* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الاثنين، 14 مارس 2016

متى يكون الهجر ؟ ؟ وقفات مع أحاديث الهجر في السنة .

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين وبعد : 

النفس البشرية تقوم على التوازن بين العقل والعاطفة والإنسان لديه مشاعر وأحاسيس لابد أن تكون مقنّنة من قبل الشرع حتى لايحصل طغيان لامن طرف العقل ولا من طرف العاطفة على النفس أوعلى الغير . 
ومسألة الهجر هي ضرب للعاطفة والمشاعر ، وإذا علمنا ذلك فلا بد أن نعلم أن الهجر في الشرع لابد له من ضوابط ومنها : 

* أن هجر الشخص يكون بسبب معصية عملها وذنب عظيم ارتكبه فيهجر هذا الشخص لأجل اصلاحه وتوبته وتقويمه ولو طال الهجر لأكثر من ثلاث ليال ويدلل لذلك هجر النبي صلى الله عليه وسلم للثلاثة الذين خلفوا - كما في صحيح البخاري - رحم الله الجميع خمسين ليلة ، وأمر النبي عليه الصلاة والسلام الناس بهجرهم ، بل وأمر الثلاثة الذين خلّفوا باعتزال نسائهم في آخر عشر ليال ، وكل ذلك للتكفير عنهم وتقويمهم فأفادهم رضي الله عنهم ذلك الهجر وفرحوا فرحاً عظيما بتوبة الله عليهم ، حيث قال في محكم التنزيل في أواخر سورة التوبة : (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثمم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم )) والثلاثة هم : كعب بن مالك ومرارة بن الربيهع وهلال بن أمية

* أن هجر الشخص يكون بشرط عدم طغيان ذلك المهجور أو اصراره على معصيته  وحصول الفتنة له ، فإذا غلب على الظن أن الشخص المهجور لاينتفع بالهجر بل سيزيده ذلك اصراراً وظلماً وفساداً على ماهو فيه فلا يُهجر ، ولكن ينصح ويوجه ويرُشد للخير ويُقرع سمعه دائما بآيات الوعيد والعذاب والترهيب والترغيب حتى تبرأ الذمة ولعل ذلك الشخص ينتفع ، وقد سئل عن مثل ذلك الشيخ ابن باز فأجاب بما نصّه : "  المقصود أن الهجر للمعاصي والبدع لا يتقيد بثلاثة أيام بل ذلك يتقيد بحال صاحب البدعة، صاحب المعصية التي أعلنها، فمتى تاب وأقلع عن معصيته وعن بدعته سلم عليه إخوانه، ومتى أصر على المعصية الظاهرة أو البدعة الظاهرة استحق أن يهجر، وشرع هجره حتى يتوب إلى الله من ذلك، إلا إذا كان هجره يزيد الشر، ويترتب عليه مفاسد أكثر فإنه لا يهجر حينئذٍ دفعاً للمضرة الكبرى والشر الأكبر، على حسب قاعدة الشريعة في ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما، وفي تحصيل أعلى المصلحتين ولو بفوات الدنيا منهما، والحاصل أنه مقام عظيم، يتفاوت فيه الناس، فمتى كان الهجر أصلح للعاصي والمبتدع هجر المدة التي يبقى فيها مصراً على المعصية والبدعة، فإذا تاب وأعلن رجوعه سلم عليه إخوانه المسلمون، ومتى كان الهجر يزيد الشر ويزيد الفتنة ويترتب عليه شر أكثر من معصيته وبدعته على المسلمين أو سيزداد شره وبلاؤه فإنه حينئذٍ لا يهجر، ولكن ينصح ويوجه دائماً، لعله يرجع إلى الصواب، ويبين له خطؤه ويظهر له من إخوانه كراهة لعمله والاستنكار لعمله، حتى يرجع عن ذلك مع العناية بما يردع شره ويقلل شره ويسبب سلامة الناس منه " *1*

* استفاذ الحيل مع المهجور قبل الهجر لأن الهجر مخالف للطبائع السوية وأمر طارئ على البشر ليس من أصول طبائعها وراحة الإنسان بتركه ، ويلمّح النبي عليه الصلاة والسلام إلى مثل ذلك في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عند الترمذي وأحمد : ( لايبلّغني أحدٌ عن أحدٍ من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر) 

 ثم إن مسألة الهجرلأكثر من ثلاث ليال حذر منها الشرع بشكل عام وسنسرد الأحاديث التي بينت خطورة ذلك وعقوبته ومنها مايلي : 

  • حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " متفق عليه  
  •  حديث فضالة بن عبيد عند الطبراني بسند صحيح  " من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار إلا أن يتداركه الله برحمته "   .                                          
  • حديث أبي هريرة في مسند أحمد وسنن أبي داوود  " لايحل لمسلم أن يهجر اخاه فوق ثلاث ، فمن هجر فوق ثلاث فمات فهو في النار " صححه الألباني 
  •  
  •  حديث هشام بن عامر في مسند إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله  أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " لايحل لمسلم أن يهجر مسلماً فوق ثلاث ، فإنهما ناكبان أي مائلان عن الحق ماداما على صرامهما ، وأولهما فيئاً - أي رجوع لصاحبه - يكون سبقُه بالفيء كفارة له ، وإن سلّم فلم يقبل وردّ عليه سلامه ردت عليه الملائكة ورد على الآخر الشيطان ، فإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعاً أبدا " وأخرجه الطبراني وأبي يعلى وابن حبان وصححه .  
  •  حديث أبي خراش السلمي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من هجر أخاه سنة فهوكسفك دمه " رواه أبو داوود وصححه الألباني   .  

   وهذا ماتيسر جمعه وبالله التوفيق  .
-------------------------------------------------
*1* من موقع الشيخ ابن بازhttp://www.binbaz.org.sa/noor/552 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق