرآن عند كل ختْمه دعوة مستجابة وشجرة في الجنة لو أن غراباً طار من أصلها لم ينته إلى فروعها حتى يدركه الهرم " وهذا الحديث ضعيف لضعف يزيد الرقاشي هذا الذي قال عنه الإمام أحمد : " لايكتب عنه شيء " ويرويه أيضاً عن يزيد الرقاشي ( أبو عصمة ) وفي بعض النسخ التي روي ونقل عنها الحديث ( أبو عاصمة ) وقد أخبر عنه ابن حبان بأنه : " لايجوز الإحتجاج به " . 

             ---- وهناك حديث ضعيف في ثواب من لقن القرآن ----
وقد ذكره ابن الجوزي في ( العلل المتناهية ) فقال :
" أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال : حدثنا اسماعيل بن مسعدة قال : أخبرنا حمزة قال : حدثنا أبو أحمد ابن عدي قال : حدثنا أبوعقيل الخولاني قال : حدثنا عبدالله بن رزين قال : سمعت ابن عياش يقول : حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من علّم رجلاً آية من كتاب الله فهو مولاه لاينبغي له أن يخذله أو يتآمر عليه فإن فعل فصم عروة من عرى الإسلام " قال ابن الجوزي في تعليقه على الحديث : " هذا حديث لايصح , قال ابن حبان : اسماعيل بن عياش تغير في آخر عمره فكثُر الخطأ في حديثه وهو لايعلم فخرج عن حد الإحتجاج "  والله تعالى أعلم , , ,   .

في علم المنطق ومابني عليه , , , .

ذكر شيخ الإسلام في كتابه ( نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان ) قاعدة مهمة عن المنطق اليوناني وكيف بنى الفلاسفة والمنطقيين كلامهم وخصوصاً في الكلام على الحدّ والقياس ومن يقرأ في علم المنطق والكلام ــ هذا إن سميناه علما ــ فإنه لايخرج في النهاية بكثير فائدة ولا بغزير علم قيّم وإنما هو يصرف طاقته لأمورٍ لايحتاجها في حياته ولا ترتبط بسعادته في دنياه وآخرته وإنما تتلف عقله وتجهد ذهنه وفكره في أمر لايجني له ثمرة ولا يبقي له أثرة من علم أو خبر أو مفخرة أو قدر وإن أشير له بالبيان وكامل الحجة والبرهان حيناً من الأحيان  .
فإذا علمنا ذلك فلا نريد أن نشغل أنفسنا بالتبحر في ذلك ولكن لابد أن نعرف بعض الأمور لكي نردّ بها على الغير الخصيم والإمعة اللئيم وقاعدة شيخ الإسلام هذه هي نافعة لكي يعرف من يريد الحق . .  ماهو المصدر الذي يزعب منه المنطقيين والعقلانيين والملاحدة اليونانيين فيقول رحمه الله تعالى في كتاب المنطق من فتاويه :
" فإني كنت دائماً أعلم أن المنطق اليوناني لايحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد , ولكن كنت أحسب ان قضاياه صادقة لما رأينا من صدق كثير منها , ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه وكتبت في ذلك شيئاً , ولمّا كنت بالإسكندرية اجتمع بي من رأيته يعظّم المتفلسفة بالتهويل والتقليد , فذكرت له بعض مايستحقونه من التجهيل والتضليل , واقتضى ذلك أني كتبت في قعدةٍ بين الظهر والعصر من الكلام على المنطق ماعلّقته تلك الساعة , ولم يكن ذلك من همّتي , لأن همتي كانت فيما كتبته عليهم في " الإلهيات " .
وتبين لي أن كثيراً مما ذكروه في المنطق هو من أصول فساد قولهم في الإلهيات , مثل ماذكروه من تركيب الماهيات من الصفات التي سموها " ذاتيات " وماذكروه من حصر طرق العلم فيما ذكروه من الحدود والأقيسة البرهانيات , بل ماذكروه من الحدود التي بها يُعرف التصورات بل ماذكروه من صور القياس ومواده اليقينيات . فأراد بعض الناس أن يكتب ماعلّقته إذ ذاك من الكلام عليهم في المنطق فأذنت له في ذلك لأنه يفتح باب معرفة الحقّ , وإن كان مافتح من باب الرد عليهم يحتمل أضعاف ماعلّقته " انتهى كلامه . 

ثم شرع رحمه الله في بيان قاعدة هؤلاء المنطقيين فقال : 
" فاعلم أنهم بنوا ( المنطق ) على الكلام في الحدّ ونوعه , والقياس البرهاني ونوعه . قالوا لأن العلم : إما تصوّر , وإما تصديق , فالطريق الذي ينال به التصور هو الحدّ , والطريق الذي ينال به التصديق هو القياس " (1)
ثم أخذ في الرد عليهم فقال :
" الكلام في أربع مقامات :
* مقامين سالبين
* ومقامين موجبين .
فالأولان ــ أي المقامين السالبين ــ أحدهما في قولهم : ان التصور المطلوب لاينال إلا بالحد . والثاني : أن التصديق المطلوب لاينال إلا بالقياس .
والآخران ــ أي المقامين الموجبين ــ في أن الحدّ يفيد العلم بالتصورات , وأن القياس أو البرهان الموصوف يفيد العلم بالتصديقات " . انتهى

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

الأحاديث الضعيفة في الوتر مع حكم الوتر في الشرع . .

 كثُر بين الناس اعتقاد أن الوتر فرض لايجوز تركه والصحيح أنه سنة مؤكدة وهو قول جماهير أهل العلم إلا أبو حنيفة رحمه الله فإنه ذهب إلى أنها واجبة واستدل بحديث : " الوتر حقٌ على كل مسلم فمن أحب أو يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل " وهذا على الراجح أنه موقوف على أبي أيوب الأنصاري .
وعموماً الذي رجحه أكثر العلماء أن الوتر سنة مؤكدة لعدة أدلة منها :
* ماقد الإمام أحمد وأبي داوود والنسائي وابن ماجة أن المُخدجي ( رجل من بني كنانة ) أخبره رجل من الأنصار يكنى أبا محمد يقول : " الوتر واجب "  فقال عبادة بن الصامت : كذب أبو محمد – أي أخطأ – سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( خمس صلوات كتبهن الله تبارك وتعالى على العباد من أتى بهْن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله تبارك وتعالى عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد ؛ إن شاء عذبه وإن شاء غفر له "  .
* وكذلك ماروى البخاري ومسلم من حديث طلحة بن عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة " فقال الأعرابي : هل علي غيرها ؟ قال : لا 0 إلا أن تطوع " فلما أدبر قال رسول لالله صلى الله عليه وسلم  : " أفلح إن صدق "  ( متفق عليه ) .
والحديث هنا لما كان هناك اعتقاد شائع بوجوبه ــ أي الوتر ــ كان لزاماً أن أذكر بعض الأحاديث الضعيفةالواردة في شأن الوتر لكي يطّلع عليها الجميع فمنها :
* ماروي في أن الوتر فريضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ذلك حديثان :
الأول عن يحي بن سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثٌ عليّ فريضة وهي لكم تطوع : الوتر , وركعتا الفجر , وركعتا الضحى " .
والثاني حديث مروان بن معاوية قال أخبرنا عبدالله بن محرّر عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت بالوتر والضحى ولم يفرض عليّ " .
وهذان الحديثان ضعيفان وقد رواهما ابن الجوزي في كتابه ( العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ) وبين ضعفهما ففي الأول وضّاح بن يحي ومندل وهما ضعيفان وفي الثاني : عبدالله بن محرر وهو كذاب . 
وقد ساق الحديثان ابن الجوزي بسنديهما إليه فقال :
" أخبرنا محمد بن ناصر قال : حدثنا أبو منصور محمد بن أحمد المقرئ قال : حدثنا أبو بكر بن الأخضر قال : أخبرنا ابن شاهين قال : أخبرنا ابن شاهين قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا محمد بن أحمد بن زياد قال : حدثنا وضاح بن يحي قال : حدثنا مندل عن يحي بن سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثٌ عليّ فريضة وهي لكم تطوع : الوتر , وركعتا الفجر , وركعتا الضحى " .
وقال أيضاً : " أخبرنا ابن ناصر قال أخبرنا أبو منصور بن عبدالرزاق قال : حدثنا ابن الأخضر قال : حدثنا ابن شاهين قال : حدثنا محمد بن عيسى البروجردي قال : حدثنا عمير بن مرداس قال حدثنا محمد بن بكير قال : حدثنا مروان بن معاوية قال : حدثنا عبدالله بن محرر عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  " أمرت بالوتر والضحى ولم يفرض عليّ " .
قال ابن الجوزي : " هذان حديثان لايثبتان أما الأول ففيه وضاح بن يحي , قال ابن حبان : " كان يروي الأحاديث المقلوبات التي كانت معمولة فلا يحتج به " , وقال أحمد : " مندل ضعيف " وأما الثاني ففيه عبدالله بن محرر قال ابن حبان : " كان يكذب " . انتهى كلامه . وهناك أحاديث ضعيفة في مقدار الوتر سنذكرها فيما بعد , , , والله الموفق .

شهادة الجن ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبعضٌ من خبر قس بن ساعدة الإيادي .

روى الحافظ أبو القاسم بن عساكر حديث محمد بن عيسى بن محمد بن سعيد القرشي قال : حدثنا أبي حدثنا علي بن سليمان بن علي عن علي بن عبدالله عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قدم الجارود بن عبدالله فذكر قصة قس بن ساعدة الإيادي ثم ذكر عن الذي ضل بعيره فذهب في طلبه , قال : فبت في وادٍ لاآمن فيه حتفي , ولا أركن إلى غير سيفي , أرقُب الكوكب وأرمق الغيهب ــ  ظلام الليل ــ حتى إذا الليل عسعس وكاد الصبح أن يتنفس هتف بي هاتف ــ من الجن ــ يقول :
ياأيها الراقد في الليل الأجـــمّ * قد بعث الله نبياً في الحــــرمْ
من هاشمٍ أهل الوفاء والكرم  * يجلو دجيّات الدياجي والبُهمْ
قال : فأدرت طرفي , فما رايت شخصاً ولا سمعت له فحصاً , فأنشأت أقول : 
ياأيها الهاتف في داجي الظُلَم * أهلاً وسهلاً بك من طيفٍ ألمّ
بين هداك الله في لحن الكَلِـــم * ماذا الذي تدعو إليه يغتنــــمْ 
فإذا أنا بنحنحة وقائل يقول : " ظهر النور , وبطل الزور , وبعث الله محمداً بالحبُور , صاحب النجيب الأحمر , والتاج والمغفر , والحاجب الأقمر , والطرف الأحور , صاحب قول شهادة أن لاإله إلا الله وذلك محمد المبعوث إلى الأسود والأبيض أهل المدر والوبر , ثم أنشأ بقول : 
الحمد لله الــــــذي * لم يخلُق الخلق عبثْ
لم يخلنا يوماً سدى* من بعد عيسى واكترث
أرسل فينا أحمـــداً* خير نبي قد بُعــــــث
صلى عليه الله ما * حج له ركبٌ وحــــثّ
وقد رُوي في هذه الرواية شعراً لقس بن ساعدة الإيادي ومنه :
ياناعي الموت والملحود في جدثِ * عليهم من بقايا قولهم خِــــرق ُ
دعهم فإن لهم يوماً يصاح بهـــــم * فهم إذا انتبهوا من نومهم أرقوا
حتى يعودوا بحالٍ غير حالهـــــم * خلقاً جديداً كما من قبله خلقوا
منهم عراة ومنهم في ثيابهــــــــم * منها الجديد ومنها المنهج الخلِق
وقد رواه البيهقي عن طريق محمد بن عبدالله بن يوسف الأصبهاني قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن سعيد بن فرضخ الأخميمي بمكة قال : حدثنا القاسم بن عبدالله بن مهدي قال : حدثنا أبو عبيدالله سعيد بن عبدالرحمن المخزومي قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر القصة الماضية والإنشاد ثم قال : فوجدوا عند رأسه صحيفة فيها :
ياناعي الموت والأموات في جدثٍ * عليهمُ من بقايا نومهم خــــــرقُ
دعهم فإن لهم يوماً يصاح بهـــــم  * كما تَنبّه من نوماته الصَعِـــــــقُ
منهم عراةٌ وموتى في ثيابــــــــهم * منها الجديد ومنها الأزرق الخلق
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لقد آمن قسٌ بالبعث " . انتهى
قال ابن كثير في تاريخه معلّقاً على هذا الخبر : " وأصله مشهور ــ يقصد هذا الخبر والقصة بمجملها ــ وهذه الطرق على ضعفها كالمتعاضدة على اثبات أصل القصة " .
والله ولي التوفيق , , ,   .

الخميس، 17 نوفمبر 2011

قس بن ساعدة الإيادي . . خبره وإعجاب النبي صلى الله وسلم بكلامه .

ذكر ابن كثير في تاريخه عن خبر قس بن ساعدة الإيادي فقال :
" قال الحافظ أبوبكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب هواتف الجان : حدثنا داوود القنطري حدثنا عبدالله بن صالح حدثني أبوعبدالله المشرقي عن أبي الحارث الوراق عن ثور بن يزيد عن مورق العجلي عن عبادة بن الصامت قال : لما قدم وفد إياد على النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يامعشر وفد اياد , مافعل قس بن ساعدة الإيادي " , قلوا : هلك يارسول الله , قال : " لقد شهدته بسوق عكاظ يتكلم بكلام مُعجب مونّق لاأجدني أحفظه . فقام له أعرابي من أقاصي القوم فقال : أنا أحفظه يارسول الله , قال : فسُر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال :
فكان بسوق عكاظ على جمل أحمر وهو يقول :
" يامعشر الناس اجتمعوا فكل من فات فات وكل ماهو آتٍ آت , ليلٌ داج , وسماء ذات أبراج وبحر عجّاج , نجوم تزهر , وجبالٌ مرسية وأنهار مَجريّة , إن في السماء لخبرا , وإن في الأرض لعبرا , مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالإقامة فأقاموا أم تركوا فناموا , أقسم قسٌّ بالله قسماً لاريب فيه إن لله ديناً هو أرضى من دينكم هذا ثم أنشأ يقول :
في الذاهبين الأوليـــــــــ *ـــــن من القرون لنا بصائر
لما رأيت مَـــــــــــوارداً * للموت ليس لها مصــــادر
ورأيت قوماً نحوهـــــــأ * يمضي الأصاغر والأكابر
لامن مضى يأتي إليــــك* ولا من الباقين غــــــابر
أيقنت أني لامحــــــــالة * حيث صار القوم صائــر
وهذا اسناد غريب من هذا الوجه وقد رواه الطبراني من وجه آخر في المعجم الكبير "
وقال ابن كثير في موضع آخر وفي هذه آخر هذه القصة عجباً قال :
" أخبرنا الشيخ المسند الرحلة أحمد بن أبي طالب الحجار إجازة إن لم يكم سماعاً قال : أجاز لنا جعفر بن علي الهمداني قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن ابراهيم السلفي سماعاً وقر أت على شيخنا الحافظ أبي عبدالله الذهبي أخبرنا أبوعلي الحسن بن علي بن أبي بكر الخلال سماعاً قال : أخبرنا جعفر بن علي سماعاً قال : أخبرنا السلفي سماعاً أخبرنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن ابراهيم الرازي أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ حدثنا أبو محمد أبو عبدالله بن جعفر بن درستويه النحوي قال : حدثنا اسماعيل بن ابراهيم بن أحمد السعدي ــ قاضي فارس ــ حدثنا أبوداوود سليمان بن سيف بن يحي بن درهم الطائي من أهل حران حدثنا ابوعمرو سعيد بن يربع عن محمد بن اسحاق حدثني بعض أصحابنا من أهل العلم عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال : كان الجارود بن المعلّى بن حنش بن معلى العبدي نصرانياً حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها عالماً بسِير الفرس وأقاويلها بصيراً بالفلسفة والطب ظاهر الدهاء والأدب كامل الجمال ذا ثروة ومال وأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وافداً في رجال من عبدالقيس ذوي آراء وأسنان وفصاحة وبيان وحجج وبرهان فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف بين يديه وأشار إليه وأنشأ يقول :
يانبي الهـــــــــــــدى أتتك رجالٌ * قطعت فدفداً وآلا فآلا
وطوت نحوك الصحاصح تهـوي * لاتعد الكلال فيك كلالا
كل بهماء قصّر الطرف عنـــــها * أرقلتها قلاصنا ارقالا
وطوتها العتاق يجمح فيــــــــــها * بكُماة كأنجم ٍ تتــــلالا
تتبتغي دفع بأس يومٍ عظيـــــــم  * هائل أوجع القلوب وهالا
ومزاداً لمحشر الخلق طُـــــــراً  * وفراقاً لمن تمادى ضلالا
نحو نورٍ من الإله وبرهانـــــــــ* ـــٍ   وبرّ ونعمة أن تنــــالا
خصك الله يابن آمنة الخيــــــــــ*ــــر بها إذ أتتك سجالاً سجالا
فاجعل الحظ منك ياحجة اللــــــ*ـــه جزيلاً لاحظ خلف ٍ أحالا
قال فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم وقرّب مجلسه وقال له : " ياجارود لقد تأخر الموعود بك وبقومك " فقال الجارود : فداك أبي وأمي أما من تأخر عنك فقد فات حظه وتلك أعظم حوبة وأعظم عقوبة , وما كنت فيمن رآك أو سمع بك فعاداك واتبع سواك وإني الآن على دين قد علمت به , قد جئتك وها أنا تاركه لدينك , أفذلك مما يمحّص الذنوب والمآثم والحوب ؟ ويُرضي الرب عن المربوب ؟
فقال له رسول له صلى الله عليه وسلم : " أنا ضامنٌ لك ذلك وأخلص الآن لله بالوحدانية ودع عنك دين النصرانية " فقال الجارود : فداك أبي وأمي , مدّ يدك فأنا أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قال : فأسلم وأسلم معه أناس من قومه فسُر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه وأظهر من اكرامه ماسروا به وابتهجوا به , ثم أقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي " فقال الجارود : فداك أبي وأمي كلنا نعرفه , وإني من بينهم لعالمٌ بخبره واقفٌ على أمره , كان قسّ يارسول الله سبطاً من أسباط العرب عمّر ستمائة سنة تقفر منها خمسة أعمار في البراري والقفار يضج بالتسبيح على مثال المسيح لايقرّه قرار ولا تكنه دار ولا يستمتع به جار كان يلبس الأمساح ويفوق السُّياح ولا يفتر من رهبانيته يتحسى في سياحته بيض النعام ويأنس بالهوام ويستمتع بالظلام , يبصر فيعتبر ويفكر فيختبر , فصار لذلك واحد تضرب بحكمته الأمثال , وتكشف به الأهوال , أدرك رأس الحواريين سمعان , وهو أول رجل تأله من العرب ووحد وأقر وتعبد وأيقن بالبعث والحساب وحذر سوء المآب وأمر بالعمل قبل الفوت , ووعظ بالموت وسلّم للقضاء على السخط والرضا , وزار القبور , وذكر النشور , وندب بالأشعار , وفكر بالأقدار , وأنبأ عن السماء والنماء , وذكر النجوم وكشف الماء , ووصف البحار , وعرف الآثار , وخطب راكباً , ووعظ دائباً , وحذر من الكرب ومن شدة الغضب ورسّل الرسائل , وذكر كل هائل , وأرغم في خُطبه , وبين في كتبه , وخوف الدهر , وحذر الأُزُر ــ الذنوب ــ وحذر الأمر , وجنب الكفر , وشوق إلى الحنيفية , ودعا إلى اللاهوتية .
وهو القائل في يوم عكاظ : شرق وغرب , ويتم وحزب , وسلم حرب , ويابس ورطب وأجاج ــ اي مالح ويقصد الماء ــ وعذب , وشموس وأقمار , ورياح وامطار , وليل ونهار , واناث وذكور , وبرار وبحور وحب ونبات وآباء وأمهات وجمع وأشتات , وآيات في اثرها آيات , ونور وظلام , ويسر واعدام , ورب وأصنام , لقد ضلّ الأنام , نشوّ مولود , ووأد مفقود , وتربية محصود , وفقير وغني ومحسن ومسيء , تباً لأرباب الغفلة , ليصلحن العامل عمله , وليفقدن الآمل أمله , كلا بل هو إله واحد , ليس بمولود ولا والد , أعاد وأبدى وأحيا وأمات , وخلق الذكر والأنثى , رب الآخرة والأولى . 
أما بعد : فيامعشر اياد , أين ثمودٌ وعاد ؟ وأين الآباء والأجداد ؟ واين العليل والعوّاد ؟ كلٌ له معاد يقسم قس برب العباد , وساطح المهاد , لتحشرن على الإنفراد , في يوم التناد , إذا نفخ في الصور ونقر في الناقور وأشرقت الأرض ووعظ الواعظ , وانتُبذ القانط وأبصر اللاحظ , فويلٌ لمن صدف عن الحق الأشهر , والنور الأزهر , والعرض الأكبر في يوم الفصل , وميزان العدل , إذا حكم القدير وشهد النذير , وبعُد النصير وظهر التقصير , ففريقٌ في الجنة وفريق في السعير , وهو القائل : 
ذكر القلب من جواه ادّكارُ * وليالٍ خلا لهن نهارُ 
وسجالٌ هواطل من غمـــــامٍ  * ثِرن ماءً وفي جواهن نارُ
ضوءها يطمس العيون وأرعـ*ـــاد ٌ شدادٌ في الخافقين تُطار
وقصور مشيدة ٌ حوت الخــــــ* وأخرى خلت بهن قفارُ
وجبالٌ شوامخٌ راسيــــــــــاتٌ* وبحارٌ مياههن غزارُ 
ونجومٌ تلوح في ظُلم الليــــــــ*ــــل نراها في كل يوم تدارُ 
ثم شمسٌ يحثّها قمرُ الليـــــــــ*ــل وكلٌ متابعٌ مــــــــّوار 
وصغيرٌ وأشمط وكبيــــــــــرٌ* كلهم في الصعيد يوماً مزار 
وكبيرٌ مما يقصّر عنــــــــــه * حدسُه الخاطر الذي لايحارُ 
فالذي قد ذكرت دلّ على اللـــ*ــــه نفوساً لها هديٌ واعتبار
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهما نسيت فلست أنساه بسوق عكاظ واقفاً على جمل أحمر يخطب الناس : اجتمعوا فاسمعوا , وإذا سمعتم فعوا , وإذا وعيتم فانتفعوا , وقولوا واذا قلتم فاصدقوا , من عاش مات , ومن مات فات , وكل ماهو آتٍ آت , مطر ونبات , وأحياء وأموات , ليلٌ داج , وسماء ذات أبراج , ونجوم تزهر , وبحارٌ تزخر , وضوء وظلام , وليلٌ وأيام , وبرٌّ وآثام , إن في السماء خبرا , وإن في الأرض عِبرا , يحار فيهن البصرا , مهادٌر موضوع , وسقفٌ مرفوع , ونجوم تغور , وبحارٌ لاتفور , ومنايا دوانٍ , ودهرٌ خوّان , كحد النسطاس , ووزن القسطاس , أقسم قسٌّ قسما , لاكاذباً فيه ولا آثما , لئن كان في هذا الأمر رضا , ليكونن سخط , ثم قال :
أيها الناس إن لله ديناً هو أحب من دينكم الذي أنتم عليه وهذا زمانه وأوانه .
ثم قال : مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمُقام فأقاموا أم تركوا فناموا , والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيكم يروي شعره لنا ؟ فقال أبوبكر الصديق : فداك أبي وأمي أنا شاهدٌ له في ذلك اليوم حيث يقول :
في الذاهبين الأوليـــــــــ *ـــــن من القرون لنا بصائر
لما رأيت مَـــــــــــوارداً * للموت ليس لها مصــــادر
ورأيت قوماً نحوهـــــــأ * يمضي الأصاغر والأكابر
لامَن مضى يأتي إليــــك* ولا من الباقين غــــــابر
أيقنت أني لامحــــــــالة * حيث صار القوم صائــر
قال : فقام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخٌ من عبدالقيس عظيم الهامة طويل القامة , بعيد مابين المنكبين فقال : فداك أبي وأمي وأنا رأيت من قسّ عجبا , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ماالذي رأيت ياأخا بني عبدالقيس ؟ 
فقال : خرجت شبيبتي أربّع بعيراً لي ندّ عني أقفو أثره في تنائف ــ أي صحاري ــ قفاف ذات ضغابيس ــ أي شوك ــ وعرصات جثجاث بين صدور جذعان , وغمير حوذان , ومهمه ظلمان , ورصيع ليقهان , فبينما أنا في تلك الفلوات أجول بسبسبها وأرنق فدفدها , إذا أنا بهضبة في نشزاتها أراك كباث مخضوضلة , وأغصانها متهدلة , كأن بريرها حب الفلفل وبواسق أقحوان , وإذا بعين خرارة وروضة مدهامة , وشجرة عارمة , وإذا أنا بقس بن ساعدة في أصل تلك الشجرة وبيده قضيب .
فدنوت منه وقلت له : أنعم صباحاً , فقال : وأنت فنعم صباحك , وقد وردت العين سباعٌ كثيرة فكان كلما سبعٌ منها يشرب من العين قبل صاحبه ضربه قسٌّ بالقضيب الذي بيده , وقال : اصبر حتى يشرب الذي قبلك فذعرت من ذلك ذعراً شديداً ونظر إلي وقال لاتخف , وإذا بقبرين بينهما مسجد فقلت ماهذان القبران ؟
قبرا أخوين كانا يعبدان الله بهذا الموضع فأنا مقيم بين قبريهما أعبد الله حتى ألحق بهما . فقلت له : أفلا تلحق بقومك فتكون معهم في خيرهم وتباينهم على شرّهم ؟
فقال لي : ثكلتك أمك !! أوما علمت أن ولد اسماعيل تركوا دين أبيهم واتبعوا الأضداد وعظموا الأنداد .
ثم أقبل على القبرين وأنشأ يقول :
خليلي هبّا طالما قد رقدتمـــــــــــا * أجدكما لاتقضيان كـــــــراكُما
أرى النوم بين الجلد والعظم منكما * كأن الذي يسقي العقار سقاكما
أمن طول نومٍ لاتجيبان داعيــــــاً * كأن الذي يسقي العقار سقاكما
ألم تعلما أني بنجران مفـــــــــرداً * ومالي فيه من حبيب سواكمــا 
مقيمٌ على قبريكما لست بارحـــــاً * إياب الليالي أو يُجيب صداكما 
أأبكيكما طول الحياة وماالـــــــذي* يرد على ذي لوعةٍ إن بكاكما 
فلو جُعلت نفسٌ لنفس امرئٍ فداء * لجدت بنفسي أن تكون فداكما 
كأنكما والموت أقرب غايــــــــة * بروحي في قبريكما قد أتاكما 
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( رحم الله قسَّاً , أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده ))  وهذا الحديث غريب جداً من هذا الوجه وهو مرسل , إلا أن يكون الحسن سمعه من الجارود ورواه البيهقي في رواية مشابهة .
فرحم الله قساً وجمعنا وإياه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا . والله الموفق والمستعان , , ,    .
    

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

خالد بن سنان العبسي . . . نبي ضيعه قومه .

هو من أشهر العرب في الجاهلية وذكر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبي قد أضاعه قومه في غير خبر . وقد قيل أنه ليس هناك نبي بعد اسماعيل من العرب غير محمد ولكن هذا القول يتبين بطلانه في الأحاديث الوارده ونقول أنه : من يستقرئ المراجع ويرجع لكتب التاريخ يتبين أنه قد كان هناك أنبياء في العرب وقد كان هناك رسل فلو صحت هذه المقولة لكان الكلام :
[ أنه لم يبعث رسولٌ بعد اسماعيل عليه السلام غير محمد صلى الله عليه وقد كان هناك أنبياء من العرب ] والفرق واضح في هذه العبارة فالرسول : " هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه " والنبي هو " من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه " .
هذا على فرض أن شعيب ليس من العرب حيث أن شعيب ليس من ذرية اسماعيل بن ابراهيم الخليل فهو حسب ماذُكر في التاريخ أنه من ذرية مدين بن ابراهيم وقيل : مدين بن مديان بن ابراهيم الخليل .
ولو كان من العرب أي من ذرية اسماعيل فقد انتهى في ذلك الحوار , علماً أنه قد ذكر في التاريخ غير ( خالد بن سنان العبسي ) نبياً فمن ذلك ( حنظلة بن صفوان ) ولكن لايُجزم بذلك فقد قيل : أن حنظلة هذا بعث إلى العرب وقت الطاغية [ بختنّصر ] البابلي الذي يسمى في بعض الأحيان [ نبوخذ نصر] هو ورجل آخر من ذرية نبي الله شعيب وهو : ( شعيب بن ذي مهذم بن شعيب بن صفوان ) فكذبوهما العرب الذين أرسلا إليهما هذان النبيّان فسلط الله على العرب هذا الملك الطاغية وقد تطرّق إلى ذلك الحافظ بن كثير في كتابه { البداية والنهاية } لهذا الموضوع .
ولكن الذي نحن بصدده الآن ووردت به النصوص هو ( خالد بن سنان العبسي ) الذي هو من بني عبس ــ قبيلة من عدنان ــ وسوف ننقل لكم بعض الأخبار عنه مما رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني فقال رحمه الله تعالى :
" حدثنا أحمد بن زهير التستري حدثنا يحي بن المعلى بن منصور الرازي حدثنا محمد بن الصلت حدثنا قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها ثوبه وقال : ( بنت نبي ضيّعه قومه ) " .
وقد روى هذا الحديث أبو بكر البزّار عن يحي بن المعلّى إلى آخره بدون أحمد التستري قال : ــ أي ابن عباس ــ : " ذُكر خالد بن سنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ذاك نبي ضيّعه قومه ) وقال عنه الحافظ البزار : " ولا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه " . قال ابن كثير في تاريخه : وكان قيس بن الربيع ثقة في نفسه إلا أنه كان رديء الحفظ وكان له ابنٌ يدخل في أحاديثه ماليس منها " .
قال البزار :وقد رواه الثوري عن سالم الافطس عن سعيد بن جبير مرسلا وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا المعلى ابن مهدي الموصلي قال حدثنا أبو عوانه عن أبي يونس عن عكرمه عن ابن عباس أن رجلا من عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه : إني اطفئ عنكم نار الحرتين , فقال له رجل من قومه : والله ياخالد ماقلت لنا قط الا حقاً فما شأنك وشأن نار الحرتين تزعم أنك تطفئها فخرج خالد ومعه أناس من قومه فيهم عمارة ابن زياد فأتوها فإذا هي تخرج من شق جبل فخط لهم خالد خطّه فأجلسهم فيها فقال: إن ابطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا فاستقبلها خالد فجعل يضربها بعصا وهو يقول:(بدا بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أن لا أخرج منها وثيابي بيدي) حتى دخل معها الشق فأبطا عليهم فقال لهم عمارة ابن زياد:( والله إن صاحبكم لو كان حيا لقد خرج إليكم بعدي) قالوا فدعوه باسمه فقالوا إنه نهانا أن ندعوه باسمه فدعوه بأسمه فخرج وهو آخذ برأسه فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي فقد والله قتلتموني فادفنوني فإذا مرة بكم الحمر فيها حمار أبتر فانبشوني فإنكم تجدوني حيا فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا انبشوه فأنه امرنا ان ننبشه فقال لهم عماره : " لا والله لاتحّدث مُضر أننا ننبش موتانا " وقد كان قال لهم خالد : " إن في عُكن امرأته لوحين  فإن أشكل عليكم أمرٌ فانظروا فيها , فإنكم ستجدون ماتسألون عنه , قال : ولا يمسهما حائض " فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما إليهم وهي حائض فذهب ماكان فيهما من علم .
قال ابن كثير : " قال أبو يونس : قال سماك بن حرب سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ذاك نبي أضاعه قومه )) . قال أبو يونس : قال سماك بن حرب إن ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( مرحباً بابن أخي )) فهذا السياق موقوف على ابن عباس " .
ويستطرد ابن كثير ويقول : " والمرسلات التي فيها أنه نبي لايحتج بها ههنا والأشبه أنه كان رجلاً صالحاً له أحوال وكرامات فإنه إن كان في زمن الفترة فقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن أولى الناس بعيسى ابن مريم أنا لأنه ليس بيني وبينه نبي ))  وإن كان قبلها فلا يمكن أن يكون نبياً لأن الله تعالى قال : [[ لتنذر قوماً ماأتاهم من نذيرٍ من قبلك . . . ]] سورة القصص آية 46 "  انتهى .
والذي يتبين من هذا الحديث أنه ليس بنبي فهو كما قيل أنه ولي صالح جرت على يديه كرامات وذلك لتمسكه بالدين الصحيح والحنيفية السمحة والله أعلم .

الأحد، 13 نوفمبر 2011

هل الله في جهة أو في حيز ؟ ؟ مسألة عقدية

بعد حمد الله وشكره والصلاة على نبيه الكريم نقول :
إنه في أواخرالقرن الأول وأوائل الثاني للهجرة تقريبا ظهرت كثير من الألفاظ المستجدة المُحدثة التي ابتدعها أهل الضلال والزيع من المشككين أو الممثلين او المجسمين لله والمشبهينه بخلقه وذلك مع بداية ظهورالمذاهب الفقهية كما ورد ذلك في كتاب للشيخ عبدالله الغصن واسمه ( دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية ) فقال :
"  أول من عرف عنه إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة نفياً أو إثباتاً: أهل الكلام المحدث بقسميهم : النفاة كالجهمية والمعتزلة. والمثبتة الغلاة كالمشبهة من الرافضة وغير الرافضة " . والجهم بن صفوان رأس الضلال كان خروجه في بداية القرن الثاني الهجري وهو الذي حمل لواء المعطلة بعد موت الجعد بن درهم وكان ذلك في أوائل القرن الثاني الهجري أي سنة 105هـ .
والألفاظ المبتدعة التي عنيناها هي لفظ " الجسم " و" العرض " و"  الجهة " و " الحيز " فهل الله سبحانه في جهة ؟ أو في حيز ؟
لنعلم أن هذه الألفاظ من الكلمات المبتدعة التي ابتدعها أصحاب الكلام من المعتزلة والجهمية وأنها لم ترد في الشرع نفياً ولااثباتاً ولم يتكلم بها الصحابة ولا التابعين ولم ينطقوا بها نفياً ولا اثباتاً كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإنه قال كبداية جواب على لفظ الجهة والحيز : " قيل هذه الألفاظ مجملة لم يرد بها الكتاب والسنة لانفياً ولا اثباتاً ولم ينطق أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان بإثباتها ولا نفيها " (1).
ولكن مالجواب لو قيل ذلك هل نسكت أو نجيب ؟
الجواب لابد منه لأن هناك قاعدة مهمة لابد من علمها وفهمها وتطبيقها وهي :
[[ الرد في مسائل الإعتقاد أصلٌ من أصول أهل السنة والجماعة ]]
لابد أن تعلم ذلك كما يقول ذلك الشيخ عبدالله السلمي ــ حفظه الله ــ وأما في الفروع والمسائل الفقهية فلا يلزم الرد على كل مخالف لأن ذلك يتجعلك تكلفٌ في الرد ولربما رُدّ حديث النبي صلى الله عليه وسلم انتصاراً لردك وهذا لاينبغي . 
فالرد في الأصول واجب وفي الفروع لايجب الإستقصاء فيها لأسباب كثيره , المهم في الأمر أن مسألة الجهة أمر مستجد ومبتدع والرد فيه يكون بعد بيان هذا اللفظ المجمل فليعلم ذلك فنقول لمن سأل هذا السؤال :
هل الله سبحانه وتعالى في جهة أو حيز ؟
نقول له : مالذي تقصده بكلمة " جهة " هل هي العلو , إن كانت العلو فالله في جهة العلو وفي ذلك ورد الحديث في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأل تلك الجارية فقال لها : " أين الله " , قالت : في السماء , فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعتقها : " أعتقها فإنها مؤمنة " وكان قد جاء بها ليعتقها .
ونقول : وإن كان ماتقصد أنه تحيط به بعض المخلوقات أو أن المخلوقات تحيط به فذلك منتفٍ عن الله عز وجل وليس هو في جهة بهذا الإعتبار الفاسد بل هو سبحانه لايحيط به شيءٌ من مخلوقاته وهو محيطٌ بالعالم قال تعالى : (( إنه بكل شيء محيط )) .
وكذلك في لفظ الحيّز نقول ماالذي تقصد بالحّيز : إن كنت تقصد بالحّيز أنه في مكان غير العلو وأنه أصغر من مخلوقاته لأن الحيز في بعض الأحيان يكون أصغر مما حوله فهذا لاشك منتفٍ عن الله والله سبحانه الكبير المتعال , لاأحد أكبر منه ولاأعلى منه ولا فوقه شيء ولادونه شيء ولا قبله شيء ولا بعده شيء .
وإن كنت تقصد في الحيّز أنه في زاوية منحازة عن العالم لايعلم ماحوله فهذا باطل بالنقل والعقل قال تعالى : " إنه عليم بماتفعلون " وقوله : " سبح اسم ربك الأعلى " وقوله : " وهو العلي العظيم " وقوله : " ولا يحيطون بشيء من علمه " وقوله : " يعلم مابين أيديهم وماخلفهم " وغيرها من الأدلة ولأن الله أثبت في كتابه وعلى لسان رسوله أنه في جهة العلو سبحانه  .
ومن العقل أن الله وهو ذو الصفات الحميدة الكاملة لايليق في حقه سبحانه يكون في جهة وحيز منحازعن العالم  وإلا كيف يمكن للفطرة البشرية في بني آدم أن تتجه عند الإضطرار للعلو وذلك عند العسر والكرب والضيق كضرب الأمواج في حال ركوب البحر وكالدعاء من الكافر على المظلوم أو عند رؤية المكروه والموت أو غير ذلك .
فلماذا إذاً تتجه إلى العلو ولا تتجه إلى أي جهة أخرى  ؟ لأنها تعلم في قرارة نفسها بفطرة يُشعر بها أو لايُشعر أن في جهة العلو إله قادر على كل شيء يفرج الكُربات ويقيل المنكوبين ولو كان الرب سبحانه في أي جهة أخرى لناقض ذلك العقل والفطرة السليمة . 
ثم إن أطفال الكفار لو سألته عن الرب في الغالب لوجدته يشير لجهة العلو فكيف يكون في جهة منحازة عن العالم فهذا من ناحية العقل والنقل والله تعالى أعلم . 

**************************************************
(1) فتاوي شيخ الإسلام ــ  المجلد السابع ــ ص 663 .

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

عن عدنان جد العرب ( عرب الشمال ) .

بعد حمد الله وشكره والصلاة على النبي الكريم نقول :
ــ لايوجد خلاف بين النسابين في أن عدنان من ولد اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام ولكن الخلاف في مسألة :
كمية الآباء الذي بينه وبين اسماعيل عليه السلام ! ! ! فأقل ماقيل أن بينه وبين اسماعيل جده عليه السلام أربعة آباء فقط وأكثر ماقيل أربعون وهو الذي رواه ــ أقصد عدد الأربعين ــ أهل الكتاب وهو موجود عندهم في كتبهم ويقال أنهم أخذوه من ( رخيا ) كاتب ارميا بن حلقيا { الذي هو نبي من أنبياء بني اسرائيل } وقد روى الحافظ ابن كثير في كتابه " البداية والنهاية " حديثاً في بيان أن بين عدنان واسماعيل عليه السلام أربعة وهو حديث موسى بن يعقوب عن عبدالله بن وهب بن زمعة الزمعي عن عمته عن أم  سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " معد بن عدنان بن أدد بن زند بن اليري بن أعراق الثرى .
قالت أم سلمة فزند هو : الهميسع , واليري هو نابت , وأعراق الثرى هو : اسماعيل لأنه ابن ابراهيم وابراهيم لم تأكله النار كما أن النار لاتأكل الثرى قال الدارقطني : " لانعرف زنداً إلا في هذا الحديث وزند بن الجون وهو أبو دلامة الشاعر " .
ثم أن هناك أمر يجب التنبيه عليه وهو مهم للمؤرخين فهو يبين الفرق بين عدنان ( جد العرب ) وبين القرون الغابرة ويحدد كم بين تحريف عمرو بن لحي الخزاعي ( الذي هو أبو قبيلة خزاعه ) لدين اسماعيل وبين عدنان ؟ ؟ وهل كان ماقبل عمرو بن لحي الخزاعي من ولد اسماعيل على التوحيد أم لا ؟ ؟ .

ويتبين ذلك فيما نقله الحافظ أبوالقاسم السهيلي وغيره وقد نقل ذلك ابن كثير في تاريخه المهم أن ابن كثير نقل عن السهيلي فقال : " مدة مابين عدنان إلى زمن اسماعيل عليه السلام أكثر من أن يكون بينهما أربعة آباء أو عشرة أو عشرون وذلك أن معد بن عدنان كان عمره زمن بختنَّصر ثنتي عشرة سنة , وقد ذكر أبوجعفر الطبري وغيره أن الله تعالى أوحى في ذلك الزمان إلى أرميا بن خلقيا ( أن اذهب إلى بختنصر فأعلمه أني قد سلطته على العرب وأمر الله أرميا أن يحمل معه معد بن عدنان على البراق كي لاتصيبه النقمة فيهم فإني مستخرجٌ من صلبه نبياً كريماً أختم به الرسل ) .
ففعل أرميا ذلك واحتمل معدّ على البراق إلى أرض الشام فنشأ مع بني اسرائيل ومن بقي منهم بعد خراب بيت المقدس وتزوج هناك امرأة اسمها معانة بنت جوشن من بني ( دب بن جرهم ) قبل أن يرجع إلى بلاده ثم عاد بعد أن هدأت الفتن وتمحضت جزيرة العرب وكان ( رخيا ) كاتب أرميا قد كتب نسبه في كتاب عنده ليكون في خزانة أرميا فيحفظ نسب معدّ كذلك , وكان مالك قد كره رفع النسب إلى مابعد عدنان .
والملخص في نسب عدنان كما ذكر ذلك أبوعمرابن عبدالبر في كتابه ( الإنباه في معرفة قبائل الرواه ) : " والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان قالوا : عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن اسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما السلام وهكذا ذكره محمد بن اسحاق بن يسار في السيرة " .
ويقول أبو عمر أيضاً : " وكان قوم من السلف منهم عبدالله بن مسعود وعمرو بن ميمون الأزدي ومحمد بن كعب القرظي إذا تلوا (( والذين من بعدهم لايعلمهم إلا الله . . )) سورة ابراهيم آيه 9 قالوا : كذب النسابون " .
ويستطرد أبوعمر فيقول : " والمعنى عندنا في هذا غير ماذهبوا والمراد : أن من ادعى احصاء بني آدم فإنهم لايعلمهم إلا الله الذي خلقهم وأما أنساب العرب , فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها واختلفوا في بعض فروع ذلك .
ثم إنه ولد لعدنان ولدان هما : " معد " , " عك" بتشديد الكاف وقد قال السهيلي : أن لعدنان ابن اسمه الحارث وابن آخر اسمه المذهّب . وقال أيضاً أنه قد ذكر من بنيه الضحاك وقيل إن الضحاك ابن لمعد لا ابن لعدنان .
وقال الحافظ السهيلي : أنه قيل إن " عدن " التي تعرف به مدينة عدن وكذلك " أبيَن " كانا ابنين لعدنان حكاه الطبري فتزوج عكّ في الأشعريين وسكن في بلادهم من اليمن فصارت لغتهم واحدة .
فلهذا زعمر بعض أهل اليمن أنهم منهم فيقولون : عكّ بن عدنان بن عبدالله بن الأزد بن يغوث , ويقال : عك بن عدنان بن الذيب بن عبدالله بن الأسد ويقال : الريث بدل الذيب والصحيح ــ كما يقول ابن كثيرــ أنهم من عدنان ويستشهد ببيت لعباس بن مرداس : 

وعكّ بن عدنان الذين تلعّبوا * بغسّان حتى طرّدوا كل مطردِ   

والله أعلم وبالله التوفيق , , ,   .

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

الرد على دعوى النصارى في اتحاد كلمة الله بجسد المسيح .

يعتقد النصارى أن كلمة الله التي هي ( كن ) اتحدت بجسد المسيح ولهذا رد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه [ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ] فقال عنهم وهم يتكلمون عن هذه الكلمة التي أطلقها الله تعالى فتأمل رده يقول : " وأما قولهم  ( فكان طيراً بإذن الله ) أي : بإذن اللاهوت الذي هو كلمة الله المتحدة في الناسوت فهذا إذا قالوه على أنه مذهبهم من غير أن يقولوا أن محمداً أراده تكلمنا معهم في ذلك وبينا فساد ذلك عقلاً ونقلاً .
وأما قولهم : أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أن المراد إذن اللاهوت الذي هو كلمة الله المتحدة في الناسوت " فهذا من البهتان الظاهر على محمد صلى الله عليه وسلم وهو من جنس قولهم : أن قوله  :
(( اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم .....)) الآيه
أراد الله به النصارى .
ومن جنس قولهم : (( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً . . . )) الآيه  أراد به العرب .
ومن جنس قولهم : (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات . . )) الآيه أراد بهم الحواريين .
ومن جنس قولهم : (( آلم * ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين )) أراد به الإنجيل  .
فهذه المواضع التي فسروا به القرآن , وزعموا أن محمداً صلى الله عليه وسلم الذي بين للناس ماأنزل إليهم , كان يريد بما يتلوه من القرآن هذه المعاني , وهي من الكذب الظاهر الذي يدل على غاية جهل قائلها أو غاية معاندته , ولكن مثل هذا التأويل ليس مستغرب من النصارى , فإنهم قد فسروا مواضع كثيرة من التوراة والإنجيل والزبور والنبوات بنحو هذه التفاسير تحريفاً التي حرفوا فيها هذا الكلام التي جاءت به الأنبياء تحريفاً ظاهراً فبدلوا بذلك كتب الله ودين الله وضاهوا بذلك اليهود الذين حرفوا وبدلوا , وإن اختلفت جهة التحريف والتبديل , فتحريفهم للقرآن من جنس تحريفهم للتوراة والإنجيل , وهم من الذين يدَعُون المحكم ويتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله . 
لكن في هذه المواضع حرفوا المحكم الذي معناه ظاهر لايحتمل إلا معنى واحداً فكانوا من الجهل والمعاندة أبعد عن الصواب ممن حرّف معنى المتشابه , وذلك أنه قد عُلم بالإضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : أن المسيح عبدالله مخلوق كسائر المرسلين وأنه ــ أي المسيح ــ يكفّر الذين يقولون : هو الله أو ابن الله . 
قال تعالى : (( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابم مريم قل فمن يملك من الله شيئاً أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً ولله ملك السماوات والأرض ومابينهما يخلق مايشاء والله على كل شيءقدير )) المائدة آية 17 . 
وقال تعالى : (( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني اسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار * لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ومامن إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذابٌ أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم * ماالمسيح ابن مريم إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقةٌ كانا يأكلان الطعام .  .  .  .  ))  الآيه ــ المائدة آية 72, 73 , 74 , 75 .
فقد ذكر النصارى في قولهم : هو الله مرتين , وذكر أنه ليس المسيح إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل فغايته الرسالة كما قال في محمد صلى الله عليه وسلم : (( وما محمدٌ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل . . . )) سورة آل عمران آية 144 .
وغاية أمه أن تكون صديقة ودل بهذا أنها ليست بنبية , ثم قال : (( كانا يأكلان الطعام )) وهذا من أظهر الصفات النافية للإلهية لحاجة إلى مايدخل جوفه ولما يخرج منه مع الفضلات .
والرب تعالى أحدٌ صمد ٌ لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد , والنصارى يقولون أنه يلد وأنه يولد وأن له كفواً كما بُين في موضع آخر وقد أخبر بعبودية المسيح في غير موضع كقوله : (( ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون * وقالوا أألهتنا خيرٌ أم هو ماضريوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصمون * إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني اسراءيل )) سورة الزخرف آية 57ــ 59 .
وأخبر تعالى أن أول شيء نطق به المسيح قوله : (( إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا )) سورة مريم آية 30 .
وقال تعالى : (( وإذ قال الله ياعيى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك مايكون لي أن أقول ماليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته . . . )) سورة المائدة آية 116 ــ 117  .  . . .  "  إلى آخر ماقال رحمه الله .
ثم يقول رحمه الله : " فالمقصود في هذا المقام أن هؤلاء كذبوا على محمد صلى الله عليه وسلم كذباً ظاهراً معلوماً للخلق المؤمنين به والمكذبين له ليس هو كذباً خفياً , وإن قُدّر أن ماقالوه كان معقولاً فكيف إذا كان ممتنعاً في صرائح العقل ؟ بل هو قول غير معقول أي غير معقول ثبوته في الخارج وإن كان يُعقل مايختلفون , ويُعلم به فساد عقولهم لمن قال سائر الأقوال المتناقضة الفاسدة التي يمنتع ثبوتها في الخارج وذلك كما بُسط ذلك في موضع آخر , فإن قولهم : بإذن اللاهوت الذي هو كلمة الله المتحدة في الناسوت باطل من وجوه :
منها : أن تلك الكلمة إما أن تكون هي الله , أو صفة من لذاته , أو لاهي ذاته ولا صفة له , أو الذات والصفة جميعاً .
فإن لم تكن ذات الله ولا صفته ولا الذات والصفة كانت بائنة عنه مخلوقة له , ولم يكن لاهوتاً ــ أي المسيح ــ بل ولا خالقه , وحينئذٍ فلم يتحد بالمسيح لاهوت , بل لم يتحد به ــ أي المسيح ــ فلو كان اتحد به صار مخلوق .
وإن كانت الكلمة هي الذات أو الذات والصفة فهي رب العالمين وهي ( الأب ) عندهم , وهم متفقون على أن المسيح ليس هو الأب , ولم يتحد به الأب بل الإبن .
وإن كانت الكلمة صفة لله عز وجل فصفة الله ليست هي الإله الخالق , والمسيح عندهم هو الإله الخالق وأيضاً فصفة الله قائمة بذاته لاتفارق ذاته وتحل بغيره وتتحد به وكلمة الله عندهم اتحدت بالمسيح .
وإن قالوا : قولنا هذا كما تقول طائفة من المسلمين : إن القرآن أو التوراة أو الإنجيل حل في القراء أو اتحد بهم وأن القديم حل في المخلوق أو اتحد به ونحو ذلك . قيل : لو كان قول هؤلاء صواباً لم يكن لهم فيه حجة فإنه على هذا التقدير لافرق بين المسيح وبين سائر من يقرأ التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وأنتم تدّعون أن المسيح هو الله أو ابن الله مخصوصاً بذلك دون غيره , وأيضاً فهؤلاء وجميع الأمم متفقون على أن قرّاء القرآن وسائر الكتب الإلهية ليس واحد منهم هو الله ولا هو ابن الله ولا أنه خالق للعالم فإذا جعلتم
قولكم مثل قول هؤلاء لزمكم أن لايكون المسيح هو الله ولا ابن الله ولا رباً للعالم , وأيضاً فلم نعلم أحداً من هؤلاء قال : أن اللاهوت اتحد بالناسوت ولا أن القديم اتحد بالمحدث ولا أن كلام الله هو والمخلوق شيئاً واحداً فالاتحاد باطل بااتفاق هؤلاء وغيرهم . 
ولكن طائفة منهم أطلقت لفظ الحلول , وطائفة انكرت لفظ الحلول , وقالوا إنما نقول ظهر القديم في المحدث لاحل فيه , لكن قالوا مايستلزم الحلول . وسلف المسلمين وجمهورهم يخطّئون هؤلاء ويبينون خطأهم عقلاً ونقلاً وقولهم ليس هو أحد من أئمة المسلمين ولا قول طائفة مشهورة من طوائف المسلمين كالمالكية والشافعية والحنفية واالحنبلية والثورية والداوودية والإسحاقية وغيرهم .
ولا قول طائفة من طوائف المتكلمين من المسلمين لا المنتسبين إلى السنة كالأشعرية والكرّامية ولاغيرهم كالمعتزلة والشيعة وأمثالهم  , وإنما قال ذلك طائفة قليلة انتسبت إلى بعض علماء المسلمين مثل قليل من المالكية والشافعية والحنبلية وهؤلاء غايتهم أن يقولوا بحلول صفة من صفات الله وكذلك من قال بحلول الرب واتحاده في العبد من طوائف الغلاة المنتسبين إلى التشيع والتصوف أو غيرهم فهم ضُلال كالنصارى , مع أنهم لاحجة للنصارى على هؤلاء إذ كان مايقولونه لايختص به المسيح بل هو مشترك بينه وبين غيره من الأنبياء والصالحين , والنصارى تدّعي اختصاص المسيح بالاتحاد مع أن المتحد بالناسوت صار هو والناسوت شيئا واحداً , ومع الإتحاد فيمتنع أن يكون لأحدهما فعل أو صفة خارج عن الآخر , والنصارى يدّعون الإتحاد ثم يتناقضون فمنهم من يقول : جوهر واحد , ومنهم من يقول : جوهران , ومنهم من يقول : مشيئة واحدة , ومنهم من يقول : مشيئتان . .  "  انتهى كلامه حفظه الله فيلزمهم أن يقولو بعد ذلك كله أن تكون كلمة الله لاهي ذات الله ولا صفة له ولا هي متحدة بالناسوت والله أعلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الاثنين، 7 نوفمبر 2011

الغلو في الدين والتحذير منه ومن مزالقه . . .

بعد حمد الله وشكره والصلاة على نبيه الكريم نقول :
إن هناك مظاهر بدت تستشري بين الشباب اليوم لاتبشر بخير وتنذر بخطر قادم ينجر بها الشاب إلى مزالق خطيرة وهي ( قضية الغلو في الدين والتنطع والتسرع في الحكم على الغير بلامبرر بل والتكفير أحياناً لمجرد أن هذا المحكوم عليه خالف هواه أو هوى فرقته الت إليها ينسب ) وهذا أمر ينبغي فيه التروي وعدم العجلة لأن قضية التكفير ليست بالأمر الهين وهو قرار لاينبغي أن يصدر إلا من شيخ راسخ في العلم رسوخ الجبال ولا ينبغي أن يصدر من طالب علم بسيط يمسك بالعلم من آخره ولم يؤصل نفسه علمياً .
ينجر وراء الأهواء ويكون ريشة في مهب الريح وقشة بين غثاء السيل فمرة يحلل ومرة يحرم ومرة يتردد ومرة يتبلد لايستقر على طريقه ولا ينقذ من الوحل غريقه ولايُفهم صديقه وبعد ذلك يكفر بقرار ويفجر باصرار فهل سينجو من غضب الواحد القهار وإليكم حديثين مهمين في هذا الموضوع لايعدو اتباع الهدى عنهما ولا ترجى السلامة إلا لمن فهمهما أو عمل بهما ولو لم يفهمهما :
الحديث الأول : مارواه الإمام أحمد وابن ماجة والدارمي من حديث ابن مسعود أنه قال : " خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً فقال : ( هذا سبيل الله ) وخط عن يمين ذلك الخط وعن شماله خطوطاً فقال : ( هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها ) .
والحديث الثاني : أوضح وأبين في التحذير من قضية الغلو والتكفير وهو حديث يفصل الأحداث والوقائع القادمة إلى يوم القيامة وهذا الحديث متفق عليه من حديث حذيفة بن اليمان قال : " كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني , فقلت يارسول الله : إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير , فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : ( نعم ) قلت وهل بعد هذا الشر من خير ؟ قال : ( نعم , وفيه دَخَن )  . قلت : وما دَخنُه , قال : ( قوم يهدون بغير هديي , تعرف منهم وتنكر ) . قلت : فهل بعد هذا الخير من شر , قال : ( نعم , دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها ) , قلت : يارسول الله صفهم لنا , فقال : ( هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ) , قلت : فما تأمرني إن أدركت ذلك ؟ قال : ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ) . قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا امام : ( فاعتزل تللك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة وأنت على ذلك ) .
وهناك أحاديث أخرى تحذر من خطورة الإنحراف عن الحق المبين والغلو في الدين وهو حديث حذيفة بن اليمان الذي رواه البخاري وغيره وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن أخوف ماأخاف عليكم , رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رأيت بهجته عليه وكان ردأً للإسلام , انسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك ) قلت : يانبي الله : أيهما أولى بالشرك الرامي , أو المرمي . قال : (بل الرامي ) .
وهناك كلام لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حول هؤلاء الشباب الذين ينجرّون وراء هؤلاء الفتية المتسرعين والمشبوهين وحول هؤلاء المجالس المستخفية التي يجلسونها والرحلات المجهولة التي يرتحلون فيها فقال حول ذلك حفظه الله :
[ إننا أيها الإخوان في هذا الزمان في وقت فتن وشرور وغالب المجالس تشتغل بالغيبة والنميمة والوقيعة في أعراض العلماء واعراض ولاة الأمر لأجل إثارة الفتنة وتفريق الكلمة وسوء الظن بالعلماء وإسقاط مكانتهم عند الناس , كما أن هناك أفكراً خبيثة تروّج في هذه المجالس لإفساد عقيدة المسلمين وترويج الأفكار الهدامة والعقائد الباطلة والآراء المظللة بحجة الحوار وقبول الرأي الآخر بدلاً من قبول الحق ورفض الباطل ,  وهناك دعوة لتسميم أفكار الشباب ضد آبائهم ومجتمعم وولاة أمورهم ودعوة إلى الإفساد والذي يسمونه ( الجهاد ) يتمثل باستباحة دماء المسلمين والمعاهدين والمُستأمنين وتخريب المباني والمساكن الممتلكات بالتفجيرات المدمرة والإرهاب المروع , فعليكم أيها المسلمون الحذر من هذه المجالس المستخفية والتجمعات المشبوهة والرحلات المجهولة وحافظوا على أولادكم من دعاة الفتنة الذين يندسون فيما بينهم ويجتمعون بهم ويُلقنونهم تلك الأفكار ثم ينعزل عنكم أبنائكم إلى أن يعلن عنهم بعد القبض عليهم أو قتلهم بعد قيامهم بالتخريب والعدوان على الناس أو بعد ايداعهم في السجون .
فاحذروا دعاة الفتنة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم ووصفهم بأنهم  : " دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها " وقال : " هم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا "  نعم  , إنهم يتكلمون باسم العلم , ويستترون باسم التدين ــ خداعاً ومكراً ــ  أو غلواً وافراطاً , ويُجّهلون غيرهم أو يصفونهم بالمداهنة والجري وراء المناصب والمكاسب الدنيوية  , أو يصفونهم بالجبن والتخلف عن الجهاد . .  إلى غير ذلك من الاتهامات الباطلة , فكيف تغفلون أيها المسلمون عن هؤلاء وتتهاونون بشأنهم وتتركون أولادكم بأيديهم  يقودونهم إلى هلاكهم وهلاككم وهلاك المجتمع . . . ] إلى آخر ماقال حفظه الله .

وأصدق مايكون على حالة دعاة الفتنة هؤلاء قول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري رحمه الله قال : [[ سيخرج في آخر الزمان قومٌ أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية يقرأون القرآن لايجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَة , فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله  يوم القيامة ]] وهؤلاء الشباب المارقين عن سبيل الهدى والصلاح سوف يستمر خروجهم فئات وأشكال متتابعة إلى أن يكون آخرهم مع المسيح الدجال نعوذ بالله كما أخبر بذلك علي رضي الله عنه عندما أثيرت قضيتهم عنده فقال : " لا والذي نفسي بيده إنهم لفي أصلاب الرجال , وسيخرجون ويخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال " .
نسأل الله أن يجنبنا ويجنب هؤلاء الشباب شبهات الهوى ومهاوي الردى وأطماع العدا إنه على كل شيءٍ قادر وفوق الكل قاهر وبالله التوفيق ,  ,  ,  .