* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الخميس، 10 أغسطس 2017

خطبة عن أذية الناس وخطرها

الحمدلله الذي جعل هديه خير الهدى ،  أحمده سبحانه أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وأنجى من الضلالة والردى ولم يخلق الخلق سُدى وهو أهل الحمد والثناء وأصلى نبيه صلاة دائمة بلا حدود أو مدى ، وعلى آله وصحبه أهل الجود والندى وعنا معهم وسلم تسليماً كثيراً عليهم ومن اقتدى أما بعد : 
معشر المؤمنين اتقوا الله حق التقوى في السر والنجوى وتمسكوا بالعروة الوثقى 
" ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " 
" ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما " 
أيها الناس : إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه شرع في شرعه وبين في شريعته سبحانه أن دينه جل وعلا أتى بحفظ الضروريات الخمس وهي : 
حفظ الدين والعقل والنسل والعرض والمال ومن هذه الضروريات حفظ العرض والمال وعرض الإنسان معنى يشمل كل مايصونه الإنسان في نفسه وفي أهله وسمعته في حضوره وغيابه  وبالتلي يعني حفظ العرض : حرمة ارتكاب مايسئ للإنسان في النفس والأهل والسمعة وبشكل عام وقد حذر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك كما في حجة الوداع يخطب في أكثر من مائة ألف من الصحابة رضوان الله عليهم ويزجر قائلاً : " فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .. ألا هل بلغت ؟ - ويشير إليهم - ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد؟ كما رواه البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه ومعنى ذلك أن أي دم مسلم - والمقصود نفسه - وماله وعرضه هو حرام على أخيه إلى يوم القيامه

والغيبة هي هشم في الأعراض وتجري مجرى العدوان على العرض إلا من استثناه الشرع كمن يماطل بأخيه في سداد دينه وهو غني قادر والمتظلم والمعرف بفلان بلقب لايعرف إلا به ومظهر الفسق والمستفتي بسؤال ومن يحذر من فعل فلان من الناس إن لزم ذكره وكذلك من يطلب الإعانة في رد منكر وكذلك الذي يرجع عن دين الإسلام فهؤلاء أباح الشرع الحديث عنهم بحدود ماينجلي الفعل ويذهب فقط  لأن يداوم على ذلك فالحذر الحذر من المداومة على هذا فالمداومة على أمر يحوّل ذلك إلى طبع يصعب التخلي عنه في المستقبل  ، وروى الطبراني بسند صحيح عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل اتيان الرجل أمه - أي زناه بها - وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه "  فإذا علمنا ذلك وإذا عرفنا هذا فلم العدوان في الأعراض والشتم والسباب لأدنى الأسباب فهل نتقي الله تعالى ونخشاه ونخاف أن نكون من المفلسين في يوم الدين ، الذين تسلب منهم أعمالهم الصالحة وهم ينظرون ولايقدرون أن يغيروا أويوقفوا مثل هذا ، فأين نحن من حديث المفلس الذي رواه مسلم في صحيحه وذلك عندما سأل النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه فقال : " أتدرون من المفلس ؟ " قالوا : المفلس فينا من لادرهم له ولا متاع ، فقال عليه الصلاة والسلام : " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ماعليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " فاحذروا من هذا حالة هذا المفلس أشد الحذر وحذروا من لكم ولاية عليهم والناصح من الأولياء الذي يتولى من تحت يده بنصحه ويُحيطهم بذلك ويخاف عليهم ، ويأخذ بأيديهم ويرعاهم ويبين لهم عواقب العدوان ويحذرهم من سيء القرناء والأصدقاء والخلان فذلك الأب النصوح والغيور الذي أدى الأمانة ونصح لمن تحت يده ولايردك النصح بصدق وإخلاص فإن النصحية إذا خرجت من جوف القلب ومن صميم الفؤاد وقعت في الفؤاد وأثرت وللحال غيرت وبدلت للحسنى ونهجت بالمنصوح أفضل السبل ودلته على خير العمل وليكن لسان حالك كما قال الشاعر : 
أجود بعبرتي واخاف ربي  * وأهدي النصح من كان بقربي 
لعل الله يهدينا سبيـــــلا   *    ويغفر للمعنّى كــــل ذنب ِ

معشر المؤمنين : 
البعد عن حقوق العباد هو سبيل موصل لرضوان الله تعالى وهو أعظم الطرق للنجاة من عذابه جل جلاله وهو طريق السلامة والعافية من توابع مؤلمة تجر إلى مخازٍ وفضائح المرء العاقل بغنىً عنها فهل نعي ذلك ياعباد الله وتأمل معي قول المصطفى عليه السلام كا في حديث سهل بن سعد الساعدي الذي أخرجه البخاري في صحيحه : " من يضمن لي مابين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنه "  أي أن يتجنب كل قول يأثم به وفعل كل فاحشة . 
ومن الضروريات : حفظ المال والمال هو كل مايتمول من نقد وعقار ومنافع ومركوب وغيرها مما يدخره المرء له ولأهله وأولاده ، ومال المسلم له حرمة معتبرة مهما كان هذا المسلم صغيراً أو كبيرا أو قويا أو ضعيفا ولا يحل منه لأحد إلا إذا كان بطيب نفس ، فقال عليه الصلاة والسلام : " لايحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه " وحذر من اقتطاع مال المرء غصباً أو قهراً فقال : "  من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة " فقالوا : وإن شيئاً يسيرا يارسول الله ، قال : " وإن قضيباً من أراك " وهو المسواك الذي يُستاك به ، وهذا الحديث عام مخصوص بالآية في سورة النور : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ماملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم أو تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبه كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون " .
وقال في آداب الإستذان في الأكل من مال الغير كما في حديث أبي سعيد في مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه : " إذا دخل أحدكم حائطاً وأراد أن يأكل فليناد ثلاثاً : ياصاحب الحائط ، فإن أجابه وإلا فليأكل ، وإذا مر أحدكم بإبل فأراد أن يشرب من ألبانها فليناد ثلاثاً ياصاحب الإبل أو ياراعي الإبل فإن أجابه وإلا فليشرب " وحذر من اتخاذ الخبنة وهي المال الذي يؤخذ أو يدس بالثوب ويُخرج به خارج المزرعة أو البستان أو الضيعة من غير اذن صاحبه فقال كما روى الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال  : " من دخل حائطاً فليأكل ولا يتخذ خبنة "  

اللهم اهدنا بهداك واجعل عملنا في رضاك ووفقنا لتقواك واهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال لايهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لايصرف عنا سيئها إلا أنت ، أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي غفر رحيم  . 

===========   الخطبة الثانيـــه ============

الحمدلله رب البرية وخالق البشرية والصلاة والسلام على المبعوث كريم السجية نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل الفضائل والأخلاق العليه ومن تبعهم بإحسان وعنا معهم وسلم تسليماً كثيرا أما بعد : 

معشر الأحبة إن هناك أفعال وعادات سيئة درج طائفة من مجتمعنا على انتهاجها في حياتهم وهي من العدوان والأذية للمؤمنين وهي وإن كانت حقيرة أو صغيرة في أعيننا إلا أنها تسبب أذية لكثير من الناس إن لم يكن للناس كلهم ووالله مايكسب صاحبها إلا دعوة الناس عليه وخصوصا في المدن لافي القرى ومنها على سبيل المثال : 

  • الوقوف الخاطئ بالسيارة ولو أمام البيت فالوقوف الخاطئ سواء كان بالعرض أو بطريقة خاطئة مؤذ لعامة الناس والطريق يامعشر الإخوان ملكٌ للذي يمر به لا لمن يوقف سيارته به  . 
  • ومنها سد الشوارع أثناء المناسبات كزواج واجتماع سواء كان بالكامل أو كان سده جزئياً .
  • القاء المناديل والعلب في الشوارع من نافذة السيارة وهذا الفعل تجرمه بعض الدول وعندنا أصبح الأمر اعتياديا فهل أولئك الذين لايدينون بدين الإسلام يطبقونه وأهله وأصحابه يهجرونه  .
  • ومنها تلويث دورات المياه والأماكن العامة ، وهذا الأمر حدث ولا حرج فهل يخجل من يفعل مثل هذا ؟ ومن هذه الأفعال التي تكاثرت في مجتمعنا ؟
  • وهل نعطي صورة حقيقية لديننا الذي هو دين النزاهة والنظافة والترفع عن الأقذار وايذاء الغير ، ولندعم كل من يُساهم في رفع الأذى عن المسلمين سواء كانوا  عمالة أو مؤسسات خيرية كالمؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق ومؤسسة الأعمال الخيرية لعمارة المساجد ونحوها  .   
  • ومنها الكتابة على الجدران بشكل عام سواء كان منزلا أو دورة مياه أو مرافق عامة يرتديها الناس خاصة والأمر ولا شك أشد إذا كان ملكاً خاصاً . 
  • أيها الأكارم إذا كان الأمر شديد كما أسلفنا سابقاً في العدوان على شخص واحد فقط فكيف الحال إذا كانت الأذية لمجتمع أو لأهل مدينة أو منطقة بأكملها فهذا الأمر يكيل لصاحبة أرصدة سوء لايعلم مداها إلا الله فلنتجنب أيها الإخوة مثل هذه الأفعال المشينة فإنك لاتدري مالذي تُفضي إليه إذا كثرت ، وليكن نصب أعيننا الحذر من الوقوع في فخ محقرات الذنوب فقد قال عليه الصلاة والسلام كما روى الإمام أحمد من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : " إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهلكنه " وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضرب لهم مثلا في ذلك فقال فيه : ( كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم - أي غداءهم أو عشاءهم - فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً وأججوا نارا فأنضجوا ماقذفوا فيها ) أي في النار .  
هذا وصلوا وسلموا على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه