* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الأحد، 31 يناير 2021

حول حكم أطفال الأنابيب ومايتعلق به

 الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من للنبي بعده وبعد :

فالذرية والبنون والبنات من زينة الحياة الدنيا كما أخبر الله تعالى بذلك في محكم التنزيل ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ...) . 

والله قد بين سبحانه أنه يرزق من يشاء بنعمته ويحرم من يشاء بحكمته فمنهم من يهبه الذكور ومنهم من يهبه الإناث ومنهم من يحرمه من الولد كافة حيث قال سبحانه : ( لله ملك السماوات والأرض يخلق مايشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عَليمٌ قدير ). 

ومنعه لحكمة يعلمها الله منها ماهو مادي يسبب أسبابه الخالق العظيم ومنها ماهو غيبي لانعلم سببه فإن الإنسان من ذكر أو أنثى مثل الأرض التي منها ماهو صالحٌ للزراعة ومنها ماهو غير صالح أي ( سبخة ) لاتنبت وهذا في شأن يكون في شأن الكافر والمسلم على حدٍ سواء 

الثلاثاء، 19 يونيو 2018

ذكر النبي محمد عليه الصلاة والسلام في الكتب الهنوسية ووصفه

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد : 
مما يلفت النظر في الديانات الوثنية أن بعضها ذكرت النبي محمد عليه الصلاة والسلام ذكراً مفصلاً إلى حدٍ ما ، ومن أبرز هذه الديانات الديانة الهندوسية ، بل إنها تأمر باتباعه وهذا أعجب وأغرب ، فمن الكتب المقدسة عند أتباع هذه الديانة كتاب : " بهافيشي بورانا " وباللاتينية : Bahavishia Purana ومنها كتاب : " أثرفافيد " وباللاتينية : "Atharvaveda " وكتاب " سامفيد " وباللاتينية : Samveda وكتاب : " ريجفيد " وباللاتينية : Rigveda  وكتاب : " ياجورفيدا" وباللاتينية :Yajurveda 
كل هذه الكتب ذكرته عليه الصلاة والسلام باسمه مترجماً إلى تلك اللغة ومن الأسماء التي سُمّي بها أو الأوصاف التي وصف بها وصف : " الكالكي أفتار "  نبي كالكي القادم وذكرت أمه عليه الصلاة والسلام بوصف : " سوماثي " وتعني آمنة وذُكر أبوه بوصف : " فيشنو ياش " وتعني عبدالله ، وذكرت القرية التي ولد فيها باسم : " سامبالا " وتعني مدينة السلام وهي : " مكة المكرمة " وذُكر قبيلته قريش وأن له أربع خلفاء وذلك أعجب ، وكل ذلك دوّن باللغة السنسكريتية وهي لغة الكتب المقدسة لديهم والتي هي من أقدم لغات العالم وتعود لأكثر من ثلاثة آلاف سنة هجرية وكانت لغة مقدسة عند الهندوس والبوذيون والجانيون وهي تستخدمها الآن الهند كلغة ثانية بعد الهندية ، فالسنسكريتية وبالإنجليزية : Sansakret ، تعد لغة الدين في الهند يستخدمها رجال الدين في الوعظ وهم البراهما وهي تزامنت مع اللغة الآرامية في زمن المسيح ، وإن كان بعضهم يصنفها بأنها أقدم منها بزمن ، والذي يخصنا الآن تلك الأوصاف التي أطلقتها هذه اللغة لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام ووصفه والتي تُعد بأنها نقلتها من كتب الأديان السماوية كالتوراة والإنجيل وغيرها  . 
ومما يؤكد كثيراً مما ذكرنا مسبقاً ماجرى بين سائل في أحد محاضرات الشيخ ذاكر نائيك والذي أعلن أسلم بعد أجبة الدكتور ذاكر له فقال له : " الكتب الهندوسية تقول أنه عليك أن تتبع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام "  وقد ذكرت الكتب الهندوسية أوصافه في عدة مواضع منها مايلي :
  • في كتاب " بهافيشي بورانا " بارف 3 ، قسم 3 ، فصل 3 ، العلامة من 5-8 والعلامة من 10-27
  • في كتاب " أثرفافيدا "  الكتاب 20 الترنيمة 127 ، العلامة من 1-14 ، 
  • في كتاب " أثرفافيدا "  الكتاب 20 الترنيمة 21، العلامة 6 
  • في كتاب " ريجفيدا " الكتاب 1 ، الترنيمة 53 ، والعلامة 9
  • في كتاب " سامفيد " في أكني مانترا 64                                                                                                                                                          وقد ذُكر اسمه مترجماً في الكتب السابقة وفي كتب أخرى في مواضع تختلف نسردها لكم فمنها : 
  • في كتاب " سامفيد " في أوترجك مانترا 1500
  • في كتاب " سامفيد " فصل أندرا الجزء 2 مانترا 152
  • في كتاب " ياجورفيد " الجزء 31 ، العلامة 18 
  • في كتاب " ريجفيد " الكتاب 8 ، الترنيمة 6 ، المانترا 10 
  • في كتاب " أثرفافيد " الكتاب 8 ، الترنيمة 5 ، المانترا 16
  • في كتاب " أثرفافيد " الكتاب 20 ، الترنيمة 126 ، المانترا 141                                                                                                                          ويُذكرعندهم بلقب " ناراشانسا " في نفس المصادر السابقة ، وهي كلمة مكونة من كلمتين الأولى : " نارا " وتعني : (الرجل) ، والثانية : " شانسا " وتعني : (الجدير بالمدح) 

الخميس، 10 أغسطس 2017

خطبة عن أذية الناس وخطرها

الحمدلله الذي جعل هديه خير الهدى ،  أحمده سبحانه أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وأنجى من الضلالة والردى ولم يخلق الخلق سُدى وهو أهل الحمد والثناء وأصلى نبيه صلاة دائمة بلا حدود أو مدى ، وعلى آله وصحبه أهل الجود والندى وعنا معهم وسلم تسليماً كثيراً عليهم ومن اقتدى أما بعد : 
معشر المؤمنين اتقوا الله حق التقوى في السر والنجوى وتمسكوا بالعروة الوثقى 
" ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " 
" ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما " 
أيها الناس : إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه شرع في شرعه وبين في شريعته سبحانه أن دينه جل وعلا أتى بحفظ الضروريات الخمس وهي : 
حفظ الدين والعقل والنسل والعرض والمال ومن هذه الضروريات حفظ العرض والمال وعرض الإنسان معنى يشمل كل مايصونه الإنسان في نفسه وفي أهله وسمعته في حضوره وغيابه  وبالتلي يعني حفظ العرض : حرمة ارتكاب مايسئ للإنسان في النفس والأهل والسمعة وبشكل عام وقد حذر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك كما في حجة الوداع يخطب في أكثر من مائة ألف من الصحابة رضوان الله عليهم ويزجر قائلاً : " فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .. ألا هل بلغت ؟ - ويشير إليهم - ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد؟ كما رواه البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه ومعنى ذلك أن أي دم مسلم - والمقصود نفسه - وماله وعرضه هو حرام على أخيه إلى يوم القيامه

والغيبة هي هشم في الأعراض وتجري مجرى العدوان على العرض إلا من استثناه الشرع كمن يماطل بأخيه في سداد دينه وهو غني قادر والمتظلم والمعرف بفلان بلقب لايعرف إلا به ومظهر الفسق والمستفتي بسؤال ومن يحذر من فعل فلان من الناس إن لزم ذكره وكذلك من يطلب الإعانة في رد منكر وكذلك الذي يرجع عن دين الإسلام فهؤلاء أباح الشرع الحديث عنهم بحدود ماينجلي الفعل ويذهب فقط  لأن يداوم على ذلك فالحذر الحذر من المداومة على هذا فالمداومة على أمر يحوّل ذلك إلى طبع يصعب التخلي عنه في المستقبل  ، وروى الطبراني بسند صحيح عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل اتيان الرجل أمه - أي زناه بها - وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه "  فإذا علمنا ذلك وإذا عرفنا هذا فلم العدوان في الأعراض والشتم والسباب لأدنى الأسباب فهل نتقي الله تعالى ونخشاه ونخاف أن نكون من المفلسين في يوم الدين ، الذين تسلب منهم أعمالهم الصالحة وهم ينظرون ولايقدرون أن يغيروا أويوقفوا مثل هذا ، فأين نحن من حديث المفلس الذي رواه مسلم في صحيحه وذلك عندما سأل النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه فقال : " أتدرون من المفلس ؟ " قالوا : المفلس فينا من لادرهم له ولا متاع ، فقال عليه الصلاة والسلام : " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ماعليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " فاحذروا من هذا حالة هذا المفلس أشد الحذر وحذروا من لكم ولاية عليهم والناصح من الأولياء الذي يتولى من تحت يده بنصحه ويُحيطهم بذلك ويخاف عليهم ، ويأخذ بأيديهم ويرعاهم ويبين لهم عواقب العدوان ويحذرهم من سيء القرناء والأصدقاء والخلان فذلك الأب النصوح والغيور الذي أدى الأمانة ونصح لمن تحت يده ولايردك النصح بصدق وإخلاص فإن النصحية إذا خرجت من جوف القلب ومن صميم الفؤاد وقعت في الفؤاد وأثرت وللحال غيرت وبدلت للحسنى ونهجت بالمنصوح أفضل السبل ودلته على خير العمل وليكن لسان حالك كما قال الشاعر : 
أجود بعبرتي واخاف ربي  * وأهدي النصح من كان بقربي 
لعل الله يهدينا سبيـــــلا   *    ويغفر للمعنّى كــــل ذنب ِ

معشر المؤمنين : 
البعد عن حقوق العباد هو سبيل موصل لرضوان الله تعالى وهو أعظم الطرق للنجاة من عذابه جل جلاله وهو طريق السلامة والعافية من توابع مؤلمة تجر إلى مخازٍ وفضائح المرء العاقل بغنىً عنها فهل نعي ذلك ياعباد الله وتأمل معي قول المصطفى عليه السلام كا في حديث سهل بن سعد الساعدي الذي أخرجه البخاري في صحيحه : " من يضمن لي مابين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنه "  أي أن يتجنب كل قول يأثم به وفعل كل فاحشة . 
ومن الضروريات : حفظ المال والمال هو كل مايتمول من نقد وعقار ومنافع ومركوب وغيرها مما يدخره المرء له ولأهله وأولاده ، ومال المسلم له حرمة معتبرة مهما كان هذا المسلم صغيراً أو كبيرا أو قويا أو ضعيفا ولا يحل منه لأحد إلا إذا كان بطيب نفس ، فقال عليه الصلاة والسلام : " لايحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه " وحذر من اقتطاع مال المرء غصباً أو قهراً فقال : "  من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة " فقالوا : وإن شيئاً يسيرا يارسول الله ، قال : " وإن قضيباً من أراك " وهو المسواك الذي يُستاك به ، وهذا الحديث عام مخصوص بالآية في سورة النور : " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ماملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم أو تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبه كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون " .
وقال في آداب الإستذان في الأكل من مال الغير كما في حديث أبي سعيد في مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه : " إذا دخل أحدكم حائطاً وأراد أن يأكل فليناد ثلاثاً : ياصاحب الحائط ، فإن أجابه وإلا فليأكل ، وإذا مر أحدكم بإبل فأراد أن يشرب من ألبانها فليناد ثلاثاً ياصاحب الإبل أو ياراعي الإبل فإن أجابه وإلا فليشرب " وحذر من اتخاذ الخبنة وهي المال الذي يؤخذ أو يدس بالثوب ويُخرج به خارج المزرعة أو البستان أو الضيعة من غير اذن صاحبه فقال كما روى الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال  : " من دخل حائطاً فليأكل ولا يتخذ خبنة "  

اللهم اهدنا بهداك واجعل عملنا في رضاك ووفقنا لتقواك واهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال لايهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لايصرف عنا سيئها إلا أنت ، أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي غفر رحيم  . 

===========   الخطبة الثانيـــه ============

الحمدلله رب البرية وخالق البشرية والصلاة والسلام على المبعوث كريم السجية نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل الفضائل والأخلاق العليه ومن تبعهم بإحسان وعنا معهم وسلم تسليماً كثيرا أما بعد : 

معشر الأحبة إن هناك أفعال وعادات سيئة درج طائفة من مجتمعنا على انتهاجها في حياتهم وهي من العدوان والأذية للمؤمنين وهي وإن كانت حقيرة أو صغيرة في أعيننا إلا أنها تسبب أذية لكثير من الناس إن لم يكن للناس كلهم ووالله مايكسب صاحبها إلا دعوة الناس عليه وخصوصا في المدن لافي القرى ومنها على سبيل المثال : 

  • الوقوف الخاطئ بالسيارة ولو أمام البيت فالوقوف الخاطئ سواء كان بالعرض أو بطريقة خاطئة مؤذ لعامة الناس والطريق يامعشر الإخوان ملكٌ للذي يمر به لا لمن يوقف سيارته به  . 
  • ومنها سد الشوارع أثناء المناسبات كزواج واجتماع سواء كان بالكامل أو كان سده جزئياً .
  • القاء المناديل والعلب في الشوارع من نافذة السيارة وهذا الفعل تجرمه بعض الدول وعندنا أصبح الأمر اعتياديا فهل أولئك الذين لايدينون بدين الإسلام يطبقونه وأهله وأصحابه يهجرونه  .
  • ومنها تلويث دورات المياه والأماكن العامة ، وهذا الأمر حدث ولا حرج فهل يخجل من يفعل مثل هذا ؟ ومن هذه الأفعال التي تكاثرت في مجتمعنا ؟
  • وهل نعطي صورة حقيقية لديننا الذي هو دين النزاهة والنظافة والترفع عن الأقذار وايذاء الغير ، ولندعم كل من يُساهم في رفع الأذى عن المسلمين سواء كانوا  عمالة أو مؤسسات خيرية كالمؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق ومؤسسة الأعمال الخيرية لعمارة المساجد ونحوها  .   
  • ومنها الكتابة على الجدران بشكل عام سواء كان منزلا أو دورة مياه أو مرافق عامة يرتديها الناس خاصة والأمر ولا شك أشد إذا كان ملكاً خاصاً . 
  • أيها الأكارم إذا كان الأمر شديد كما أسلفنا سابقاً في العدوان على شخص واحد فقط فكيف الحال إذا كانت الأذية لمجتمع أو لأهل مدينة أو منطقة بأكملها فهذا الأمر يكيل لصاحبة أرصدة سوء لايعلم مداها إلا الله فلنتجنب أيها الإخوة مثل هذه الأفعال المشينة فإنك لاتدري مالذي تُفضي إليه إذا كثرت ، وليكن نصب أعيننا الحذر من الوقوع في فخ محقرات الذنوب فقد قال عليه الصلاة والسلام كما روى الإمام أحمد من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : " إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهلكنه " وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضرب لهم مثلا في ذلك فقال فيه : ( كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم - أي غداءهم أو عشاءهم - فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً وأججوا نارا فأنضجوا ماقذفوا فيها ) أي في النار .  
هذا وصلوا وسلموا على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه 

الخميس، 16 يونيو 2016

العلة في قول الله تعالى في عدة ألفاظ ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( الفظالمون ) ( الفاسقون ) في سورة المائدة .

السؤال : مامعنى التنويع في قول الله تعالى في سورة المائدة : (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) وقال أيضاً : (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )) وقال أيضاً : (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )) ؟ 

المجيب : الشيخ عبدالعزيز الطريفي وفقه الله  يقول : 

( مايتعلق بهذه المسألة في حكم الله عز وجل ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( الفاسقون ) ( الظالمون ) هذا الحكم الذي جاء في كلام الله سبحانه وتعالى جاء عن بعض السلف حمل ذلك على اليهود والنصارى ، وكذلك أيضاً منهم من قال بأن هذا الحكم توجّه لليهود والنصارى ويتوجّه أيضاً لمن يشابههم من أهل الإسلام ، وجاء هذا عن غير واحد من السلف كعامر بن شراحيل الشعبي كما رواه ابن جرير الطبري وغيره . 
هذا الحكم جاء عن بعض السلف المراد بذلك : هو من شرّع حكم الله سبحانه وتعالى ولكنه من جهة العمل به قام بالتفريط بالتشريع ، إذا يعُلم الناس أن الله شرّع كذا وهذا هو الواجب ولكن يقوم بالتجاوز ، إذاً تجاوزه عملي وهذا جاء عن بعض السلف عن عبدالله بن عباس كما رواه ابن جرير الطبري وكذلك أيضاً جاء عن قتاده وكذلك أيضاً قد جاء عن مجاهد بن جبر أن المراد بذلك هو كفر دون كفر وجاء أيضاً عن عبدالله بن عباس رضوان الله عليهم : " ليس الكفر الذي تذهبون إليه " وهذا على الحالين . 
في جانب التشريع كفر بالله عز وجل يُحمل الكفر على الكفر الأكبر ، وفي جانب العمل بالتشريع أو التقصير في بعض الجزئيات فنقول هو داخل في هذه الدائرة ولهذا نقول إن الدولة على حالين : 
* دولة تشّرع حكم الله ولا تخالف حكم الله سبحانه وتعالى في تشريعه أو في أصل التشريع ولكن خطأها في التطبيقات فهذه دولة إسلامية والحاكم في ذلك مسلم ولكنه بمقدار مخالفته وتجاوزه للتطبيق الذي شرّع الله عز وجل له يكون في ذلك حكمه ، إن زاد في ذلك ظلماً يُزاد في ذلك عقوبته وكذلك النكير عليه .
* الدوله الثانية : مايتعلق بدولة تشرع حكماً غير حكم الله سواء كلياً أو جزئياً ولوشريعة واحدة فأحلوا - مثلاً - الزنا برضى الطرفين فنقول هذا الحكم ليس للدولة وكذلك الحكم ليس حكماً اسلامياً والحاكم في ذلك ليس حاكماً مسلماً ) انتهى كلامه 

الحكم فيمن يشرع قوانين تخالف الشريعة ويترك تحكيم الشريعة


السؤال  : مالحكم فيمن يشرع قوانين تخالف الشريعة ويترك تحكيم الشريعة ؟

المجيب : فضيلة الشيخ : عبدالعزيز الطريفي وفقه الله فيقول :

( بالنسبة للتارك للتشريع أو المشرّع من دون الله سبحانه وتعالى ، الذي يشرع نظاماً من دون الله سبحانه وتعالى نقول هذا على حالين :

الحالة الأولى : إذا كان نظامه يخالف تشريع الله سبحانه وتعالى ، فيأتي للمواضع التي شرّعها الله حلالاً أو حراماً فيقوم بعكسها ، فنقول بأن هذا كفر بالله سبحانه وتعالى ولا يختلف في ذلك أحد ( أي من العلماء ) كالدولة التي تشرّع - مثلاً - الزنا بأنه حلال أو تشرع - مثلاً - مايتعلق باللواط بأنه حلال أو تشرّع - مثلاً - مايتعلق بشرب الخمر بأنه حلال أو غير ذلك ، نقول : هذا كفر بالله تعالى ولا يختلف في ذلك أحد لقول الله جل وعلا : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ..)) الربوبية هنا ليس المراد بذلك الصلاة والعبادة ولكن جعلوه مشرّعين من دون الله سبحانه وتعالى ، لهذا نقول إن هذا الخطاب هذا لايتوجه إلى العامل بما شرع به ولكن يتوجه إلى ذات التشريع ، لهذا الذي يشرع من دون الله قانوناً يناقض ماشرعه الله عز وجل في كتابه وما استفاض وتواتر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فليس من أهل الإسلام سواءً كان قانوناً أو كان حاكماً .

مايتعلق بالجانب الآخر وهو جانب الذي يشرّع حكم الله سبحانه وتعالى في قانونه ونظامه ولكن يقوم بتجاوزات في العمل به ، فالتجاوزات في مثل هذا العمل نقول : لايدخل على الأرجح في الحكم الأول وله حكم آخر وهو مغلــّظ ومرتبته في ذلك فوق مرتبة الكبائر باتفاق العلماء .

الجمعة، 13 مايو 2016

زواج المسلم من المجوسية

- ماحكم زواج المسلم من المجوسية - التي هي من عبدَة النار- وهل يكون الزواج بها مثل أهل الكتاب ؟ 

والجواب : زواج المسلم بالمجوسية لايصح شرعا ولا تحل ذبائح المجوس بشكل عام ولا نسائهم بنكاحهن وقد ورد في تحريمة حديث مرسل عن الحسن بن الحنفية يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : (( فَصْلٌ وَأَمَّا " الْمَجُوسِيَّةُ " فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ . " أَحَدُهُمَا " أَنَّ الْمَجُوسَ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا وُجُوهٌ . " أَحَدُهَا " أَنْ يُقَالَ : لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَحِلَّ طَعَامُهُ وَلَا نِسَاؤُهُ . أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فَفِيهَا نِزَاعٌ شَاذٌّ فَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } { أَنْ تَقُولُوا إنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ } فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَمَنْعًا لِأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَدَفْعًا لِأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ طَائِفَتَيْنِ لَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَانِعٍ )) ثم ذكر عدة أدلة على خطأ من قال بأن المجوس لهم كتاب ثم قال رحمه الله : (( فَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّة وَغَيْرِهِ مِنْ التَّابِعِينَ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ وَقَالَ : سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ } وَهَذَا مُرْسَلٌ . وَعَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ تُوَافِقُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُمْ خِلَافٌ ...... وَفِي الْآخَرِ هُوَ حُجَّةٌ إذَا عَضَّدَهُ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَوْ أُرْسِلَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ . وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ . فَمِثْلُ هَذَا الْمُرْسَلِ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَهَذَا الْمُرْسَلُ نَصٌّ فِي خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْمُتَقَدِّمَيْنِ )) إلى أن قال (( وَالدِّمَاءُ تُعْصَمُ بِالشُّبُهَاتِ ؛ وَلَا تَحِلُّ الْفُرُوجُ وَالذَّبَائِحُ بِالشُّبُهَاتِ )) .
و قد نقل عن علي رضي الله عنه أن قال بأن للمجوس كتاب ثم رفع قال شيخ الإسلام رحمه الله ( قِيلَ : هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَإِنْ صَحَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ لَا أَنَّهُ الْآنَ بِأَيْدِيهِمْ كِتَابٌ ) .
و قال بن حزم رحمه الله ( وَجَائِزٌ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ، وَهِيَ الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَالْمَجُوسِيَّةُ، بِالزَّوَاجِ‏.‏ وَلاَ يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ اَمَةٍ غَيْرِ مُسْلِمَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلاَ نِكَاحُ كَافِرَةٍ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ اَصْلاً‏ ) .
و أما احتجاج من أجاز الزواج بنساء المجوس بحديث النبي صلى الله عليه و سلم ( سنوا بهم سنة أهل الكتاب ) فهذا خاص في ضرب الحزية بالإجماع .
ثم إن لفظ الحديث يدل على أنهم ليسوا من أهل الكتاب ففرق النبي صلى الله عليه و سلم بينهم و بين أهل الكتاب و أمرنا أن نُلحقهم في الجزية بأهل الكتاب .

زواج المسلم من الكافرة أو المشركة والكتابية والمسلمة كذلك

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد  : 
 فهذا بعض تفصيل لزواج المسلم من المشركة أو من أهل الكتاب وزواج المسلمة من المشرك أو الكتابي
المسألة الأولى : زواج المسلم من الكافرة و هذا على ضربين :
الأول : زواج المسلم من المشركة غير الكتابية فهذا حرام بنص الكتاب قال تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (221) سورة البقرة .
قال قتادة كما في تفسير بن جرير ( في قوله تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " : يعني مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه ) .
قال بن جرير رحمه الله (وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات وأن الآية عام على ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها . وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " للمؤمنين من نكاح محصناتهن ، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات ) .
و قال بن كثير رحمه الله (هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) .
قال تعالى : " وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ " قال بن كثير رحمه الله (تحريم من الله عز وجل على عباده المؤمنين نكاح المشركات ، والاستمرار معهن ) .
و في صحيح البخاري من حديث المسور ومروان بن الحكم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاء نساء من المؤمنات ، فأنزل الله عز وجل : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ " إلى قوله : " وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ " فطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين ، تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان ، والأخرى صفوان بن أمية ) .
و هذا مجمع عليه بين العلماء قال ابن قدامة رحمه الله: "وسائر الكفار غير أهل الكتاب، كمن عبد ما استحسن من الأصنام والأحجار والشجر والحيوان، فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم وذبائحهم، وذلك لما ذكرنا من الآيتين وعدم المعارض لهما )
الضرب الثاني : الكتابية و هذه جاز الزواج منها كما نص عليه الكتاب و هو قول جمهور الصحابة و التابعين .
قال تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (5) سورة المائدة .
قال بن كثير رحمه الله (وهو قول الجمهور هاهنا ، وهو الأشبه ، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة ، فيفسد حالها بالكلية ، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : " حشفا وسوء كيلة " والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا ) .
و قد قال بالجواز عدة من الصحابة و التابعين (عثمان وطلحة وابن عباس وجابر وحذيفة، ومن التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك ) .
و قد أجاب أهل العلم على من احتج بآية البقرة على تحريم زواج الكتابيات بجوابين :
الجواب الأول : أن آية البقرة خاصة في المشركين و لا يدخل فيها أهل الكتاب البتة فعلى هذا لا تعارض بين الآيتين و لا تخصيص و لا نسخ و أن المعهود من كتاب الله تعالى التفريق بين أهل الشرك و بين أهل الكتاب قال بن جرير رحمه الله (وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات وأن الآية عام على ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها . وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " للمؤمنين من نكاح محصناتهن ، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات ) .
الجواب الثاني : أن أية المائدة خصصت آية البقرة فبقي التحريم على نساء المشركين أما نساء أهل الكتاب فجاز الزواج منهم بنص آية المائدة قال بن كثير رحمه الله ( قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب . وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم ) ثم قال رحمه الله (وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم ) .
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ( إذا قدر أن لفظ المشركات ولفظ الكوافر يعني الكتابيات فآية المائدة خاصة وهي متأخرة نزلت بعد سورة البقرة والممتحنة باتفاق العلماء .... والخاص المتأخر يقضي على العام المتقدم باتفاق علماء المسلمين لكن الجمهور يقولون أنه مفسر له فتبين أن صورة التخصيص لم ترد باللفظ العام وطائفة يقولون أن ذلك نسخ بعد أن شرع ).
و قد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله جوابا ثالثا فقال ( الوجه الثالث إذا فرضنا النصين خاصين فأحد النصين حرم ذبائحهم ونكاحهم والآخر أحلهما فالنص المحلل لهما هنا يجب تقديمه لوجهين
أحدهما أن سورة المائدة هي المتأخرة باتفاق العلماء فتكون ناسخة للنص المتقدم ولا يقال أن هذا نسخ للحكم مرتين لأن فعل ذلك قبل التحريم لم يكن بخطاب شرعي حلل ذلك بل كان لعدم التحريم بمنزلة شرب الخمر وأكل الخنزير ونحو ذلك والتحريم المبتدأ لا يكون نسخا لاستصحاب حكم الفعل ولهذا لم يكن تحريم النبي ص = لكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ناسخا لما دل عليه قوله تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية من أن الله عز وجل لم يحرم قبل نزول الآية إلا هذه الأصناف الثلاثة فإن هذه الآية نفت تحريم ما سوى الثلاثة إلى حين نزول الآية ولم يثبت تحليل ما سوى ذلك بل كان ما سوى ذلك عفوا لا تحليل فيه ولا تحريم كفعل الصبي والمجنون ..... الوجه الثاني أنه قد ثبت حل طعام أهل الكتاب بالكتاب والسنة والإجماع والكلام في نسائهم كالكلام في ذبائحهم فإذا ثبت حل أحدهما ثبت حل الآخر وحل أطعمتهم ليس له معارض أصلا ويدل على ذلك أن حذيفة بن اليمان تزوج يهوديه ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فدل على أنهم كانوا مجتمعين على جواز ذلك ) .
 

ما ذكرناه هو قول الجمهور و هو الحق إن شاء الله لما ذكرنا من أدلة .
و القول الثاني هو قول بن عمر وهو القول بالتحريم فقال رضي الله عنه (حرم الله المشركات على المؤمنين، ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى أو عبد من عباد الله ) و قال بعض أهل العلم في هذا القول (وهذا قول خارج عن قول الجماعة، الذين تقوم بهم الحجة ) .
و حجة بن عمر رضي الله عنه هي آية البقرة و قد بينا توجيه أهل العلم آية البقرة و الجمع بينها و بين آية المائدة و الأصل أن الجمع بين الدليلين أو لى من طرح إحداهما .
مسألة : ما المراد بالإحصان في آية المائدة :
القول الأول : من شرط الزواج من الكتابية أن تكون عفيفة و هذا الشرط حقيقة ليس خاص بالكتابية بل يعم المسلمة و الكتابية كما قال تعالى {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (3) سورة النــور و في آية المائدة قال تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (5) سورة المائدة فكرر الله تعالى الإحصان و المراد هنا به العفة كرره عند ذكره لنساء المؤمنين و نساء أهل الكتاب فدل على أهمية هذا الشرط و التشديد عليه و لولا ذلك لكان ذكره مرة واحدة في كفاية لإفادة المراد فتنبه قال الشعبي رحمه الله ( هو أن تحصن فرجها، فلاتزني، وتغتسل من الجنابة ) .
قال بن كثير رحمه الله (وهو قول الجمهور هاهنا ، وهو الأشبه ، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة ، فيفسد حالها بالكلية ، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : " حشفا وسوء كيلة " والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا ) .
لذا كان عمر رضي الله عنه يشدد على هذا الشرط و كان من شدة يأمر الصحابة بطلاق نسائهم الكتابيات خشية من زواجهم من غير المحصنات (عن شقيق بن سلمة قال : تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر : خلِّ سبيلها . فكتب إليه : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن ) و (وعن عامر بن عبدالله بن نسطاس : أن طلحة بن عبيد الله نكح بنت عظيم اليهود ، قال : فعزم عليه عمر إلا ما طلقها ) .
القول الثاني : الحرية أي يجوز لنا الزواج من حرائر أهل الكتاب و لا يجوز لنا التزوج من إمائهم و قد قال بهذا مجاهد و رجحه الطبري في تفسيره .
و أما رد بن جرير على من قال بأنهن العفائف و استدلاله ببعض آثار الصحابة و التابعين بتزويج من زنت ثم تابت فهذا لا حجة فيه لأن التوبة تجب ما قبلها و من الظلم منع التائبة من الزنا من الزواج بحجة أنها يوما من الدهر قد زنت هذا لا يقره الشرع و لا العقل أبدا فتدبر .
ثم من تاب لا يقال هو في هذه الحالة غير محصن بل هن يدخلن في المحصنات المؤمنات أي العفائف .
ثم يقال شرط العفاف شرط أصلي منصوص عليه بغير هذه الآية و مجمع عليه عليه و هو كذلك داخل في هذه الآية سواء قيل أن الإحصان يراد به العفة أو الحرية لأن العفة تدخل دخولا أوليا في لفظ آية المائدة ثم بعد يدخل شرط الحرية من باب أن اللفظ المشترك يدخل فيه جميع معانيه إن كانت غير متناقضة كما هو قول الجمهور و لا مناقضة هنا بين العفة و بين الحرية فتدبر .
و أما الزواج من الأماء فنقول إذا كانت الأمة المؤمنة لا يجوز أن يتزوجها الحر إلا إذا خشي العنت و الصبر أفضل من الزواج منها كما قال تعالى {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (25) سورة النساء فإماء أهل الكتاب يدخلن في هذه الآية من باب أولى بل لعله يحرم الزواج منهن كما هو مفهوم الآية ( من فتياتكم المؤمنات ) أي غيرهن من إماء أهل الكتاب لا يجوز الزواج منهن .
فنخلص إلى آية المائدة تشمل الشرطين شرط العفة و شرط الحرية و لا مناقضة الشرطين .
مسألة أخرى : في الزواج من الكتابيات الحربيات فهذه المسألة سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك فقال :
"لايحل، وتلا قول الله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسول ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.
وقال ابن عباس أيضا ( في قوله تعالى: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}: "هو على العهد دون الحرب، فيكون خاصا ) و كره مالك ذلك .
قال السرخسي رحمه الله: "بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن سئل عن مناكحة أهل الحرب من أهل الكتاب؟ فكره ذلك، وبه نأخذ، فنقول: يجوز للمسلم أن يتزوج كتابية في دار الحرب، ولكنه يكره، لأنه إذا تزوجها ثمة، ربما يختار المقام فيهم وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من كل مسلم مع مشرك، لا تراءى ناراهما )
ولأن فيه تعريضَ ولده للرق ، فربما تحبل فتسبى، فيصير ما في بطنها رقيقا، وإن كان مسلما، وإذا ولدت تخلق الولد بأخلاق الكفار، وفيه بعض الفتنة، فيكره لهذا ) .
قال بن عابدين رحمه الله ( وفيه أن إطلاقهم الكراهة في الحربية يفيد أنها تحريمية، والدليل عند المجتهد على أن التعليل يفيد ذلك، ففي الفتح: ويجوز تزوج الكتابيات، والأولى أن لا يفعل … وتكره الكتابية الحربية إجماعا، لافتتاح باب الفتنة، من إمكان التعليق المستدعي للمقام معها في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر، وعلى الرق، بأن تسبى وهي حبلى، فيولد رقيقا، وإن كان مسلما )
وقال النووي رحمه الله: "ويحرم نكاح من لا كتاب لها … وتحل كتابية، لكن تكره حربية، وكذا ذمية على الصحيح".
قال الخرقي رحمه الله: "ولا يتزوج في أرض العدو، إلا أن تغلب عليه الشهوة، فيتزوج مسلمة ويعزل عنها، ولا يتزوج منهم، ومن اشترى منهم جارية لم يطأها في الفرج، وهو في أرضهم
قال بن القيم رحمه الله ( وإنما الذي نص عليه أحمد، ما رواه ابنه عبد الله، قال: كره أن يتزوج الرجل في دار الحرب، أو يتسرى، من أجل ولده، وقال في رواية إسحاق بن إبراهيم: لا يتزوج ولا يتسرى الأسير، ولا يتسرى بمسلمة، إلا أن يخاف على نفسه، فإذا خاف على نفسه لا يطلب الولد ) .
 

                        ***********************************************************

المسألة الثانية : مسألة زواج المسلمة من الكافر و يدخل فيه الكتابي و غير الكتابي فهذا حرام بالكتاب و الإجماع :
أما الكتاب فقد قال تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (221) سورة البقرة قال بن جرير رحمه الله ( يعني تعالى ذكره بذلك ، أن الله حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركا كائنا من كان المشرك ، ومن أي أصناف الشرك كان ، قلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم ، فإن ذلك حرام عليكم ، ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله ، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك ، ولو شرُف نسبه وكرم أصله ، وإن أعجبكم حسبه ونسبه ) .
و قال الشيخ السعدي رحمه الله ( وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " وهذا عام لا تخصيص فيه ) .
قال تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " [ الممتحنة : 11]
قال بن كثير رحمه الله ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " هذه الآية حَرّمَت المسلمات على المشركين ، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة .ا.هـ. فهذان دليلان من كتاب الله صريحان في تحريم زواج الكافر من المسلمة ) .
و أما الإجماع فقد قال بن عبد البر رحمه الله ( ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة بقوله : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " إلى قوله : " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر ) .
و قال القرطبي رحمه الله في التفسير ( قوله تعالى : " وَلَا تُنكِحُوا " أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك ، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام ) .
ثم إن هذا الإجماع ضروري فلا زالت الأمة تنتناقل حرمة زواج المسلمة من الكافر قولا و عملا سواء كان الكافر مشرك أو كتابي دون أي نكير من أحد لا من عالم و لا من عامي مع استناد هذا الإجماع على النصوص القرآنية التي تدل على التحريم .
و من آثار الصحابة رضي الله عنهم فقد قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ( نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا ) .

الاثنين، 14 مارس 2016

متى يكون الهجر ؟ ؟ وقفات مع أحاديث الهجر في السنة .

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين وبعد : 

النفس البشرية تقوم على التوازن بين العقل والعاطفة والإنسان لديه مشاعر وأحاسيس لابد أن تكون مقنّنة من قبل الشرع حتى لايحصل طغيان لامن طرف العقل ولا من طرف العاطفة على النفس أوعلى الغير . 
ومسألة الهجر هي ضرب للعاطفة والمشاعر ، وإذا علمنا ذلك فلا بد أن نعلم أن الهجر في الشرع لابد له من ضوابط ومنها : 

* أن هجر الشخص يكون بسبب معصية عملها وذنب عظيم ارتكبه فيهجر هذا الشخص لأجل اصلاحه وتوبته وتقويمه ولو طال الهجر لأكثر من ثلاث ليال ويدلل لذلك هجر النبي صلى الله عليه وسلم للثلاثة الذين خلفوا - كما في صحيح البخاري - رحم الله الجميع خمسين ليلة ، وأمر النبي عليه الصلاة والسلام الناس بهجرهم ، بل وأمر الثلاثة الذين خلّفوا باعتزال نسائهم في آخر عشر ليال ، وكل ذلك للتكفير عنهم وتقويمهم فأفادهم رضي الله عنهم ذلك الهجر وفرحوا فرحاً عظيما بتوبة الله عليهم ، حيث قال في محكم التنزيل في أواخر سورة التوبة : (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثمم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم )) والثلاثة هم : كعب بن مالك ومرارة بن الربيهع وهلال بن أمية

* أن هجر الشخص يكون بشرط عدم طغيان ذلك المهجور أو اصراره على معصيته  وحصول الفتنة له ، فإذا غلب على الظن أن الشخص المهجور لاينتفع بالهجر بل سيزيده ذلك اصراراً وظلماً وفساداً على ماهو فيه فلا يُهجر ، ولكن ينصح ويوجه ويرُشد للخير ويُقرع سمعه دائما بآيات الوعيد والعذاب والترهيب والترغيب حتى تبرأ الذمة ولعل ذلك الشخص ينتفع ، وقد سئل عن مثل ذلك الشيخ ابن باز فأجاب بما نصّه : "  المقصود أن الهجر للمعاصي والبدع لا يتقيد بثلاثة أيام بل ذلك يتقيد بحال صاحب البدعة، صاحب المعصية التي أعلنها، فمتى تاب وأقلع عن معصيته وعن بدعته سلم عليه إخوانه، ومتى أصر على المعصية الظاهرة أو البدعة الظاهرة استحق أن يهجر، وشرع هجره حتى يتوب إلى الله من ذلك، إلا إذا كان هجره يزيد الشر، ويترتب عليه مفاسد أكثر فإنه لا يهجر حينئذٍ دفعاً للمضرة الكبرى والشر الأكبر، على حسب قاعدة الشريعة في ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما، وفي تحصيل أعلى المصلحتين ولو بفوات الدنيا منهما، والحاصل أنه مقام عظيم، يتفاوت فيه الناس، فمتى كان الهجر أصلح للعاصي والمبتدع هجر المدة التي يبقى فيها مصراً على المعصية والبدعة، فإذا تاب وأعلن رجوعه سلم عليه إخوانه المسلمون، ومتى كان الهجر يزيد الشر ويزيد الفتنة ويترتب عليه شر أكثر من معصيته وبدعته على المسلمين أو سيزداد شره وبلاؤه فإنه حينئذٍ لا يهجر، ولكن ينصح ويوجه دائماً، لعله يرجع إلى الصواب، ويبين له خطؤه ويظهر له من إخوانه كراهة لعمله والاستنكار لعمله، حتى يرجع عن ذلك مع العناية بما يردع شره ويقلل شره ويسبب سلامة الناس منه " *1*

* استفاذ الحيل مع المهجور قبل الهجر لأن الهجر مخالف للطبائع السوية وأمر طارئ على البشر ليس من أصول طبائعها وراحة الإنسان بتركه ، ويلمّح النبي عليه الصلاة والسلام إلى مثل ذلك في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عند الترمذي وأحمد : ( لايبلّغني أحدٌ عن أحدٍ من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر) 

 ثم إن مسألة الهجرلأكثر من ثلاث ليال حذر منها الشرع بشكل عام وسنسرد الأحاديث التي بينت خطورة ذلك وعقوبته ومنها مايلي : 

  • حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " متفق عليه  
  •  حديث فضالة بن عبيد عند الطبراني بسند صحيح  " من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار إلا أن يتداركه الله برحمته "   .                                          
  • حديث أبي هريرة في مسند أحمد وسنن أبي داوود  " لايحل لمسلم أن يهجر اخاه فوق ثلاث ، فمن هجر فوق ثلاث فمات فهو في النار " صححه الألباني 
  •  
  •  حديث هشام بن عامر في مسند إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله  أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " لايحل لمسلم أن يهجر مسلماً فوق ثلاث ، فإنهما ناكبان أي مائلان عن الحق ماداما على صرامهما ، وأولهما فيئاً - أي رجوع لصاحبه - يكون سبقُه بالفيء كفارة له ، وإن سلّم فلم يقبل وردّ عليه سلامه ردت عليه الملائكة ورد على الآخر الشيطان ، فإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعاً أبدا " وأخرجه الطبراني وأبي يعلى وابن حبان وصححه .  
  •  حديث أبي خراش السلمي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من هجر أخاه سنة فهوكسفك دمه " رواه أبو داوود وصححه الألباني   .  

   وهذا ماتيسر جمعه وبالله التوفيق  .
-------------------------------------------------
*1* من موقع الشيخ ابن بازhttp://www.binbaz.org.sa/noor/552 

السبت، 12 مارس 2016

غناء أهل الجنة

الحمد لله الذي أعد لعبادة دار الأبرار واصطفى لها من عباده الأخيار والصلاة والسلام على الصفوة المختار وعلى آله وصحبة ممن تبوأ الإيمان والدار وعنا معهم وسلم تسليما كثيراً أما بعد :

أيها القراء الكرام إن مما امتن الله على عباده أنه ماحرم شيئاً إلا أحل مكانه مما يغني عنه سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة وإن مما حرمه سبحانه السماع والإستماع إلى الأغاني على فرق بينهما لغوياً فقيل أن الإستماع هو سماع الشيء وتدبره وتأمله والسماع هو سماع الشيء من غير تدبر ولا تأمل أو مع قليل من التدبر .
وبغض النظر عن هذا الموضوع فإن السماع أو الإستماع للأغاني والمعازف محرم شرعاً بلا خلاف يُذكر في هذا الموضوع بدليل الكتاب وصراحة الأحاديث في ذلك ، يقول الله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب أليم )) "1" ولقوله عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عند البخاري : " ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " وقد بين عليه الصلاة والسلام أنه إذا حدث ذلك وقع الخسف والقذف والمسخ قردة وخنازير لمن فعل ذلك .
والله عوض وأبدل من ترك هذه المعازف والأغاني بإنشاد الشعر والنشيد بلا ايقاعات محرمة وأبدلهم في الجنة بغناء الحور العين والزوجات في دار النعيم . 
وقد وردت الأدلة بذلك صراحة ومنها : 

* حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات سمعها أحد قطّ  ، إن مما يغنّين : نحن الخيّرات الحسان أزواج قوم كرام " رواه الطبراني في المعجم الأوسط وصححه الألباني .
وأما ماورد من حديث موضوع في حرمان من سمع الغناء في الدنيا وأنه لن يسمعه في الآخرة حيث قيل : من له بالغناء لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة ، قيل وما الروحانيون ؟ قال : قراء أهل الجنة " فقد أشار الكثير إلى وضعه . 

* ومما ورد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الحور في الجنة يغنين يقلن : نحن الحور الحسان هدينا لأزواج كرام " وقد روى هذا ابن أبي الدنيا والطبراني في الأوسط وقد وُثقوا رجاله وصححه الألباني . 

وأما حديث الشجرة التي جذعها من ذهب وأوراقها من زبرجد تهب عليها ريح فتهزها فتسمع لها أعذب أصوات فإنه حديث ضعيف لم يصح لألفاظه طريق والله أعلم  . 

---------------------------
"1" سورة لقمان آية رقم 6

السبت، 25 يوليو 2015

المعايير الصحيحة للدين الصحيح التي يتفق عليها عقلاء الناس :

أيها القارئ الكريم : 
من خلال تشخيص الواقع والنظر له بصدق وواقعية فنجد أن هذه الأرض التي نراها في الواقع والتي نحن شركاء فيها كبشر وغير بشر تضم أطياف متعددة من البشر أموات وأحياء ورجال ونساء وكهول وشباب وأغنياء وفقراء وسعداء وأشقياء وصغار وكبار وأمم مختلفة من الحيوانات والطيور والحشرات وغيرها وهؤلاء البشر مختلفون في تصوراتهم وآرائهم وتوجهاتهم وأفكارهم وأعمالهم واعتقاداتهم وهنا يجب أن نقف وقفة تأمل يجب من خلالها أن نعلم ولا نجهل ونحدد مانحن مقبلون عليه لأن الزمان يمضي والأيام تجري تذهب ولا تعود يعيش الإنسان بيننا ثم يمضي الزمان وإذا هو كهل ومن ثم يموت ولكن هنا سؤال ؟ 

هل فكرت ماالذي يكون بعد الموت ؟ 
الكثير من الناس عتدما تسأله في الواقع بعضهم يجيبك وبعضهم لايجيبك وبعضهم يشك وبعضهم يجزم وبعضهم يفضل السكوت . 

ولكن عندما تسأل البعض هل تستطيع أن تجازف بحياتك من أجل ذلك يحيبك أنه لايريد المجازفة . إذا توقف قبل لاتفعل أي شيء وقبل أن لاتخطو خطوة واحدة لكي تقرر الآن . . لأنك في الواقع ستجازف في المستقبل والموت لابد منه فقرر الآن وأنا سأبين لك قبل أن لاتقرر أنه مامن دين تعتنقه إلا لابد أن يتوافق مع أربعة أمور وهذه الأمور الأربعة يتفق عليها العقلاء وهي المعايير الصحيحة لاعتناق الدين الصحيح وكل عقلاء البشر يقرون بذلك وهي : 
الخالق :   فلابد أن يكون هناك خالق للكون ولا يوجد شيء في الطبيعة أوجد نفسه بنفسه ومن ثم لابد أن يكون ماتعتنقه من دين موافقاً لمراد الخالق
والخالق له صفات منها : 
العدل : ومن باب العدل أن يعاقب من يخالف ويثيب من يطيع ويملك الإستمرار في العقوبة أما غيره فينقطع عقابه  . 
القوة : وأن لديه قوة يستطيع فعل مايريد وبها يسيطر على كل العوالم حولنا 
العلم : وأنه بالعلم يعرف من خالف ومن أطاع وفعل مراد الله 
الحكمة : وأنه حكيم في دينه الإجابة على كل الإشكالات التي تعيثق البشرية 

الفطرة :
فلا بد أن يكون دينك الذي تعتقد موافقاً للفطرة الصافية ( فطرة الأطفال ) الذي  يقر للخالق بالخلق ويميز الصواب من الخطأ ويهتدي للحق والحقيقة لو تركه أبواه  ولم يحرفا دينه أو يعلماه شيء لم يكن يعلمه فالطفل كالقالب تضع فيه ماتريد وهو مع ذلك يهتدي للحق أكثر من الكبار . 

العقل : 
فلا بد من الدين الصحيح أن يكون موافقاً للعقل فالمجنون لايقبل منه وكذلك أطفال التوحد لكونهم لايعقلون ولا عبرة بالأهواء ولا عبرة بالشهوات ولا يقوم علها الدين الصحيح إلا ماكان منها موافقاً له لأنها من العاطفة التي تتكون من الكره والحب والبغض والحقد والحسد وليس اختيار الدين بالعاطفة بل بالعقل الصافي وما يدل عليه العقل وإلا كلٌ يدعي أنه على الحق وهو في الواقع مخالف له والدين والحق واحد لايتعدد  . 
يجب أن نعلم أن الحق في أديان البشرية واحد لايتعدد والعقلاء يقررون هذه القاعدة وهذا يدلل أن أكثر البشرية ليسوا على الدين الصحيح لأن لهم أديان مختلفة ومذاهب شتى واعتقادات متباينة ولو كانوا كلهم على الحق لكان عندنا آلاف الأديان وكل يوم يخرج لنا معتقد جديد فهل هذا مراد الخالق ! ! لايمكن أبدا فانظر في ماتعتقد 

البيئة والكون : 
ثم أخيراً لابد أن يكون فيما تعتقد أن لايكون مخالفاً ومعاكساً لنظام الكون . . ولو كان كذلك لحصل الإضطراب ولحصل التدمير للأحياء على وجه الأرض ولما قام الناس بعباداتهم ولما تواصلوا مع بعضهم البعض ولما حصل التعايش بين الإنسان والحيوان والآلة وغيرها 



الأربعاء، 11 فبراير 2015

خطبة استسقاء مختصرة



الحمد لله رب الأرضين والسماوات ، أضحك وأبكى وأحيا وأمات ، مغيث اللهفات وذو العطايا والهبات ، والصلاة والسلام على المبعوث بالينات وعلى آله وصحبه أزكى الصلاة والتحيات أما بعد :
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله الرب الجواد الرحيم بالعباد الذي أعطى على المعاصي وأجزل للداني والقاصي قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).
أيها المؤمنون: الماء نعمة من أعظم نعم الله تعالى علينا ، وهو سبب لحياة كل حي، قال تعالى:( وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون)
ومن الماء ما يجريه الله سبحانه في الأنهار، ومنه ما يخرجه من العيون والآبار، ومنه ما ينزل برحمته في الأمطار، فالمطر من أعظم النعم التي يمتن الله تعالى بها على عباده، قال عز وجل:( ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء)
والله تعالى يرسل المطر لمن يشاء من عباده ، ويحبسه عمن يشاء، وله تعالى في ذلك الحكمة البالغة ، يقول جل ذكره : " ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ومايزيدهم إلا نفورا " فلزاماً أن يلجأ إليه عباده بالتوبة والاستغفار، قال سبحانه حكاية عن هود عليه السلام:( ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا )
وقد يحجب المطر بذنوب فرد من الناس مصر على الذنوب فقد استسقى موسى عليه السلام لقومه مرة فحبس القطر بسبب مذنب بين قومه يبارز الله بالذنوب أربعين سنة فلما سأل نبي الله موسى ربه أخبره سبحانه وتعالى من طريق الوحي بذلك الرجل فناشد موسى ذلك الرجل أن يخرج من بين أظهرهم حتى لا يحرم الناس بسببه، وخوفا من افتضاح أمره تاب الرجل وصدق في توبته فهطل المطر من فوره، فأراد كليم الله موسى معرفته، فقال الله له: سترته وهو يعصيني . . أفأفضحه وهو يطيعني
ولذلك علينا أن نلجأ إلى الله تعالى بالضراعة والدعاء، ونتوسل إليه بالإستغفار ، ونبسط أيدينا بالصدقة والعطاء، فهي من أعظم أسباب نزول المطر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة: اسق حديقة فلان. فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم فى حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان. للاسم الذى سمع في السحابة. فقال له: يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذى هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذا قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالى ثلثا، وأرد فيها ثلثه».
أيها المسلمون: الاستقامة على الطاعات، ولزوم العبادات وكثرة الإستغفار من فعل السيئات سبب من أسباب رحمة الله رب الأرض والسماوات قال سبحانه:( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا)
فعلينا أن نحافظ فرائض الله وأن نخرج الزكاة عند استحقاقها، وأن نؤدي الحقوق لأهلها، وأن نلزم تقوى الله تعالى، قال عز وجل:( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون)
وقال سبحانه:( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)
وعلينا أن نكثر من الاستغفار، فهو سبب نزول الأمطار، وعمران الأرض والديار، قال تعالى:( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)
اللهم اجعلنا ممن آمن واتقى واستقام وتاب لله واستغفره ، وسأل ربه الرحمة فأمطره .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته ومرضاته
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين .

                       *********
 الخطبة الثانية  **********

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أيها المؤمنون: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند احتباس المطر أن نلجأ إلى الله تعالى ونطلب منه السقيا بالدعاء، وأداء صلاة الاستسقاء، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أصابت الناس سنة- أي جدب وغلاء- على عهد النبى صلى الله عليه وسلم فبينا النبى صلى الله عليه وسلم يخطب فى يوم جمعة قام رجل فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا. فرفع يديه، وما نرى فى السماء قزعة فوالذى نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، وبعد الغد والذى يليه، حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الرجل - أو قال غيره - فقال: يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا. فرفع يديه، فقال:«اللهم حوالينا، ولا علينا». فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة وسال وادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود. أي بالمطر الغزير.
اللهم إنا ندعوك فحقق رجاءنا، ولا ترد دعاءنا، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت قوة وبلاغا لنا وبلاغاً إلى حين ، يا من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء جئناك تائبين مستغفرين بلا عدد ، استغفاراً لايحصيه أحد
، فاقبل توبتنا واغسل حوبتنا، اللهم إنا نستغفرك من كل ذنب يحبس القطر من السماء، اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا .
اللهم اغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا غيثا مغيثاً هنيئاً مريئاً غدقا ًسحاً طبقاً مجللا , عاماً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل .
اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركاته
اللهم اسق عبادك وبلادك، وأحي بهائمك، وانشر رحمتك يا أرحم الراحمين، ، وارزقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض وأنت خير الرازقين،
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين
أيها النااس اقتدوا بهدي نبيكم فقد كان يقلب رداءه رجاء أن يحول الله الحال وفقكم الله لما يحب ويرضى وأخذ بنواصيكم للبر والتقوى وصلى الله وسلم على نبينا محمد  . 

     *************************************************************


الجمعة، 5 سبتمبر 2014

قصة الغدير ( غدير خم ) وغلو الرافضة فيما جرى فيه من أحداث

الحمد لله وكفى وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى وعلى المجتبى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين : 
هناك أمور يجب أن نبينها قبل الشروع في ذكر تفاصيل هذه القصة وهي مايلي : 

* أن هذه القصة صحيحة وواقعية طرفها الأول علي بن أبي طالب وطرفها الثاني أصحابه وخصوصا بريدة بن الحصيب الأسلمي الذين رجعوا معه من اليمن في حجة الوداع .

* أن سببها كانت وصيفة ومغانم وحلل من البزّ وابل الصدقة أرسل إليها علي ليأتي بها من اليمن وكانت الوصيفة من نصيب علي فوقع ذلك في نفوس أصحابه وخصوصاً بريدة رضي الله عن الجميع وكذلك أن علياً أمّر أميراً على أصحابه في اليمن ليدرك الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم فقام هذا الأمير ووزع حللل من البزّ الذي كان في المغنم على من كان معه من الأصحاب لكي يتزينوا به عند القدوم على النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة فلما علم بمقدمهم خرج لتلقيهم فلما رآى ماعليهم من الحُلل أمر بخلعها وردها للمغانم اجتهادا منه لاحرماناً لهم فحملوا في أنفسهم عليه رضي الله عن الجميع ، فقام النبي عليه الصلاة والسلام خطيباً في هذا الغدير وقال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال ِ من والاه وعاد ِ من عاداه )) أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان وهو حديث متعدد الأسانيد وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة  . 


* أن وقت حدوث هذه القصة اتخذ زمانها الرافضة عيداً يهنئ بعضهم بعضاً به وهذا مخالف لهدي النبي عليه الصلاة والسلام وكان أول يوم حدث فيه ذلك من عام 352 هــ في الثامن عشر من ذي الحجة فحسبنا الله ونعم الوكيل على من أنشأ هذه البدعة المنكرة المدعو معز الدولة علي بن بويه في بغداد ثم احتفل به في اليمن بعد ذلك بعد الألف من الهجرة النبوية  . 

* أن زمن هذه القصة هو الثامن عشر من شهر ذي الحجة والنبي عليه الصلاة والسلام والصحابة وعلي راجعون من مكة وقد ذكر الزمن الكثير من المؤرخين ومنهم : 

- ابن الأثير في ( الكامل في التاريخ ) 
- الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) 
- المقريزي في ( الخطط والآثار) 
- ابن كثير في ( البداية والنهاية ) 
- ابن العماد في ( شذرات الذهب في أخبار من ذهب ) 
- السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) 

* أن (غدير خم ) مكان موجود الآن بهذا المسمى في شرق رابغ يبعد عنها قرابة العشرين كيلا تقريباً على طريق وادي الفرع وبقرب الجحفة وجنوب الأبواءالمكان الذي توفيت فيه آمنة بنت وهب أم نبينا عليه الصلاة والسلام وموقعه هنا   .

* أن اسم غدير من المسميات التي يتفاخر به الرافضة بل ويسمون به مناطق عندهم منها "غدير قم"  ومما سمي به جزيرة احتلتها الدولة المجوسية ( ايران ) من الإمارات في هذا العصر وهي جزيرة أبي موسى الواقعة في الخليج العربي . 


والقصة حسب أسانيد الأحاديث ورواياتها كالتالي : 


ففي صحيح البخاري حدثني محمد بن بشار ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا علي بن سويد بن منجوف ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد ليقبض الخمس ، وكنت أبغض عليا وقد اغتسل ، فقلت لخالد : ألا ترى إلى هذا ؟ فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له ، فقال : " يا بريدة ، أتبغض عليا ؟ " فقلت : نعم ، قال : " لا تبغضه ، فإن له في الخمس أكثر من ذلك " .
وفي مسند الإمام أحمد حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعنى قالا: ثنا فطّر، عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة.
ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول: يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام كثير من الناس.
قال أبو نعيم: - فقام ناس كثير - فشهدوا حين أخذ بيده، فقال للناس: « أتعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ».
قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: « من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ».
قال: فخرجت كأن في نفسي شيئا، فلقيت زيد بن أرقم.
فقلت له: إني سمعت عليا يقول: كذا وكذا.
قال: فما تنكر؟ وقد سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول ذلك له.
ورواه النسائي من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عنه أتم من ذلك.
وقال أبو بكر الشافعي: ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، حدثنا عبيد الله بن موسى، ثنا أبو إسرائيل الملائي، عن الحكم، عن أبي سليمان المؤذن، عن زيد بن أرقم أن عليا انتشد الناس:
من سمع رسول الله يقول: « من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه ». فقام ستة عشر رجلا فشهدوا بذلك وكنت فيهم.
وقال أبو يعلى، وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه: حدثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت عليا في الرحبة يناشد الناس:
أنشد بالله من سمع رسول الله، يقول: يوم غدير خم: « من كنت مولاه فعلي مولاه » لما قام فشهد قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدريا كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل.
فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول يوم غدير خم: « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ ».
قلنا: بلى يا رسول الله . قال: « فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه ».
ثم رواه عبد الله بن أحمد، عن أحمد بن عمر الوكيعي، عن زيد بن الحباب، عن الوليد بن عقبة بن نيار، عن سماك بن عبيد بن الوليد العبسي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فذكره. قال: فقام اثنا عشر رجلا.
- وفي صحيح مسلم خبر مقارب ذكر فيه فضل أهل البيت يرويه لنا زيد بن أرقم فيقول (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خُما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: [أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به ] فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: [وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي] .  
وذكر ابن هشام في السيرة عن يزيد بن ركانة قال: لما أقبل علي رضي الله عنه من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على جنده الذين معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي رضي الله عنه، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل، قال: ويلك! ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، قال: ويلك! انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فانتزع الحلل من الناس، فردها في البز، قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم . 

 وقد رُوي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن، فكنت ممن خرج معه فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا، فكنا قد رأينا في إبلنا خللا، فأبى علينا، وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين. قال: فلما فرغ علي، وانطلق من اليمن راجعا أمَّر علينا إنسانا وأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم، قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي أستخلفه ما كان علي منعنا إياه نفعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أن قد ركبت، رأى أثر المركب، فذم الذي أمره ولامه، قال: فذكرت لرسول الله ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، ثم قال: مه، بعض قولك لأخيك علي، فو الله لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله، قال: فقلت في نفسي: لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية ا.هــ
وقد ذكر ذلك البيهقي في دلائل النبوة 
هذا ماتيسر كتابته وجمعه ، واسأل الله أن يغفر لصحابة رسول الله كل مااقترفوا وأن يلطف بنا جميعا وبالله التوفيق .