* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الثلاثاء، 31 يناير 2012

مسائل أجمع عليها العلماء في " باب مايتوقى المحرم وماأبيح له " في كتاب المغني وغيره .

ومن المسائل التي ذكر الإجماع فيها أو اتفق أكثر أهل العلم فيها على قول معين هي :

1ــ لابد أن يتجنب المحرم لبس القمص والعمائم والسراويلات والخفاف والجوارب والبرانس (التي هي ثوب اتصل به غطاء للرأس) وهذا قول الفقهاء كلهم ، قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القمص والعمائم والسراويلات والخفاف والبرانس " .
2ــ يجوز للمحرم أن يلبس السراويل إذا لم يجد إزاراً وخفين إذا لم يجد نعلاً وبهذا قال أكثر أهل العلم ومنهم الثوري وعطاء وعكرمة ومالك والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي وغيرهم كثير بل لم يعرف أحد خالف في هذا .
3ــ يجوز للمحرم أن يلبس الهميان في قول أكثر أهل العلم ( والهميان هو : رباط يربط على البطن توضع فيه النفقة ) يسمونه تسمية أظنها أجنبية وهي " الكمر " ، وقال ابن عبدالبر في لبس الهميان : " أجاز ذلك جماعة فقهاء الأمصار متقدموهم ومتأخروهم " . 
4ــ تجوز الحجامة في قول جماهير أهل العلم للمحرم بشرط أن لايقطع شعراً  .
5ــ ليس هناك حرج في كون المحرم يستظل بشجرة أو حائط أو سقف أو خباء في قول جمهور أهل العلم ، وحتى لو طرح ثوباً على شجرة وجلس تحته ولكن المحضور في الملامسة للشعر والرأس فهذا محضور .
6ــ الصيد محرم على المحرم في قول جميع الفقهاء بلا استثناء قتلاً واصطياداً ــ والمقصود صيد البر ، أما البحر فسيأتي ــ قال تعالى : (( ياأيها الذين آمنو لاتقتلوا الصيد وأنتم حرم . . )) وقال تعالى : (( وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرما . . . )) الآيتان في سورة المائده 95، 96.
7ــ المحرم ممنوع من الطيب بإجماع أهل العلم ، وقد منع منه الميّت المحرم  فكيف بالحي ، قال صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته : ( لاتُمسوه بطيب ) رواه مسلم وفي لفظ عند البخاري : ( لاتحنطوه ) .
8ــ ليس هناك خلاف في شم بعض النبات الذي لايتخذ منه طيباً كالشيح والقيصوم والخزامى والفواكه ونحو ذلك وماينبته بعض الناس لغير قصد الطيب كالحناء والعصفر فمباح شمّه ولا فدية فيه وأما ماروي عن ابن عمر أنه كان يكره شم بعض نبات الأرض فهو اجتهاد منه . 
9ــ لايحل للمحرم أن يلبس ثوباً مسه ورس ولا زعفران ولا طيب ، قال ابن عبدالبر : " لاخلاف في هذا بين العلماء " وروي عن ابن عمر وجابر وهو قول جماهير أهل العلم منهم : مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأبي ثور وأصحاب الرأي . 
10ــ لو غسّل الثوب الذي مسه الطيب أو الورس أو الزعفران فلا حرج في ذلك ويباح لبسه وهو قول جماهير أهل العلم . 
11ــ لايجوز أن يأخذ من شعره إلا من عذر وهو قول جماهير أهل العلم ، قال ابن قدامه في المغني : " أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ شعره إلا من عذر " . 
12ــ كذلك تقليم الأظافر لايجوز الأخذ منها إلا من عذر ، قال ابن قدامه أيضاً : " أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من قلم أظافره إلا من عذر " وقال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمحرم أن يزيل ظفره بنفسه إذا انكسر ولأن ماانكسر ولأن ماانكسر يؤذيه ويؤلمه فأشبه الشعر النابت في عينه " . 
13ــ يباح النظر في المرآة لإصلاح شيء في شعره مثلاً ولكن بعض العلماء كره ذلك من باب الأدب للمحرم ولكن ليس عليه شيء إن فعل ذلك ولايُعلم أحد أوجب عليه بسبب ذلك شيء . 
14ــ مامسته النار من الزعفران أو نوع من أنواع الطيب وذهب طعمه ورائحته ولم يبق إلا اللون فلا يُعلم في إباحة تناوله خلاف ، وأما ماعدا ذلك مما بقيت فيه الرائحة فلم يجوّزه الشافعي وأما مالك رحمه الله وأصحاب الرأي لايرون بأساً بما مسته النار من الطعام سواء ذهب لونه وريحه أم لم يذهب ، وروي نحو هذا القول في الخشكنانج الأصفر ــ وهو نبات عطري ــ حيث روي عن ابن عمر وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وطاووس ذلك بإحة أكله مع أنه كرهه أناس من التابعين كالقاسم بن محمد وجعفر بن محمد ولكن قد يكون كرههم لذلك بعلة فوحان الرائحة وأما ماكان بدون رائحة فربما أجازوه والله أعلم .
15ــ يجوز أن يدهن المحرم نفسه بالزيت والشحم ونحوذلك ، قال ابن المنذر : " أجمع عوام أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالزيت والشحم والسمن " .
16ــ ولا يجوز أن يخمّر رأسه بالإجماع وتغطية الرأس من محظورات الإحرام ، قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من تخمير رأسه "  .
17ــ ورد الإجماع على أن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في احرامها وهذا فيه نظر وهو يخالف في الواقع ماقالت عائشة وفيه : " كنا إذا مرّ بنا الركبان سدلت احدانا الجلباب على وجهها " وإن كان قد جمع بينهما ابن قدامة وقال : " لانعلم فيه خلافاً إلا ماروي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة ويحتمل أنها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافاً " والحق أنه يجب على المحرمة تغطية وجهها على الدوام ولكن الذي نهي عنه هو لبس النقاب والقفازين أما تغطية وجهها بغير ذلك فلا وليس هناك دليل على ذلك كما أخبر بذلك ابن القيم وهذا القول هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية ومن المعاصرين قول الشيخ ابن باز وابن عثيمين .
18ــ البرقع مكروه وليس في كراهيته خلاف يذكر ، وقد قال بذلك جمع من الصحابة ومنهم : سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أجمعين ونقل الإجماع ابن المنذر رحمه الله .
19ــ أما الكحل بالأسود والإثمد فمكروه ولافدية فيه ، وقد قالت عائشة رضي الله عنها لإمرأة : " اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد أو الأسود " قال ابن قدامة رحمه الله : " لا أعلم فيه خلافاً " .
20ــ المحرمة ممنوعة مما منع منه الرجل بالإجماع إلا بعض اللباس كالقمص والدروع والسراويلات والخفاف والخمر فهذا لاخلاف في جوازه للمرأه .
21ــ لايصح للمرأة رفع الصوت في التلبية إلا بمقدار ماتسمع نفسها أو من بجانبها كمرافقتها اجماعاً ، قال ابن عبدالبر : " أجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لاترفع صوتها وإنما تُسمع نفسها " .
22ــ الحج يفسد بالجماع اجماعاً ، قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الحج لايفسُد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع " .
23ــ إذا أتى زوجته بما دون الفرج فلم يُنزل فلا يفسد حجه إجماعاً ولا يُعلم فيه خلاف .

* مسألة * :  لو وطئ زوجته بمادون الفرج فإن عليه دم ولا يفسد حجه ، وأما إذا أنزل فعليه بدنة ويفسد حجه ويعيده . 

24ــ  يصح للمحرم الإتجار وصنع المصنوعات أثناء الحج والإحرام ، قال ابن قدامه : " أما التجارة والصناعة فلا نعلم في إباحتهما خلافاً " أي للمحرم .
25ــ يصح للمحرم أن يراجع زوجته ويرتجعها وهذا الصحيح المشهور الذي قال به أكثر أهل العلم ، وإن كان لأحمد رواية أخرى فهي ضعيفة والرواية الأولى هي الحق إن شاء الله .
26ــ يجوز للمحرم أن يقتل جميع ماآذاه من الدواب والحشرات مع قتل الحدأة والغراب والفأرة والعقرب والكلب العقور ولا فداء عليه في ذلك وهذا قول أكثر أهل العلم ، قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السبُع إذا بدأ المحرم فقتله لاشيء عليه " .
27ــ الذبح أفضل مايتقرب به إلى الله وخصوصاً ذبح البدن فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك بل ساق من الهدي مائة وذبحها في داخل الحرم ، ولاخلاف في أن اسالة الدماء الذي هو الذبح أنه أفضل ماتقرب إلى الله به وخصوصاً في اليوم العاشر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الحج العج والثجّ ) . 
28ــ صيد البحر جائز اصطياده وبيعه وشرائه للمحرم بالإجماع .
29ــ وأما البط وطير الماء فالمعروف بين أهل العلم والمشتهر بينهم أنه من صيد البر ، وأما من قال أنه من صيد البحر أو قال : أيهما يكون أكثر فيه فهو منه فإن هذا قول شاذ بالنسبة لمجموع العلماء وإن كان قال به عطاء عفا الله عنه .
30ــ صيد الحرم محرم على المحرم وغيره وهذا أجمع عليه الفقهاء قديماًوحديثاً .
31ــ الجزاء في الصيد على من يصيده ويقتله يجزئ بمثله وهذا قول عامة أهل العلم ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية فإنهم قالوا الأصل في ذلك البراءة الأصلية ، ولاعبرة بهذا القول لورود النص في ذلك ، وقد ورد النص فيه وهو قوله تعالى :(( ومن قتله منكم متعمداً فجزاءٌ مثل ماقتل من النعم .....))  الآيه وقول الصحابة فإنهم قضوا في صيد الحمامة من حمام الحرم بشاة وروي عن أكابر الصحابة ذلك منهم عمر وعثمان وابن عمر وابن عباس ولم ينقل أن أحداً خالفهم فيكون اجماعاً منهم . 
32ــ القمل يجوز قتله في الحرم بلا خلاف والخلاف في قتله في أثناء الإحرام وارد والأظهر جواز قتله لأنه من صنف مايؤذي ولأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمر كعب بن عجرة بالفدية أمره من أجل فعل المحظور وهو الحلق لامن أجل قتل القمل .
33ــ لايجوز الصيد من آبار الحرم وعيونه كصيد السمك النهري مثلاً أو نحوه لأنه ليس من صنف صيد البحر لكون البحر خارج حدود الحرم .
34ــ قطع الشجر لايصح إلا الإذخر لإباحة النبي صلى الله عليه وسلم لقطعه وكذلك المزروعات فيجوز اقتياتها وقطعها وحصادها وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على هذا الأمر .
35ــ قطع الشجر اليابس والحشيش اليايس جائز وكذلك قطع المنكسر الذي لم يبن جذراً لأنه قد تلف فقد شبهه بعض أهل العلم بالظفر المنكسر ، وأما المنقلع من الأشجار والساقط من الأوراق فيجوز أخذه وهذا نص عليه أحمد رحمه الله قال ابن قدامة :" ولا نعلم في خلافاً " .
36ــ ليس هنك فدية على من اجتث أو قطع الأشجار الرطبة ولا اليابسة في قول أكثر أهل العلم ، وهنك رواية يعتريها الضعف وهي : وجوب الجزاء .
37ــ أهل العلم أجمعوا على أن المُحصر إذا منع من البيت ولم يجد طريقاً آمناً أن له التحلل .
38ــ أجمع أكثر أهل العلم على أن المحصر إذا تحلل أن عليه الهدي ، ولم يخالف إلا مالك فإنه قال لايلزمه هدي لكونه لم يفرّط ، والقول ماقاله أكثر أهل العلم ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم .
39ــ من يئس أن يصل إلى البيت فتمكن من الوصول إلى البيت وكان قبلها يجوز له الإحلال فلم يفعل ذلك إلى أن خلي سبيله فيلزمه أن يقضي المناسك وهذا قبل فوات زمن الحج ــ أي قبل بزوغ فجر اليوم العاشر ــ فإن فات الحج وزال الحصر وكان باقياً على احرامه تحلل من حجه الواجب عليه بعمرة ، فإن فات الحج قبل زوال الحصر تحلل بهدي .
40ــ الحج إذا فسد بالجماع فإنه يجب اتمامه وهذا القول الصحيح لقوله تعالى :(( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ....)) الآيه وروي ذلك عن أبي هريرة وعمر وابن عباس وعلي وبه قالت الحنابلة والحنفية والشافعية ، وخالف في ذلك مالك رحمه الله وقال يجعل الحج عمرة ولايقيم على حجة فاسده وقال بذلك الحسن وغيره ، ومنهم من لم يقل بهذين القولين كالظاهرية ممثلة بداوود الظاهري عفا الله عنه فقال يتحلل ويخرج بالإفساد بالجماع من الحج والعمرة ولأن أمره بالحج والعمرة احداث أمر في الدين ، والقول المشهور الأول قال ابن قدامة فيه :" ولا نعرف لهم ــ أي الصحابة  ــ مخالفاً " .  
41ــ ويجب قضاء حتى الحج التطوع الذي أفسده وذلك لأنه بالدخول في الإحرام صار الحج عليه واجباً فإذا أفسده وجب قضاؤه فهو كالحج المنذور والقضاء على الفور ولا يُعلم في هذا مخالف وذكر ذلك ابن قدامه .
42ــ وهل يجب التفريق بين الحج الفاسد والمقضي ؟
الرواية التي لايعرف لها مخالف في رأي ابن قدامه هي أنه يجب التفريق وقد روي عن بعض الصحابة ، وأما من قال أنه لايجب فما قال بها إلا أبوحنيفة فيما نعلم وشبهه بقضاء رمضان ، وبالله التوفيق .

السبت، 28 يناير 2012

مسائل الإجماع في " باب الإحرام " من كتاب المغني وغيره .

هناك مسائل عدة مجمع عليها في هذا الباب أو قال بها أكثر العلماء وهي :

1ــ استحباب الغسل لمن أراد الإحرام وهذا كالإجماع بين أهل العلم قال به الكثير والكثير من أهل العلماء منهم طاووس والنخعي ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي .
2ــ وأجمعوا على أنه ليس واجباً ، قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال وأنه غير واجب  .
3ــ الطيب محرم على المحرم بعد الإحرام لاقبله ولو مس الثياب وهذا القول الصحيح من أقوال العلماء والذي يسانده ويبينه النص فقد قالت عائشة رضي الله عنها : " كنت أطيّب الرسول صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف في البيت " . وقالت أيضاً : " وكأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم " متفق عليه وفي لفظ للنسائي : " كأني أنظر إلى وبيص طيب المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم " وورد في بعض الألفاظ في الحديث عند مسلم  " عليه جبّة بها أثر خلوق " وفي بعض الألفاظ " عليه ردع من زعفران " .
وأما قول من قال : أنه لايجوز أن يمس الطيب قبل الإحرام فهو قول اعتمد على حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه الذي فيه : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال : " اغسل الطيب الذي بك ثلاث وانزع عنك الجبة واصنع في عمرتك ماتصنع في حجتك " وهذا الحديث متقدم نسخه حديث عائشة لأن حديث عائشة هو المتأخر ويدلل لذلك قول ابن عبدالبر : " لاخلاف بين جماعة أهل العلم بالسِّير والآثار أن قصة صاحب الجبّة كانت عام حنين بالجعرانة سنة ثمان وحديث عائشة في حجة الوداع سنة عشر فعد ذلك إن قدّر التعارض حديثنا ناسخ لحديثهم " وقال ابن جريج أيضاً : " كان شأن صاحب الجبة قبل حجة الوداع " .
4ــ لاخلاف في جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة : الإفراد والتمتع والقران ، والخلاف في أفضلها .
5ــ التمتع مباح في كل زمان وهذا كالمجمع عليه ، قال ابن قدامة في (المغني) : " أجمع المسلمون على إباحة التمتع في جميع الأعصار وإنما اختلفوا في فضله " . 

فائدة مهمة : أساس الإختلاف الذي وقع في التمتع وذلك أن بعضهم خالف ونهى عن التمتع هو أثرٌ لأبي ذر رضي الله عنه في صحيح مسلم قال فيه : " كانت متعة الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة " وقد وافق أبو ذر في ذلك عمر بن الخطاب وعثمان ومعاوية . 
6ــ الحق أن التمتع لكل من أراد النسك جائز بل إنه أفضل الأنساك الثلاثة على الإطلاق لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه ، والرد على أثر أبي ذر أنه قيل لأحمد رحمه الله عن أثر أبي ذر وقيل : أيقول بقوله أحد ؟ فقال : " المتعة في كتاب الله وقد أجمع المسلمون على جوازها " . 
وأما حديث سعيد بن المسيب الذي فيه " أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتى عمر فشهد عنده أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن العمرة قبل الحج " فإن في اسناد هذا الحديث مقال ، بل قد قال عمر رضي الله عنه : " والله إني لأنهاكم عنها وإنها لفي كتاب الله وقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وقد أنكر عمران بن حصين على من نهى عن المتعة وكذلك سعد بن معاذ فقد عاب على معاوية نهيه عن التمتع وكذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد أنكر على عثمان واعترف عثمان رضي الله عنه بجوازها له , وقد سئل ابن عمر رضي الله عنه عن متعة الحج فأمر بها فقيل له : إنك تخالف أباك ، فقال : " إن عمر لم يقل الذي يقولون " . 
7ــ النطق أثناء النسك لااعتبار له إلا إذا وافق النية ( فالنية هي الأصل ) فلو نطق بغير مانواه نحو أن ينوي العمرة فيسبق لسانه إلى الحج أو بالعكس انعقد مانواه دون مالفظ به ، وهذا مجمع عليه . 
قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على هذا ــ أي على أن المقصود النية ــ " . 
8ــ لو أحرم رجلٌ بقميص وعلم أنه لايصح أو كان عالماً بالتحريم ( لكون لبس القميص من لبس المخيط ) فقول أكثر أهل العلم على أنه يخلع القميص ولا يشقه لحجة كونه يغطي رأسه أثناء الخلع , ولا عبرة بقول من قال أنه يشق القميص لكي لايغطي رأسه وقد قال بهذا القول الأخير من التابعين جمع ولم يذكر عن الصحابة فمنهم الشعبي والنخعي وأبي قلابة وذكوان .
9ــ أجمع العلماء اتفاقاً على أن المحرم يغتسل من الجنابة  , , ,  والله أعلى وأعلم وأجل وأحكم .

مسائل أجمع عليها العلماء في " باب ذكر المواقيت " في كتاب المغني وغيره .

من المسائل التي أجمع عليها الفقهاء أو قال بها أكثر بها أكثرهم هي :

* أجمع العلماء على أربعة مواقيت ذكرت في الحديث صراحة من قول النبي صلى الله عليه وسلم وهي ـــ من الأبعد للأقرب ـــ : ذو الحليفة والجحفة ويلملم وقرن المنازل ( ميقات السيل )  .
* ميقات ذات عرق ( ميقات أهل المشرق ) على قول أكثر العلماء وهو مذهب المالكية وأبي ثور وأصحاب الرأي ، وأصل هذا الميقات وضعه عمر بن الخطاب لأهل العراق بعد الفتح الإسلامي للشرق وكان قال لهم : " انظروا حذوها من طريقكم " فحد لهم ذات عرق كما ورد ذلك في صحيح البخاري .
ولكن زعم بعضهم الإجماع على ذلك ، وممن قال بذلك ابن عبدالبرــ رحمه الله ــ فقال : " أجمع أهل العلم على أن احرام العراقي من ذات عرق إحرام من الميقات " وقال أيضاً : " العقيق أولى وأحوط من ذات عرق وذات عرق ميقاتهم بإجماع "  ويقصد بالعقيق الوادي لأن الوادي بجانب ميقات ذو الحليفة ومحاذي له ، ولامانع من الأخذ بهذا الإجماع لعدم ورود مايخالفه .
* أهل مكة يحرمون بمكة من أدنى الحل ولا خلاف في ذلك ولا يجب عليهم أن يذهبوا إلى الميقات للإحرام بالحج والعمرة إلا أن يكون مسكن المحرم أقرب إلى الحرم أو البلد الحرام من الميقات فيحرم من مسكنه في قول أكثر أهل العلم . 

* لو أحرم قبل الميقات فإنه يصبح محرماً ويجب عليه تجنب محضورات الإحرام وتثبت الأحكام في حقه ، ولكن الأفضل أن يحرم من الميقات ويكره قبله ، قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم " . 
* لو تجاوز الميقات وهو مريد للحج أو العمرة سواء كان عالماً به أو جاهلاً فعليه الرجوع للإحرام منه فإن رجع إليه فليس عليه شيء بغير خلاف ، وإن لم يرجع فعليه دم .
* لو دخل مكة وهو لايريد النسك بل حاجة فيها وهو ليس من أهل مكة فلا يلزمه الإحرام بلا خلاف .
* من خشي فوات الحج عند احرامه من الميقات فإنه يمضي في حجه وهذا قو أكثر العلماء ويلزمه دم فيما نعلم ولم يخالف في ترك الميقات إلا سعيد بن جبير فقال : من ترك الميقات فلا حج له ولكن العبرة بقول الأكثرية من العلماء .
* الدم لازم لمن أحرم من دون الميقات ولو خشي فوات الحج ، ، ، وبالله التوفيق  .

الأربعاء، 25 يناير 2012

مسائل الإجماع في " كتاب الحج " من كتاب المغني وغيره .

بعد حمد الله وذكره وشكره والصلاة على النبي الكريم وبعد :
يجب أن نعلم أن الأصل في وجوب الحج وفرضيته هو الكتاب والسنة والإجماع وأنه على المستطيع واجب مرة واحدة في العمر ومن الأدلة على ذلك :
* قول الله تعالى : (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) سورة آل عمران آية 97 . فوسم تارك الحج المستطيع بالكفر .
* حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) وهذا الحديث متفق عليه .
* وكذلك حديث عمر بن الخطاب الطويل الذي سأل جبريل فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان .
ـــ وهنا سوف نذكر في هذا الكتاب وأبوابه المسائل المجمع عليها بين العلماء أو قال به أكثرهم وهي :
1ــ لاخلاف بين الفقهاء في الشروط التي توجب للمسلم الحج إذا توفرت فيه وهي : الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والإستطاعة . 
2ــ بين الفقهاء أن الإستطاعة المشترطة هي : ملك الزاد والراحلة بلا خلاف يُذكر , روي عن سعيد بن جبير ومجاهد والحسن والشافعي واسحاق , قال الترمذي : " والعمل عليه عند أهل العلم " . 
3ــ تجب العمرة على من وجب عليه الحج والدليل يدعم هذا القول وهو قول كثير من الصحابة والتابعين ورواية عن أحمد راجحة قال تعالى : (( وأتموا الحج والعمرة لله . . )) سورة البقرة آية 96 . روى الأثرم بإسناده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن : ( أن العمرة هي الحج الأصغر ) ولم يذكر أن أحداً خالف في ذلك إلا ابن مسعود مع أن الرواية عنه فيها خلاف .
4ــ العمرة للمتمتع وللقارن مجزية لهما عن العمرة الواجبة ولا خلاف في اجزاء العمرة عن المتمتع بالذات روي ذلك عن ابن عمر وطاوس ومجاهد ولو كانت من أدنى الحل . 
5ــ إذا لم يجد مالاً يستنيب به فلا يجب له أو عليه الحج بغير خلاف وذلك لأنه لم يجد مايحج به فلا يجب عليه اجماعاً . 
6ــ لايجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه اجماعاً , ولذلك قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الإسلام وهو قادر على أن يحج لايجزئ عنه أن يحج غيره عنه " .
7ــ يجوز أن ينيب الرجل المرأة والمرأة الرجل وهذا قول عامة أهل العلم ، إلا الحسن بن صالح فيقال أنه كره حج المرأة عن الرجل وهذا نسيان لصريح الجواز في السنة فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أن تحج عن أبيها ، قال ابن المنذر : "  هذه غفلة عن ظاهر السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المرأة أن تحج عن أبيها وعليه يعتمد من أجاز حج المرأة عن غيرها " . 
8ــ لايجوز منع المرأة عن حجة الإسلام وهذا قول الكثير من أهل العلم بل إنه عند الحنابلة لايجوز وهو فرض فلا يجوز له منعها قال به النخعي واسحاق وأبوثور وأصحاب الرأي وهو الصحيح من قولي الشافعي ، وأما التطوع فيجوز له المنع ولهذا قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع " .
9ــ لايعتد بحج الصبي أثناء الصغر ولا بحج العبد قبل العتق وهذا مجمع عليه بين أهل العلم وذلك لايكفيه عن حجة الإسلام فلا بد أن يحج قال الترمذي : " أجمع أهل العلم عليه " وقال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم إلا من شذ عنهم ممن لايعتد بقوله خلافاً على أن الصبي إذا حج في حال صغره والعبد إذا حج في حال رقّه ثم بلغ الصبي وعتق العبد أن عليه حجة الإسلام إذا وجد إليها سبيلاً " وقد قال بهذا القول ابن عباس وعطاء والحسن والنخعي والثوري ومالك والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي وأبوثور . 
10ــ لو بلغ الصبي وعتق العبد في عرفة وكانا غير محرمين فأحرما أو قبلها فإنها تجزئه عن حجة الإسلام ويتمان المناسك ولا يُعلم في هذا خلاف .
11ــ الفدية والهدي لازمة في مال الصبيان في أموالهم ، قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن جنايات الصبيان لازمة لهم في أموالهم " .
12ــ لو طيف بصبي محمول لعذر فلا يخلو إما أن يقصدا جميعاً عن المحمول ( أي يقصد الحامل عن المحمول والمحمول عن نفسه ) فيصح عن المحمول الحج دون الحامل بلا خلاف نعلمه , وإلا فلكل شخص نيته عن نفسه إن نووا ذلك ، ، ،  وبالله التوفيق .  

الاثنين، 23 يناير 2012

مسائل الإجماع في " كتاب الإعتكاف " من كتاب المغني وغيره ، ، .

مما يجب أن يُعلم أن الإعتكاف سنة لاخلاف في هذا بين أهل العلم فيه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يوجبه وينذر به على نفسه فعدها يجب عليه القيام به ويلزمه ولا يكون سنة وفي هذا يقول ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الإعتكاف سنة لايجب على الناس فرضاً إلا أن يوجب المرء على نفسه الإعتكاف نذراً فيجب عليه " .

وفي هذا الكتاب من التبويب الفقهي عدة مسائل أجمع عليها العلماء أو قال بها أكثر أهل العلم منها :
* أجمع العلماء على أن كل عبادة مستحبة دخل فيه المسلم بالنية على اتمامها ثم قطعها فليس واجباً عليه اكمالها إلا الحج والعمرة , فليس يلزمه اتمام الإعتكاف إذا نوى قطعه
بعد أن شرع فيه , فإن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الإعتكاف عندما رأى أخبية نساءه قد ضُربت في المسجد كما في حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه أصحاب الكتب السته وذلك أنها قالت رضي الله عنها : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله فاستأذنت حفصة عائسة رضي الله عنها أن تضرب لها خباء فأذنت لها فلما رأته زينب بنت جحش ضربت خباء آخر فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية فقال : ( ماهذا )فأُخبر , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( آلّبر تُرون بهن ) فترك الإعتكاف صلى الله عليه وسلم ذلك الشهر , ثم اعتكف عشراً من شوال "
 قال ابن قدامة في المغني : " ولم يقع الإجماع على لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة وبهذا قال الشافعي وهذا مذهب الحنابلة كافة .
ولا يُلتفت إلى قول من قال يلزمه الإتمام كابن عبدالبر الذي نقل الإجماع على غير بينة فقال : " لايختلف في ذلك الفقهاء ويلزمه القضاء عند جميع العلماء " ولهذا رد عليه ابن قدامة فقال : " وهذا ليس بإجماع ولا نعرف هذا القول عن أحد سواه " وإن كان هذا مذهب مالك فإن الحديث يرد قولهم هذا فقد قطع النبي اعتكافه وتركه ولو كان واجباً لما تركه كما أسلفنا .
* لايصح الإعتكاف إلا في مسجد وهذا لايُعلم فيه خلاف ولا شك أنه في الجامع أفضل .
* الخروج من المُمعتكف للغائط والبول مما أجمع العلماء عليه , قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول ولأن هذا مما لابد منه ولا يمكن فعله في المسجد , فلو بطل الإعتكاف بخروجه إليه لم يصح لأحد الإعتكاف " .
* مما يصح للمعتكف صعود سطح المسجد لأنه من المسجد , ولهذا لايصح للجنب من اللبث فيه , وهو قول أكثر العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة كأبي حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم كثير .
* يحرم الوطء على المعتكف بالإجماع لقوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها . . . . . ) الآيه  فإن وطئ في الفرج متعمداً فقد فسد اعتكافه وقد حكى ابن المنذر اجماع العلماء على تحريم الوطء على المعتكف .
* لو اعتكفت امرأة وحاضت فيجب عليها أن تخرج إلى رحبة المسجد أو حريمه , وخروجها من المسجد ليس فيه خلاف بين أهل العلم وذلك لأن الحيض حدث يمنع من المكوث واللبث في المسجد وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم المسجد على الحائض والجنب فقال : "  لاأحل المسجد لحائض ولا جُنب " رواه أبوداوود .
* لو افترض أن المسجد ليس له رحبة ولا حريم أو ساحة خارجية فإن الحائض تعود لمنزلها حتى تطهر ثم ترجع لإتمام الإعتكاف وليس عليها كفارة في فعلها هذا , ولا يُعلم في هذا القول خلافاً بين العلماء   , , , ,  وبالله التوفيق والسداد  .