* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الأحد، 13 نوفمبر 2011

هل الله في جهة أو في حيز ؟ ؟ مسألة عقدية

بعد حمد الله وشكره والصلاة على نبيه الكريم نقول :
إنه في أواخرالقرن الأول وأوائل الثاني للهجرة تقريبا ظهرت كثير من الألفاظ المستجدة المُحدثة التي ابتدعها أهل الضلال والزيع من المشككين أو الممثلين او المجسمين لله والمشبهينه بخلقه وذلك مع بداية ظهورالمذاهب الفقهية كما ورد ذلك في كتاب للشيخ عبدالله الغصن واسمه ( دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية ) فقال :
"  أول من عرف عنه إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة نفياً أو إثباتاً: أهل الكلام المحدث بقسميهم : النفاة كالجهمية والمعتزلة. والمثبتة الغلاة كالمشبهة من الرافضة وغير الرافضة " . والجهم بن صفوان رأس الضلال كان خروجه في بداية القرن الثاني الهجري وهو الذي حمل لواء المعطلة بعد موت الجعد بن درهم وكان ذلك في أوائل القرن الثاني الهجري أي سنة 105هـ .
والألفاظ المبتدعة التي عنيناها هي لفظ " الجسم " و" العرض " و"  الجهة " و " الحيز " فهل الله سبحانه في جهة ؟ أو في حيز ؟
لنعلم أن هذه الألفاظ من الكلمات المبتدعة التي ابتدعها أصحاب الكلام من المعتزلة والجهمية وأنها لم ترد في الشرع نفياً ولااثباتاً ولم يتكلم بها الصحابة ولا التابعين ولم ينطقوا بها نفياً ولا اثباتاً كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإنه قال كبداية جواب على لفظ الجهة والحيز : " قيل هذه الألفاظ مجملة لم يرد بها الكتاب والسنة لانفياً ولا اثباتاً ولم ينطق أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان بإثباتها ولا نفيها " (1).
ولكن مالجواب لو قيل ذلك هل نسكت أو نجيب ؟
الجواب لابد منه لأن هناك قاعدة مهمة لابد من علمها وفهمها وتطبيقها وهي :
[[ الرد في مسائل الإعتقاد أصلٌ من أصول أهل السنة والجماعة ]]
لابد أن تعلم ذلك كما يقول ذلك الشيخ عبدالله السلمي ــ حفظه الله ــ وأما في الفروع والمسائل الفقهية فلا يلزم الرد على كل مخالف لأن ذلك يتجعلك تكلفٌ في الرد ولربما رُدّ حديث النبي صلى الله عليه وسلم انتصاراً لردك وهذا لاينبغي . 
فالرد في الأصول واجب وفي الفروع لايجب الإستقصاء فيها لأسباب كثيره , المهم في الأمر أن مسألة الجهة أمر مستجد ومبتدع والرد فيه يكون بعد بيان هذا اللفظ المجمل فليعلم ذلك فنقول لمن سأل هذا السؤال :
هل الله سبحانه وتعالى في جهة أو حيز ؟
نقول له : مالذي تقصده بكلمة " جهة " هل هي العلو , إن كانت العلو فالله في جهة العلو وفي ذلك ورد الحديث في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأل تلك الجارية فقال لها : " أين الله " , قالت : في السماء , فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعتقها : " أعتقها فإنها مؤمنة " وكان قد جاء بها ليعتقها .
ونقول : وإن كان ماتقصد أنه تحيط به بعض المخلوقات أو أن المخلوقات تحيط به فذلك منتفٍ عن الله عز وجل وليس هو في جهة بهذا الإعتبار الفاسد بل هو سبحانه لايحيط به شيءٌ من مخلوقاته وهو محيطٌ بالعالم قال تعالى : (( إنه بكل شيء محيط )) .
وكذلك في لفظ الحيّز نقول ماالذي تقصد بالحّيز : إن كنت تقصد بالحّيز أنه في مكان غير العلو وأنه أصغر من مخلوقاته لأن الحيز في بعض الأحيان يكون أصغر مما حوله فهذا لاشك منتفٍ عن الله والله سبحانه الكبير المتعال , لاأحد أكبر منه ولاأعلى منه ولا فوقه شيء ولادونه شيء ولا قبله شيء ولا بعده شيء .
وإن كنت تقصد في الحيّز أنه في زاوية منحازة عن العالم لايعلم ماحوله فهذا باطل بالنقل والعقل قال تعالى : " إنه عليم بماتفعلون " وقوله : " سبح اسم ربك الأعلى " وقوله : " وهو العلي العظيم " وقوله : " ولا يحيطون بشيء من علمه " وقوله : " يعلم مابين أيديهم وماخلفهم " وغيرها من الأدلة ولأن الله أثبت في كتابه وعلى لسان رسوله أنه في جهة العلو سبحانه  .
ومن العقل أن الله وهو ذو الصفات الحميدة الكاملة لايليق في حقه سبحانه يكون في جهة وحيز منحازعن العالم  وإلا كيف يمكن للفطرة البشرية في بني آدم أن تتجه عند الإضطرار للعلو وذلك عند العسر والكرب والضيق كضرب الأمواج في حال ركوب البحر وكالدعاء من الكافر على المظلوم أو عند رؤية المكروه والموت أو غير ذلك .
فلماذا إذاً تتجه إلى العلو ولا تتجه إلى أي جهة أخرى  ؟ لأنها تعلم في قرارة نفسها بفطرة يُشعر بها أو لايُشعر أن في جهة العلو إله قادر على كل شيء يفرج الكُربات ويقيل المنكوبين ولو كان الرب سبحانه في أي جهة أخرى لناقض ذلك العقل والفطرة السليمة . 
ثم إن أطفال الكفار لو سألته عن الرب في الغالب لوجدته يشير لجهة العلو فكيف يكون في جهة منحازة عن العالم فهذا من ناحية العقل والنقل والله تعالى أعلم . 

**************************************************
(1) فتاوي شيخ الإسلام ــ  المجلد السابع ــ ص 663 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق