* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الأحد، 30 أكتوبر 2011

عن الإجازة عند المحدثين . . .

أقول بعد حمد الله والصلاة على نبيه :
المقصود بالإجازة في الحديث إذن بعض المحدثين لطلبته أن يرووا عنه أحاديث أو كتباً معينة ويقرهم على ذلك إما لفظاً أو كتابة فيقول : " أجزتك أن تروي عني هذا الحديث أو هذا الكتاب أو مافي هذه الورقة " أو نحو ذلك .
وحكم الرواية بها جائزة عند جمهور المحدثين حتى ادَّعى بعض العلماء الإجماع على ذلك ومنهم : أبو الوليد الباجي .
ولكن ابن الصلاح خالف أبو الوليد الباجي في هذا الأمر وذلك بما رواه الربيع بن سليمان عن الشافعي : أنه منع من الرواية بها , ووافقه الماوردي وعزاه إلى مذهب الشافعي وممن قال بالمنع حسين بن محمد المروذي وقالوا : لو جازت الرواية عن طريق الإجازة لبطلت الرحلة وروي أيضاً عن جمع من المحدثين التابعيين ومنهم : " شعبة بن الحجاج " وغيره من الحفاظ كابراهيم الحربي والأصبهاني أبو الشيخ محمد بن عبدالله وأبو نصر الوائلي السِّجزي وعن جماعة .

* أنواع الإجازة : 
لها عدة أنواع منها :
1 ــ إجازة لمعين من معين في معين وذلك مثل : " أجزتك أن تروي عني هذا الورقات أو هذا الكتاب " وهي إجازة مناولة وهذه جائزة عند الجمهور من العلماء المحدثين حتى الظاهرية لكنهم خالفوا في العمل بهذه الإجازة لأنها عندهم في معنى المرسل والسبب لديهم : ان السماع من الشيخ لم يتصل بينه وبين المُجاز .
2 ــ إجازة في غير معين لمعين , وذلك مثل أن يقول : " أجزتك أن تروي ماأرويه " أو : " تروي عني ماصح عندي من المسموعات "  وهذا أيضاً جائز عند الجمهور في الرواية وفي العمل .
3 ــ الإجازة إلى غير معين مثل أن تقول : " أجزت للمسلمين عموماً " أو أجزت " للموجودين " أو " لمن نطق بالشهادة " وتسمى اجازة عامة , وقد اعتبرت عند طائفة من الحفاظ والعلماء جائزة منهم :  الخطيب البغدادي الذي نقلها عن شيخه القاضي أبي الطيب الطبري , ومنهم : أبو بكر الحازمي عن شيخه أبي العلاء الهمداني الحافظ وغيرهم من المغاربة الحفاظ  عليهم رحمة الله . 
4 ــ الإجازة لمجهول بمجهول ففاسدة وليس فيها جماعة مسمَين , أما التي فيها استدعاء لجماعة مسمَيْين لايعرفهم المُجيز أو لايحسن ولا يتصفح أنسابهم ولا عددهم فإن هذا موجود وسائغ شائع ومثله المُسمِع حين لايستحضر أنساب من يحضر مجلسه ولا عدتهم فمثله . 
ولو أنه قال على سبيل المثال : " أجزت رواية هذا الكتاب لمن أحب الرواية عني أو لمن أحب روايته عني " فقد كتب ذلك محمد بن الحسين الأزدي وسوغه غيره وقوَاه ابن الصلاح .
ولو قال أيضاً : "  أجزتك ولعقبك ونسلك رواية هذا الكتاب " فقد جوَز ذلك جماعة منهم أبو بكر بن أبي داوود فقد قال لرجل : " أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة "  .
ولو قال أيضاً : " أجزت لمن يوجد من بني فلان " فقد حكى الخطيب جوازها عن القاضي أبي يعلى بن الفرّاء الحنبلي وأبي الفضل بن عمروس المالكي وحكاه ابن الصباغ عن طائفة ثم ضعف ذلك , وقال : " هذا يبنى على أن الإجازة إذن أو محادثة " وكذلك ضعفها ابن الصلاح وأورد الإجازة للطفل الصغير الذي لايخاطب مثله .
وذكر الخطيب أنه قال للقاضي أبي الطيب : " إن بعض أصحابنا قال : لاتصح الإجازة إلا لمن يصح سماعه ؟ " فقال : " قد يجيز الغائب عنه ولايصح سماعه منه "  .
ورجح الخطيب صحة الإجازة للصغير , وقال : " وهو الذي رأينا كافة شيوخنا يفعلونه يجيزون للأطفال من غير أن يسألوا عن أعمارهم , ولم نرهم أجازوا لمن لم يكن موجوداً في الحال "  .
ولو قال " أجزت لك أن تروي ماصح عندك مما سمعته وما سأسمعه "  فالأول الذي هو قوله : " أجزت لك ماصح عندك مما سمعته " فهذا جيد وأما الثاني وهي الجملة التي بعد هذه فهذا فاسد .
وقد حاول ابن الصلاح تخريجه على أن الإجازة إذن كالوكالة وفيما لوقال في شأن الوكالة : " وكلتك في بيع ماسأملكه " فالمسألة هذه فيها خلاف عند الفقهاء فلا يصح تشبيه هذه المسألة بإجازة الحديث .
أما الرواية بالإجازة على رواية اجازة أخرى فالجمهور على جوازها ( أي السماح بإجازة على اجازة ) وإن تعددت وتكلم في ذلك الدارقطني ونص على تجويز الجمهور لها ونص على ذلك شيخه أيضاً ابن عقدة والحافظ أبو نُعيم الأصفهاني والخطيب وغير واحد من العلماء .
قال ابن الصلاح : " ومنع ذلك بعض من لايعتد به من المتأخرين والصحيح الذي عليه العمل جوازه , وشبهوا ذلك بتوكيل الوكيل "  والله الموفق   ,  ,   ,   .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق