* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الاثنين، 31 أكتوبر 2011

الكلام في العقل عند المتكلمين والمسلمين وما يتبع ذلك .

ذكر شيخ الإسلام في فتاويه في كتاب التصوف ماقاله المتكلمون عن العقل وأن الذي صدر من المخلوقات أولاً هو العقل وأنه تفرع منه عشرة عقول ويستدلون بحديث : " إن أول ماخلق الله العقل . .  . "  الحديث فقال :
( لاسيما هؤلاء ــ يقصد المتكلمين ــ يزعمون أن الصادر الأول هو " العقل الأول " وعنه صدر كل مادونه و" العقل الفعال العاشر " رب كل ماتحت فلك القمر ــ بزعمهم ــ وهذا كله يعلم فساده بالإضطرار من دين الرسل فليس أحد من الملائكة مبدع لكل ماسوى الله , وهؤلاء يزعمون أنه العقل المذكور في حديث يروى : " أن أول ماخلق الله العقل , فقال له : أقبل فأقبل فقال له : أدبر فأدبر فقال : وعزتي ماخلقت خلقاً أكرم علي منك فبك آخذ وبك أعطي ولك الثواب وعليك العقاب "  ويسمونه أيضاً : القلم لما روي : " إن أول ماخلق الله القلم . . "  الحديث رواه الترمذي .
والحديث الذي ذكروه في العقل كذب موضوع عند أهل المعرفة بالحديث كما ذكر أبو حاتم البُستي والدارقطني وابن الجوزي وغيرهم , وليس في شيء من دوواين الحديث التي يعتمد عليها .
ومع هذا فلفظه لو كان ثابتاً حجة عليهم فإن لفظه : " أول ماخلق الله تعالى العقل قال له ــ ويروى ــ لما خلق الله العقل قال له "  . فمعنى الحديث :  أنه خاطبه في أول أوقات خلقه ليس معناه أنه أول المخلوقات و" أول " منصوب على الظرف كما في اللفظ الآخر ( لما )  وتمام الحديث : " ماخلقت خلقاً أكرم علي منك "  فهذا يقتضي أنه خلق قبله غيره , ثم قال : ( فبك آخذ وبك أعطي ولك الثواب وعليك العقاب ) فذكر أربعة أنواع من الأعراض وعندهم أن جميع جواهر العالم العلوي والسفلي صدر عن ذلك العقل فأين هذا من هذا .
وسبب غلطهم أن لفظ " العقل " في لغة المسلمين ليس هو لفظ " العقل " في لغة اليونان فإن العقل في لغة المسلمين : مصدر عقَلَ يعقل عقلاً كما في القرآن : (( قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ماكنا في أصحاب السعير )) , (( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون )) , (( أولم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها . . . )) الآيه .
ويراد " بالعقل " الغريزة التي جعلها الله في الإنسان يعقل بها .
وأما أولئك " فالعقل " عندهم جوهر قائم بنفسه كالعاقل وليس هذا مطابقاً للغة الرسل والقرآن وعالم الخلق عندهم كما يذكره أبو حامد الغزالي عالَم الأجسام ( العقل والنفوس ) فيسميها : عالمُ الأمر , وقد يسمي العقل " عالم الجبروت " والنفوس " عالم الملكوت " والأجسام " عالم المُلك " ويظن من لم يعرف لغة الرسل ولم يعرف معنى الكتاب والسنة أن مافي الكتاب والسنة من ذكر " الملك والملكوت والجبروت " موافق لهذا , وليس الأمر كذلك وهؤلاء يلبّسون على المسلمين تلبيساً كثيراً كاطلاقهم أن الفلك مُحدث أي " معلول " مع أنه قديم عندهم والمُحدث لايكون إلا مسبوقاً بالعدم .
ليس في لغة العرب ولا في لغة أحد يسمى " القديم الأزلي " مُحدثاً والله قد أخبر أنه خالق كل شيء وكل مخلوق فهو مُحدث وكل مُحدث كائن بعد أن لم يكن لكن ناظرهم أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة مُناظرة قاصرة لم يعرفوا بها ماأخبرت به الرسل ولا أحكموا فيها قضايا العقول , فلا للإسلام نصروا ولا للأعداء كسروا , وشاركوا أولئك في بعض قضاياهم الفاسدة  ونازعموهم في المعقولات الصحيحة فصار قصور هؤلاء في العلوم السمعية والعقلية من أسباب قوة ضلال أولئك .  .   
وهؤلاء المتفلسفة قد يجعلون " جبريل " هو الخيال الذي يتشكل في نفس النبي صلى الله عليه وسلم , والخيال تابع للعقل فجاء في الملاحدة الذين شاركوا هؤلاء الملاحدة المتفلسفة وزعموا أنهم ( أولياء الله ) وأن أولياء الله أفضل من أنبياء الله وأنهم يأخذون على الله بلا واسطة كابن عربي صاحب [ الفتوحات ] و[ الفصوص ] فقال أنه : يأخذ من " المعدن " الذي أخذ منه المَلك الذي يوحي به إلى الرسول و" المعدن " عنده هو العقل والمَلك هو : " الخيال " والخيال تابع للعقل وهو بعزمه يأخذ عن الذي هو أصل الخيال والرسول يأخذ عن الخيال فلهذا صار عند نفسه فوق النبي ولو كان خاصة النبي ماذكروه لم يكن هو من جنسه فضلاً عن أن يكون فوقه  , فكيف وماذكروه يحصل لآحاد المؤمنين , والنبوة أمر وراء ذلك فإن ابن عربي وأمثاله وإن ادعوا أنهم من الصوفية فهم من صوفية الملاحدة الفلاسفة ليسوا من صوفية أهل العلم فضلاً أن يكونوا من مشائخ أهل الكتاب والسنة كالفُضيل بن عياض وابراهيم بن أدهم وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي والجنيد بن محمد وسهل بن عبدالله التَّستري وأمثالهم رضوان الله عليهم أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق