* " مدونة تبحث عن الحق على مذهب {الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة } الطائفة المنصورة التي لايضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي الله بأمره " * .

الخميس، 17 نوفمبر 2011

قس بن ساعدة الإيادي . . خبره وإعجاب النبي صلى الله وسلم بكلامه .

ذكر ابن كثير في تاريخه عن خبر قس بن ساعدة الإيادي فقال :
" قال الحافظ أبوبكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب هواتف الجان : حدثنا داوود القنطري حدثنا عبدالله بن صالح حدثني أبوعبدالله المشرقي عن أبي الحارث الوراق عن ثور بن يزيد عن مورق العجلي عن عبادة بن الصامت قال : لما قدم وفد إياد على النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يامعشر وفد اياد , مافعل قس بن ساعدة الإيادي " , قلوا : هلك يارسول الله , قال : " لقد شهدته بسوق عكاظ يتكلم بكلام مُعجب مونّق لاأجدني أحفظه . فقام له أعرابي من أقاصي القوم فقال : أنا أحفظه يارسول الله , قال : فسُر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال :
فكان بسوق عكاظ على جمل أحمر وهو يقول :
" يامعشر الناس اجتمعوا فكل من فات فات وكل ماهو آتٍ آت , ليلٌ داج , وسماء ذات أبراج وبحر عجّاج , نجوم تزهر , وجبالٌ مرسية وأنهار مَجريّة , إن في السماء لخبرا , وإن في الأرض لعبرا , مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالإقامة فأقاموا أم تركوا فناموا , أقسم قسٌّ بالله قسماً لاريب فيه إن لله ديناً هو أرضى من دينكم هذا ثم أنشأ يقول :
في الذاهبين الأوليـــــــــ *ـــــن من القرون لنا بصائر
لما رأيت مَـــــــــــوارداً * للموت ليس لها مصــــادر
ورأيت قوماً نحوهـــــــأ * يمضي الأصاغر والأكابر
لامن مضى يأتي إليــــك* ولا من الباقين غــــــابر
أيقنت أني لامحــــــــالة * حيث صار القوم صائــر
وهذا اسناد غريب من هذا الوجه وقد رواه الطبراني من وجه آخر في المعجم الكبير "
وقال ابن كثير في موضع آخر وفي هذه آخر هذه القصة عجباً قال :
" أخبرنا الشيخ المسند الرحلة أحمد بن أبي طالب الحجار إجازة إن لم يكم سماعاً قال : أجاز لنا جعفر بن علي الهمداني قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن ابراهيم السلفي سماعاً وقر أت على شيخنا الحافظ أبي عبدالله الذهبي أخبرنا أبوعلي الحسن بن علي بن أبي بكر الخلال سماعاً قال : أخبرنا جعفر بن علي سماعاً قال : أخبرنا السلفي سماعاً أخبرنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن ابراهيم الرازي أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ حدثنا أبو محمد أبو عبدالله بن جعفر بن درستويه النحوي قال : حدثنا اسماعيل بن ابراهيم بن أحمد السعدي ــ قاضي فارس ــ حدثنا أبوداوود سليمان بن سيف بن يحي بن درهم الطائي من أهل حران حدثنا ابوعمرو سعيد بن يربع عن محمد بن اسحاق حدثني بعض أصحابنا من أهل العلم عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال : كان الجارود بن المعلّى بن حنش بن معلى العبدي نصرانياً حسن المعرفة بتفسير الكتب وتأويلها عالماً بسِير الفرس وأقاويلها بصيراً بالفلسفة والطب ظاهر الدهاء والأدب كامل الجمال ذا ثروة ومال وأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وافداً في رجال من عبدالقيس ذوي آراء وأسنان وفصاحة وبيان وحجج وبرهان فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف بين يديه وأشار إليه وأنشأ يقول :
يانبي الهـــــــــــــدى أتتك رجالٌ * قطعت فدفداً وآلا فآلا
وطوت نحوك الصحاصح تهـوي * لاتعد الكلال فيك كلالا
كل بهماء قصّر الطرف عنـــــها * أرقلتها قلاصنا ارقالا
وطوتها العتاق يجمح فيــــــــــها * بكُماة كأنجم ٍ تتــــلالا
تتبتغي دفع بأس يومٍ عظيـــــــم  * هائل أوجع القلوب وهالا
ومزاداً لمحشر الخلق طُـــــــراً  * وفراقاً لمن تمادى ضلالا
نحو نورٍ من الإله وبرهانـــــــــ* ـــٍ   وبرّ ونعمة أن تنــــالا
خصك الله يابن آمنة الخيــــــــــ*ــــر بها إذ أتتك سجالاً سجالا
فاجعل الحظ منك ياحجة اللــــــ*ـــه جزيلاً لاحظ خلف ٍ أحالا
قال فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم وقرّب مجلسه وقال له : " ياجارود لقد تأخر الموعود بك وبقومك " فقال الجارود : فداك أبي وأمي أما من تأخر عنك فقد فات حظه وتلك أعظم حوبة وأعظم عقوبة , وما كنت فيمن رآك أو سمع بك فعاداك واتبع سواك وإني الآن على دين قد علمت به , قد جئتك وها أنا تاركه لدينك , أفذلك مما يمحّص الذنوب والمآثم والحوب ؟ ويُرضي الرب عن المربوب ؟
فقال له رسول له صلى الله عليه وسلم : " أنا ضامنٌ لك ذلك وأخلص الآن لله بالوحدانية ودع عنك دين النصرانية " فقال الجارود : فداك أبي وأمي , مدّ يدك فأنا أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قال : فأسلم وأسلم معه أناس من قومه فسُر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه وأظهر من اكرامه ماسروا به وابتهجوا به , ثم أقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي " فقال الجارود : فداك أبي وأمي كلنا نعرفه , وإني من بينهم لعالمٌ بخبره واقفٌ على أمره , كان قسّ يارسول الله سبطاً من أسباط العرب عمّر ستمائة سنة تقفر منها خمسة أعمار في البراري والقفار يضج بالتسبيح على مثال المسيح لايقرّه قرار ولا تكنه دار ولا يستمتع به جار كان يلبس الأمساح ويفوق السُّياح ولا يفتر من رهبانيته يتحسى في سياحته بيض النعام ويأنس بالهوام ويستمتع بالظلام , يبصر فيعتبر ويفكر فيختبر , فصار لذلك واحد تضرب بحكمته الأمثال , وتكشف به الأهوال , أدرك رأس الحواريين سمعان , وهو أول رجل تأله من العرب ووحد وأقر وتعبد وأيقن بالبعث والحساب وحذر سوء المآب وأمر بالعمل قبل الفوت , ووعظ بالموت وسلّم للقضاء على السخط والرضا , وزار القبور , وذكر النشور , وندب بالأشعار , وفكر بالأقدار , وأنبأ عن السماء والنماء , وذكر النجوم وكشف الماء , ووصف البحار , وعرف الآثار , وخطب راكباً , ووعظ دائباً , وحذر من الكرب ومن شدة الغضب ورسّل الرسائل , وذكر كل هائل , وأرغم في خُطبه , وبين في كتبه , وخوف الدهر , وحذر الأُزُر ــ الذنوب ــ وحذر الأمر , وجنب الكفر , وشوق إلى الحنيفية , ودعا إلى اللاهوتية .
وهو القائل في يوم عكاظ : شرق وغرب , ويتم وحزب , وسلم حرب , ويابس ورطب وأجاج ــ اي مالح ويقصد الماء ــ وعذب , وشموس وأقمار , ورياح وامطار , وليل ونهار , واناث وذكور , وبرار وبحور وحب ونبات وآباء وأمهات وجمع وأشتات , وآيات في اثرها آيات , ونور وظلام , ويسر واعدام , ورب وأصنام , لقد ضلّ الأنام , نشوّ مولود , ووأد مفقود , وتربية محصود , وفقير وغني ومحسن ومسيء , تباً لأرباب الغفلة , ليصلحن العامل عمله , وليفقدن الآمل أمله , كلا بل هو إله واحد , ليس بمولود ولا والد , أعاد وأبدى وأحيا وأمات , وخلق الذكر والأنثى , رب الآخرة والأولى . 
أما بعد : فيامعشر اياد , أين ثمودٌ وعاد ؟ وأين الآباء والأجداد ؟ واين العليل والعوّاد ؟ كلٌ له معاد يقسم قس برب العباد , وساطح المهاد , لتحشرن على الإنفراد , في يوم التناد , إذا نفخ في الصور ونقر في الناقور وأشرقت الأرض ووعظ الواعظ , وانتُبذ القانط وأبصر اللاحظ , فويلٌ لمن صدف عن الحق الأشهر , والنور الأزهر , والعرض الأكبر في يوم الفصل , وميزان العدل , إذا حكم القدير وشهد النذير , وبعُد النصير وظهر التقصير , ففريقٌ في الجنة وفريق في السعير , وهو القائل : 
ذكر القلب من جواه ادّكارُ * وليالٍ خلا لهن نهارُ 
وسجالٌ هواطل من غمـــــامٍ  * ثِرن ماءً وفي جواهن نارُ
ضوءها يطمس العيون وأرعـ*ـــاد ٌ شدادٌ في الخافقين تُطار
وقصور مشيدة ٌ حوت الخــــــ* وأخرى خلت بهن قفارُ
وجبالٌ شوامخٌ راسيــــــــــاتٌ* وبحارٌ مياههن غزارُ 
ونجومٌ تلوح في ظُلم الليــــــــ*ــــل نراها في كل يوم تدارُ 
ثم شمسٌ يحثّها قمرُ الليـــــــــ*ــل وكلٌ متابعٌ مــــــــّوار 
وصغيرٌ وأشمط وكبيــــــــــرٌ* كلهم في الصعيد يوماً مزار 
وكبيرٌ مما يقصّر عنــــــــــه * حدسُه الخاطر الذي لايحارُ 
فالذي قد ذكرت دلّ على اللـــ*ــــه نفوساً لها هديٌ واعتبار
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهما نسيت فلست أنساه بسوق عكاظ واقفاً على جمل أحمر يخطب الناس : اجتمعوا فاسمعوا , وإذا سمعتم فعوا , وإذا وعيتم فانتفعوا , وقولوا واذا قلتم فاصدقوا , من عاش مات , ومن مات فات , وكل ماهو آتٍ آت , مطر ونبات , وأحياء وأموات , ليلٌ داج , وسماء ذات أبراج , ونجوم تزهر , وبحارٌ تزخر , وضوء وظلام , وليلٌ وأيام , وبرٌّ وآثام , إن في السماء خبرا , وإن في الأرض عِبرا , يحار فيهن البصرا , مهادٌر موضوع , وسقفٌ مرفوع , ونجوم تغور , وبحارٌ لاتفور , ومنايا دوانٍ , ودهرٌ خوّان , كحد النسطاس , ووزن القسطاس , أقسم قسٌّ قسما , لاكاذباً فيه ولا آثما , لئن كان في هذا الأمر رضا , ليكونن سخط , ثم قال :
أيها الناس إن لله ديناً هو أحب من دينكم الذي أنتم عليه وهذا زمانه وأوانه .
ثم قال : مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمُقام فأقاموا أم تركوا فناموا , والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيكم يروي شعره لنا ؟ فقال أبوبكر الصديق : فداك أبي وأمي أنا شاهدٌ له في ذلك اليوم حيث يقول :
في الذاهبين الأوليـــــــــ *ـــــن من القرون لنا بصائر
لما رأيت مَـــــــــــوارداً * للموت ليس لها مصــــادر
ورأيت قوماً نحوهـــــــأ * يمضي الأصاغر والأكابر
لامَن مضى يأتي إليــــك* ولا من الباقين غــــــابر
أيقنت أني لامحــــــــالة * حيث صار القوم صائــر
قال : فقام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخٌ من عبدالقيس عظيم الهامة طويل القامة , بعيد مابين المنكبين فقال : فداك أبي وأمي وأنا رأيت من قسّ عجبا , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ماالذي رأيت ياأخا بني عبدالقيس ؟ 
فقال : خرجت شبيبتي أربّع بعيراً لي ندّ عني أقفو أثره في تنائف ــ أي صحاري ــ قفاف ذات ضغابيس ــ أي شوك ــ وعرصات جثجاث بين صدور جذعان , وغمير حوذان , ومهمه ظلمان , ورصيع ليقهان , فبينما أنا في تلك الفلوات أجول بسبسبها وأرنق فدفدها , إذا أنا بهضبة في نشزاتها أراك كباث مخضوضلة , وأغصانها متهدلة , كأن بريرها حب الفلفل وبواسق أقحوان , وإذا بعين خرارة وروضة مدهامة , وشجرة عارمة , وإذا أنا بقس بن ساعدة في أصل تلك الشجرة وبيده قضيب .
فدنوت منه وقلت له : أنعم صباحاً , فقال : وأنت فنعم صباحك , وقد وردت العين سباعٌ كثيرة فكان كلما سبعٌ منها يشرب من العين قبل صاحبه ضربه قسٌّ بالقضيب الذي بيده , وقال : اصبر حتى يشرب الذي قبلك فذعرت من ذلك ذعراً شديداً ونظر إلي وقال لاتخف , وإذا بقبرين بينهما مسجد فقلت ماهذان القبران ؟
قبرا أخوين كانا يعبدان الله بهذا الموضع فأنا مقيم بين قبريهما أعبد الله حتى ألحق بهما . فقلت له : أفلا تلحق بقومك فتكون معهم في خيرهم وتباينهم على شرّهم ؟
فقال لي : ثكلتك أمك !! أوما علمت أن ولد اسماعيل تركوا دين أبيهم واتبعوا الأضداد وعظموا الأنداد .
ثم أقبل على القبرين وأنشأ يقول :
خليلي هبّا طالما قد رقدتمـــــــــــا * أجدكما لاتقضيان كـــــــراكُما
أرى النوم بين الجلد والعظم منكما * كأن الذي يسقي العقار سقاكما
أمن طول نومٍ لاتجيبان داعيــــــاً * كأن الذي يسقي العقار سقاكما
ألم تعلما أني بنجران مفـــــــــرداً * ومالي فيه من حبيب سواكمــا 
مقيمٌ على قبريكما لست بارحـــــاً * إياب الليالي أو يُجيب صداكما 
أأبكيكما طول الحياة وماالـــــــذي* يرد على ذي لوعةٍ إن بكاكما 
فلو جُعلت نفسٌ لنفس امرئٍ فداء * لجدت بنفسي أن تكون فداكما 
كأنكما والموت أقرب غايــــــــة * بروحي في قبريكما قد أتاكما 
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( رحم الله قسَّاً , أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده ))  وهذا الحديث غريب جداً من هذا الوجه وهو مرسل , إلا أن يكون الحسن سمعه من الجارود ورواه البيهقي في رواية مشابهة .
فرحم الله قساً وجمعنا وإياه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا . والله الموفق والمستعان , , ,    .
    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق